بغداد - يفتح الاحتكاك الذي وقع، الخميس، في العاصمة العراقية بغداد بين متظاهرين ورجال الشرطة الباب أمام تصاعد غير مسيطر عليه في العنف من الطرفين إزاء بعضهما البعض، في ظرف يشهد توترا شعبيا متزايدا في ظل تردي الوضع الاقتصادي بسبب جائحة كورونا بالتزامن مع النقص الحاد في تجهيز السكان بالكهرباء خلال صيف شديد الحرارة. ووقع الاحتكاك عندما حاولت دورية للشرطة فتح طريق يغلقه المتظاهرون قرب جسر حيوي وسط بغداد، تؤدي تفرعات شوارعه إلى مبنى الحكومة المحلية والسفارة الإيرانية والمنطقة الخضراء، حيث مقر الحكومة الاتحادية. ورفض المتظاهرون السماح للشرطة بفتح الطريق، وتجمهروا حول أحد الضباط واعتدوا عليه، ما دفعه إلى إشهار سلاحه وإطلاق رشقة من الرصاص الحي في الهواء. وبعد انجلاء غبار الاحتكاك، تبيّن أن الضابط تعرض لجروح في رأسه ووجهه وقدمه، لكنه تسبب بجروح أيضا لأحد المتظاهرين، بينما حطم المحتجون زجاج سيارة الشرطة. ودوّن وزير الداخلية عثمان الغانمي شخصيا إفادة ضابط الشرطة أمام عدسة الكاميرا، وسط حشد من الضباط الغاضبين بسبب الاعتداء على زميلهم. ووجه الغانمي بالتقصي عن المتورطين في الاعتداء وإحالتهم إلى الجهات المختصة. وفجّر هذا الاحتكاك الذي بدا صغيرا في شكله كبيرا في مضمونه، جملة توقعات، ذهب أولها إلى اعتباره مؤشرا على يأس المتظاهرين من تحقيق مطالبهم، ما قد يدفعهم نحو تصعيد العنف ضد السلطات الأمنية، بينما يذهب توقع آخر إلى إمكانية أن تتخذ الشرطة هذا الاعتداء ذريعة لتصعيد العنف ضد المتظاهرين. ويقدم العديد من المراقبين تصوّرا مغايرا، يذهب إلى اعتبار أن هذه الحادثة معزولة، ولا تعد مؤشرا على تطور محتمل في سلوك المتظاهرين أو الشرطة، لاسيما مع الإشارة إلى أن المتورطين في هذا الاعتداء هم عناصر في قوات الأمن فروا من الحرب خلال حقبة داعش، وهم يتظاهرون منذ شهور لإعادتهم إلى الخدمة، ما يعني أنهم ليسوا جزءا من النسيج الرئيسي لحركة الاحتجاج. ويقول مدوّنون إن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ربما حرّك عشّ الدبابير، عندما ذهب إلى المحتجين في ساحة التحرير ببغداد، الأسبوع الماضي، ووافق على مطالب نحو 400 منهم بتعيينهم في وزارة الدفاع. ونشطت هذه الخطوة آلاف الشبان من الراغبين في التعيين على ملاك الحكومة، فيما يرى مراقبون أنها بعثت الروح في جسد الحراك الشعبي. ولم تتحول العلاقة من سلبية إلى إيجابية بين الشرطة والمتظاهرين منذ أول احتجاجات شعبية في 2011، برغم تغيّر الحكومات والوزراء.
مشاركة :