واصلت إيران سياسة التحايل على العقوبات الأميركية وهذه المرة برمي الكرة الملتهبة إلى المواطنين وذلك ببيع صكوك نفطية لهم لدعم الخزانة العامة للدولة وسد الفجوة في الموازنة الناتجة عن تبخر عوائد صادرات النفط وتداعيات الوباء. طهران - كشفت إيران عن اعتزامها دعم خزائن الدولة ببيع صكوك نفطية للمواطنين في خطوة تعكس نقل قيادات طهران لتبعات انهيار النفط والعقوبات الأميركية إلى كاهل مواطنيها في مواصلة لسياسة الالتفاف والهروب إلى الحلول الترقيعية. وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني الأربعاء إن “إيران تعتزم البدء في طرح أوراق مالية معززة بالنفط على مواطنيها، في إطار جهود الحكومة لتعزيز خزائن الدولة التي تعصف بها العقوبات الأميركية وأزمة فايروس كورونا”. يعاني اقتصاد إيران منذ 2018 عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بين طهران والقوى الدولية الست وأعادت فرض العقوبات التي تخنق تجارتها النفطية، فضلا عن تأثير تدني أسعار الخام. وقال روحاني خلال اجتماع لمجلس الوزراء بثه التلفزيون “الذهب والدولار ليسا مناسبين للاستثمار. لكن سوق الأسهم والنفط مناسبان”. وأضاف “الحكومة تبذل كل ما بوسعها للسيطرة على السيولة والتصدي للعقوبات النفطية. الخطة ستساعد الاقتصاد وتوفر الدخل لشعبنا”. ويواجه رجال الدين الذين يحكمون إيران ضغوطا اقتصادية متصاعدة ويرغبون في الحيلولة دون تجدد المظاهرات التي اندلعت في الأعوام الأخيرة بسبب مشاكل اقتصادية ثم تحولت إلى احتجاجات سياسية. وأوردت وسائل إعلام إيرانية أن الخطة تتضمن نحو 220 مليون برميل من النفط في بورصة الطاقة الإيرانية، من خلال سندات “سلف إسلامية”. وقال محمود واعظي رئيس مكتب رئيس الجمهورية في تصريحات للتلفزيون الرسمي إن “الخطة ستسمح للإيرانيين بشراء من برميل إلى 100 ألف برميل من النفط أو أكثر”. ولكن المحللين يقولون إن الفكرة لن تحسن من قدرة إيران على تمويل الميزانية في المدى الطويل في ظل انهيار إيرادات النفط. حسن روحاني: نحاول السيطرة على السيولة والتصدي للعقوبات النفطية حسن روحاني: نحاول السيطرة على السيولة والتصدي للعقوبات النفطية وقال هنري روم، المحلل في مجموعة أوراسيا، “هذه الاستراتيجية ستخلق عبء دين كبير سيكون على الحكومة مواجهته، مما سيزيد الضغط للدخول في مفاوضات من أجل تخفيف العقوبات في السنوات القادمة”. كما يقول المحللون إن إيران مصرة على تحدي العقوبات الأميركية بعدم توقيف صادراتها النفطية، وهذا الأمر سيزيد من تخمة المعروض في الأسواق العالمية وقد يؤدي إلى ظهور سوق سوداء للنفط. وكانت تقديرات لصندوق النقد الدولي في أبريل قد أشارت إلى أن عجز ميزانية إيران قد يصل إلى عشرة في المئة هذا العام مقارنة مع 5.7 في المئة في 2019. وكتب عبدالناصر همتي رئيس البنك المركزي على إنستغرام يقول “عجز ميزانية الحكومة بسبب العقوبات النفطية هو أمر واقع”، مضيفا أن مبيعات النفط ستساهم في إدارة التضخم ودر الأرباح على الإيرانيين. وتأتي خطة النفط بعد أن شجعت السلطات الإيرانيين على الاستثمار في السوق المحلية عن طريق بيع حصص في شركات مملوكة للدولة، في خطوة يقول المحللون إنها قد تزيد مخاطر تكون فقاعة بسوق الأسهم. وتقدر صادرات إيران النفطية حاليا بين 100 و200 ألف برميل يوميا، انخفاضا من 2.5 مليون برميل يوميا في أبريل 2018. وكانت إيرادات إيران النفطية ارتفعت بعد إبرام الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية عام 2015 مما وضع حدّا لنظام عقوبات فُرض على طهران قبل ذلك بثلاث سنوات بسبب برنامجها النووي المثير للجدل. ولكن أعيد فرض عقوبات جديدة بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق في العام 2018 وهي العقوبات الأميركية الأكثر إيلاما على طهران. ويرى معهد التمويل الدولي أنه إذا استمرت العقوبات الأميركية “فبعد عامين من الركود الشديد، سيظل النمو ضعيفا على المدى المتوسط وسيرتفع معدل البطالة أكثر ليتجاوز 20 في المئة وستواصل الاحتياطات الرسمية تراجعها إلى حوالي 20 مليار دولار بحلول مارس 2023”. وأضاف المعهد أنه إذا جرى رفع العقوبات الأميركية في المقابل فإن نمو الاقتصاد الإيراني قد يتجاوز 6 في المئة سنويا على أن تستأنف الاحتياطات ارتفاعها إلى 143 مليار دولار وقد يتضاعف الناتج المحلي الإجمالي إلى مثليه ليصل إلى 639 مليار دولار بحلول مارس 2024. وعمقت هذه الصعوبات الأزمات الاجتماعية في إيران حيث يتوقع المسؤولون ارتفاع تكاليف السكن والمعيشة بنحو 40 في المئة في ظل التضخم الكبير والكساد الذي تفاقم بسبب الوباء وتزايد وطأة العقوبات. ويرى محللون أن تزايد انغلاق النافذة العراقية، التي كانت تشكل أكبر رئة اقتصادية لإيران، فاقم تداعيات أزمة تفشي الوباء في إيران، التي يقول مسؤولون إنها أكبر بكثير من الأرقام المعلنة. كما تأثر الاقتصاد الإيراني من انهيار صادرات السلع إلى العراق بسبب حملات واسعة لمقاطعتها من قبل العراقيين منذ انطلاق احتجاجات واسعة في أكتوبر الماضي ضد الأطراف السياسية العراقية الموالية لإيران. وتكشف تحركات إيران من خلال بيع صكوك نفطية للمواطنين استمرارها في منهج التحايل والالتفاف على العقوبات. وخلال سنوات العقوبات الغربية قبل الاتفاق النووي كانت إيران تلجأ إلى التحايل، مثل الخصومات والمقايضة والتهريب وتمديد فترات الائتمان على مبيعات النفط من أجل الحفاظ على ما يقرب من 800 ألف برميل يوميا من صادراتها النفطية التي تعتبر المصدر الرئيسي للأموال التي تدفعها الحكومة كرواتب للموظفين. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :