أكد عدد من القانونيين في تعليقهم على مرسوم مكافحة التمييز والكراهية الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أنه دعوة للتسامح، يظهر الثقافة الأصيلة للمجتمع الإماراتي المتماسك الذي ضرب أروع الأمثلة في التعايش مع غيره من المجتمعات، على اختلاف أعراقها ومنابتها، حيث يقيم على أرض الإمارات الكثير من الجنسيات ولكل منها سماته، إلا أن القانون وأصالة المجتمع، أنتجت نسيجاً قوياً متعايشاً، يلفظ كل من يتبنى خطاب الكراهية أو يكيل بمكيالين بين البشر تبعاً لدينهم أو عرقهم أو لونهم. واعتبروا أن القانون بما جاء به من أحكام بحق كل من يتطاول على الأديان أو يزدريها أو يشيع خطاب الكراهية، أو يميز بين البشر بناء على العرق والمذهب والدين والأصل الاثني، يمثل حصانة وضمانة حقيقية للمجتمع، فضلاً عن أنه يشكل رادعاً لكل من تملي عليه نفسه ممارسة التصنيف بين أصحاب الأديان، أو بين أبناء الدين الواحد، بناء على أوهام ورؤى قاصرة نبتت فيها وفي أصحابها رغبة محمومة في التكفير تارة، وفي القتل وإثارة الفوضى تارة أخرى، فضلاً عن أن القانون شخص وعالج معضلة كبيرة يشهدها العالم العربي حالياً حيث تنتشر فيه الصراعات الطائفية والمذهبية، التي أسهمت في تدمير بلدان عربية كبيرة. تأكيد سماحة الإسلام قال طارش المنصوري مدير عام محاكم دبي، إن القانون الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، إنما هو تأكيد لسماحة الإسلام وتعاليمه التي تحض على التعايش والتسامح لتشيع المحبة بين أفراد المجتمع، لذلك يمكن اعتبار القانون تتويجاً لقانونين، يجرمان ازدراء الأديان وغيرها من الممارسات المنبوذة من قبل المجتمع الإماراتي الذي عرف عنه التسامح والتعايش. وبين المنصوري أن القانون جاء على وجه التخصيص في حال التطبيق لكي يوفر للقضاء حال ورود أي جرائم من تلك التي نص على المعاقبة عليها، آلية واضحة للتعامل معها، حيث حرص المشرع على تبيان الجرائم وما يلحق بها، سواء كانت جرائم ازدراء للأديان أو الإتيان بخطابات من شأنها أن تشيع الكراهية والنعرات الطائفية أو أي وجه من أوجه التميز بين بني البشر، على أساس العرق أو الدين أو اللون أو الأصل الاثني. 4 ميزات عن مثيلاته أما زايد الشامسي، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين، فقد لفت إلى أن القانون جاء به أربع ميزات عن مثيلاته الواردة في قانون العقوبات، منها أن العقوبات المنصوص عليها، وهي السجن والغرامة جاءت مغلظة، في حين أن القوانين السابقة حددت العقاب بالحبس لمدة قصيرة، أما القانون الحالي فقد حدد الحبس بمدة تتراوح بين خمس سنوات وسبع سنوات، والغرامة المالية المغلظة، التي تصل في حدها الأعلى إلى مليوني درهم، فضلاً عن أن القانون الجديد عاقب ممثل الشخص الاعتباري، وأتاح مصادرة الأموال والأدوات التي أسهمت في الجريمة المنصوص عليها بالمرسوم، كما أن المرسوم أوجد عقوبات تكميلية كحل يمثل الشخص الاعتباري، سواء كان جمعية أو تنظيماً، أنشئت بموجب القوانين المنظمة لإنشاء الجمعيات، وكذلك أتاح الإبعاد لكل من يأتي بمثل هذه الجرائم بالنسبة للأجانب، كما أعطى القاضي سلطة إعفاء المذنب من العقوبة في حال اعترف المتهم، ودل على آخرين شاركوا بالجرم، واعتبر أن القانون جاء ليحل معضلة تعيشها أجزاء كبيرة من الوطن العربي الذي يشهد صراعات أساسها طائفي. أصالة وإنسانية المجتمع من ناحيتها أكدت المحامية إيمان الرفاعي أن المرسوم الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بشأن مكافحة التمييز والكراهية، إنما هو دليل على رفعة وسمو ومكانة دولة الإمارات التي اجتازات ببنيتها القانونية وما يصدر عنها من تشريعات أرقى الدول المتقدمة في العالم. وبينت أن القانون في الإمارات إنما هو تعبير عن أصالة وإنسانية المجتمع الإماراتي الذي يرفض بطبيعته أي نوع من أنواع التمييز تكريسا لمبادئ الفضيلة التي أسسها فيه نهج المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأكدها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حيث جاء هذا المرسوم بمثابة تتويج حقيقي لمسيرة الإمارات التي تحترم الإنسان لإنسانيته بغض النظر عن دينه أو مذهبه أو بلده. وأضافت: التشريعات الإماراتية غنية بمواد تحظر التفرقة بناء على الدين أو المذهب أو الأصل الإثني، لذلك يمكننا القول إن شرعة حقوق الإنسان العالمية احترمتها الإمارات، وأعلت من شأنها وجاء هذا المرسوم كدليل على ذلك. واعتبرت أن القانون يشكل حصنا ومناعة للمجتمع لمواجهة كل من أخذ على عاتقه تأجيج الفتن الطائفية والاثنية، وهو انعكاس طبيعي لما وصلت إليه الإمارات من مكانة مرموقة على المستوى الإنساني في أكبر المؤشرات التي تقيس مدى انسجام المجتمع وتماسكه. رادع في العقوبات والغرامات بدوره أكد المحامي يوسف البحر أن إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، مرسوماً بقانون رقم 2 لسنة 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية، جاء في وقته، مشيراً إلى أن القانون يحتوي على عقوبات مغلظة تصل إلى الإعدام لمن يستغلون الدين في تكفير الآخرين والتحريض على القتل، ويحتوي أيضاً على غرامات عالية رادعة. وأشار إلى أن القانون يساير مستجدات العصر ويتعاطى مع نشر الأفكار الهدامة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث جرم بعبارة صريحة كل قول أو عمل من شأنه إثارة الفتنة أو النعرات، أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات من خلال شبكة المعلومات أو شبكات الاتصالات أو المواقع الإلكترونية أو وسائل تقنية المعلومات أو أي وسيلة من الوسائل المقروءة أو المسموعة أو المرئية، وذلك بمختلف طرق التعبير كالقول أوالكتابة أو الرسم. وأكد أن القانون الجديد لا يحتوي فقط على عقوبات رادعة من جهة السجن بل تميز بوضعه غرامات عالية القيمة لما لهذا النوع من الجرائم من خطر على المجتمع فتصل قيمة الغرامة إلى مليوني درهم حال تطاول أحد على الذات الإلهية أوالطعن فيها أو المساس بها أو الإساءة إليها أو التطاول على أحد الأنبياء أو الرسل أو زوجاتهم أو آلهم أو صحابتهم أو السخرية منهم، أو المساس بهم أو الإساءة إليهم بإحدى طرق التعبير أو غيرها من الصور الأخرى أو باستخدام أي من الوسائل. كما رأى في القانون أنه أداة ردع لكل من يستعين بفهمه القاصر في تصنيف حتى أبناء الدين الواحد خاصة أن التكفير والقتل بات ظاهرة مشهودة في العديد من الدول العربية. سيف الشامسي: يعزز التسامح ووحدة الوطن اعتبر العميد سيف الزري الشامسي قائد عام شرطة الشارقة، صدور قانون مكافحة التمييز والكراهية وما تضمنه من تجريم لكل الأفعال المرتبطة بالتمييز وازدراء الأديان وإثارة الكراهية، بالقول أو العمل، أو من خلال استغلال وسائل الاتصال والإعلام، يضع حداً لأشكال التعبير أو الممارسات كافة التي تشكل تهديداً لأمن المجتمع واستقراره، ووحدته الوطنية، أو تسعى إلى بث الفرقة وإشاعة التناحر والبغضاء والكراهية بين أبنائه، تحت أي ذريعة أو مبرر، كما يعزز القانون احترام الأديان. وأعرب عن اعتزازه وجميع أبناء الوطن بالخطوات التي تتخذها القيادة الرشيدة لحماية كيان الدولة والمجتمع، والمحافظة على ثوابته وقيمه وأعرافه والذود عن مقدساته في وجه محاولات الدس والوقيعة وإثارة الفتن، التي تنتهجها بعض الجماعات والتنظيمات والأصوات النشاز، سعياً إلى بث سمومها وأحقادها ونشر الفوضى والعنف والخراب في دول المنطقة، ومن بينها صدور هذا القانون الذي يضع أجهزة الدولة ومؤسساتها الأمنية أمام مسؤولياتها في التصدي لأي محاولة تزعزع الاستقرار. وأضاف: إن صدور القانون يعزز بنية التسامح في الدولة ويرسخ وحدتها الوطنية، ويحمي جميع فئات المجتمع وبصفة خاصة فئة الشباب الأكثر تأثراً بالرسائل السالبة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي تستغلها بعض المنظمات والجماعات الإرهابية في تسميم عقول الشباب والمجتمعات، حيث نجد أن كافة الصراعات القائمة، هي صراعات دينية وعقائدية تعمد إلى إثارتها بعض الجماعات ذات الأفكار الهدامة والمضللة والمتاجرين باسم الدين، وقال: إن القانون يبرهن للعالم أجمع، أن دولة الإمارات، سوف تواصل دورها الفعال، في نشر ثقافة السلام والتعايش والتسامح واحترام الأديان والمعتقدات، كما يأتي إضافة جديدة لسجل الإنجازات الحضارية، التي عززت من خلالها دولة الإمارات موقعها كقوة محبة للسلام والاستقرار في العالم.
مشاركة :