ترك قرار اتحاد تركيا لكرة القدم بإقامة نهائي كأس السوبر - بين أبطال الدوري الممتاز هذا الموسم والفائز بكأس تركيا - في قطر عام 2021 عددا كبيرا من الأشخاص في الأوساط السياسية والرياضية التركية في حيرة من أمرهم. يُنظر إلى خطوة الاتحاد على أنها دفع بتركيا إلى أحضان الدولة الخليجية، قطر. ستكون هذه هي المرة الأولى التي تقام فيها المباراة النهائية المرموقة في دولة خارج تركيا أو ألمانيا، التي يعيش على أراضيها ملايين الأتراك. واستشهد اتحاد تركيا لكرة القدم بالوباء كسبب لهذه الخطوة، لكن المنتقدين ونواب المعارضة يعرفون أن كرة القدم التركية متشابكة مع السياسة، وأن السياسة في البلاد كانت منذ فترة طويلة متشابكة مع الدولة الخليجية الغنية بالنفط والغاز. استحوذت “بي إن سبورتس” القطرية على أكبر منصة نشر رقمية في تركيا “ديجيترك” في عام 2015. كما تمتلك “بي إن” أيضا حقوق بث مباريات كأس السوبر. ويُعتقد أن “بي إن” لعبت دورا في قرار نهائي كأس السوبر الذي سيقام في قطر، حيث أوقفت الشبكة القطرية المدفوعات لاتحاد تركيا لكرة القدم وأندية كرة القدم التركية بعد أن أوقفت جائحة كورونا الدوري في مارس. وسبق أن هددت “بي إن” بإلغاء اتفاقية البث المباشر في وقت شهدت فيه الليرة التركية تراجعا ملحوظا، ما لم يعمل اتحاد تركيا لكرة القدم وأندية الدوري الممتاز بسعر ثابت للعملة. ومنذ هذه اللحظة، ظل التعامل المالي بين الطرفين لغزا، حيث لم يكشف اتحاد تركيا لكرة القدم ولا “بي إن سبورتس” عن قيمة التعامل في ما بينهما. وكان النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي، أردوغان توبراك، من بين المنتقدين الصريحين لقرار إقامة نهائي كأس السوبر في قطر. وقال توبراك في تغريدة على تويتر “ما كل هذا الحب بين تركيا وقطر؟ هل ’بي إن’ القطرية تتحكم في كرة القدم لدينا الآن أيضا؟ أم أن هذه استراتيجية تسويقية لبيع نادٍ تركي للقطريين؟”. وقد كانت هناك مناقشات مكثفة حول الفساد في كرة القدم التركية بعد أن قدمت أندية إسطنبول الثلاثة العظيمة (بشكتاش وفنربخشة وغلطة سراي) أداء غير متميز هذا العام. عزا المنتقدون هذا الموسم الضعيف إلى تعيينات الحكام والأخطاء الناجمة عن التدخل على مستوى الدولة. يتلقى الفريقان اللذان يتصارعان على صدارة الدوري الممتاز، باشاك شهير وطرابزون سبور بإسطنبول، يد العون من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وصهر أردوغان، وزير الخزانة والمالية بيرات البيرق. وفي يوليو، احتفل نادي باشاك شهير بأول بطولة له في الدوري التركي الممتاز بعد أن تعرض منافسه طرابزون سبور لهزيمة مفاجئة على يد نادي كونيا سبور. وهزم طرابزون سبور ألانيا سبور ليفوز بكأس تركيا أواخر يوليو الماضي. وفي يونيو، رفعت نقابة المحامين في طرابزون شكوى جنائية ضد رئيس نادي باشاك شهير وأعضاء من اتحاد تركيا لكرة القدم بزعم التأثير على قرارات الحكام ضد طرابزون سبور. ولكن صادف أن رئيس نادي باشاك شهير، غوكسيل غوموشداغ، تربطه صلة قرابة بزوجة أردوغان، أمينة. وتعد سلسلة مستشفيات “مديبول”، المملوكة لوزير الصحة التركي فخرالدين قوجة، هي الراعي الرسمي الرئيسي لنادي باشاك شهير، الذي يقول أردوغان إنه أسسه بنفسه. يتلقى كلا الفريقين دعما حكوميا جادا، حيث يوفر المقاولون المرتبطون بالحكومة والمصارف العامة الدعم المالي والموارد الإعلانية والرعاية. وشهدت الاحتفالات ببطل الدوري الممتاز 2019 – 2020 باشاك شهير ظهور أردوغان ونجله بلال. وفي الوقت نفسه، غطّى عدد من وسائل الإعلام، مثل صباح، التي يرأسها شقيق البيرق، سرحات البيرق، وآيه هابر، وآيه سبور، وفناتيك، و”آيه تي.في” بطولة باشاك شهير باعتبارها مشكوكا فيها، مشيرة إلى بعض الممارسات المتعمدة من قبل الحكام في بعض المباريات. وهناك حديث في الأوساط السياسية والحكومية عن أن بطل الدوري الممتاز باشاك شهير ستستحوذ عليه قطر هذا الموسم. تم إطلاق نفس الادعاء العام الماضي، ولكن بشرط أن تزيد قطر من القيمة السوقية للنادي وأن النادي يفوز بالحق في المشاركة في دوري البطل الممتاز الموسم المقبل، وهما شرطان تم الوفاء بهما. وفي غضون ذلك، دافع رئيس اتحاد تركيا لكرة القدم، نهاد أوزدمير، عن إقامة نهائي كأس السوبر في قطر، قائلا إن الأندية ستكسب المال من خلال هذه الخطوة، في حين ستُمنح فرق الدوري التركي فرصة لعرض نفسها. تظهر الصورة الحالية في كرة القدم التركية – التي تتورط في سياسات البلاد – قاتمة، وتتعرض بشكل متزايد لتأثير أحد الحلفاء الأجانب لتركيا، ألا وهو دولة قطر.
مشاركة :