متابعة: ضمياء فالحيستعيد النجم الكرواتي لوكا مودريتش ذكرياته في منزل العائلة بضواحي زادار حالياً ، ذكريات تتنوع بين السعيدة والحزينة. وتلقى مودريتش تعليمات بعدم اللحاق بتمرينات فريقه قبل الموسم حتى 30 أغسطس الجاري كي يتسنى له استعادة حيويته مع زوجته وأولاده الثلاثة. تجول عينا مودريتش بين الجبال على بعد 25 ميلاً والبحر الأدرياتيكي ويعلق:« الذكريات السعيدة تعود لي عندما أذهب لمركز المدينة أو أتنزه على الشاطئ حيث كنت ألعب الكرة مع أصدقائي. مررت بظروف صعبة في مختلف المجالات لكن رغم كل شيء عشت طفولة سعيدة وأحاول تذكر الإيجابيات كي يكون العيش أسهل».الطفولة السعيدة لمودريتش توقفت عند سن الـ6 عندما قتل جدّه في 18 ديسمبر 1991 صبيحة اندلاع حرب استقلال كرواتيا عن صربيا لكنه الآن بسن الــ35 والنجم الوحيد الذي خطف الكرة الذهبية من ميسي ورونالدو في الــ12 عاماً الأخيرة. حامت الشكوك حول قدرته البدنية في مواجهة الخصوم والكثير وصفوه بأنه طفل في عالم الرجال لكنه مثل داود أمام جالوت، صغير الحجم بقلب قوي. اكتسب لوكا سرعته من شدة الجري نحو الملجأ تحت الأرض في زادار فور سماع صفارة الإنذار وصبره من العيش في غرفة فندق للاجئين ومن فقدان جده ويقول:«أنا منغلق بعض الشيء ولا أحب المقابلات إلا إذ اضطررت لها ولا أحب تسليط الضوء عليّ». الآن يفتح لوكا قلبه للحديث عن جدّه لوكا الذي سمي تيمناً به ويقول:«كنت شديد التعلق بجدّي، والدي سماني على اسمه ولم يكن من السهل علي وأنا صغير تصور معنى موته وأنه لم يعد معنا». نجم الريال كان أول حفيد للجد القاسي الملامح الذي يعمل في صيانة المنازل ورعي الغنم في الجبال وفوجئت العائلة بحجم الحنان والرقة التي طرأت على شخصية الجدّ تجاه الصغير الذي بدلاً من الذهاب إلى الحضانة كان والداه اللذان يعملان في مصنع ملابس يتركانه في منزل الجدّين الحجري على بعد بضعة أميال. كان يذهب لوكا مع جده للرعي وصيد الأرانب ويعلق في كتاب سيرته الذاتية:«شعرت بحنانه وحبّه لي، كان يبقى بالقرب من سريري حتى أنام ويعلمني بصبر وتواضع وكنت أتلهف للعودة لذلك البيت الحجري في جبال فيلبيت وعندما تعلمت المشي كان يأخذني معه أينما يذهب سواء لإزالة الثلج أو أخذ الماشية للحلب أو شراء مواد بناء أو الرعي. كان يعتبرني مساعده الأول».رفض الجد ترك منزله في الجبال بعد فرار الناس عقب أنباء عن سيطرة الصرب على المنطقة وفي يوم مقتله صرخ جنود صرب عليه:«من أنت وماذا تفعل هنا؟ هذه أرض صربية» ثم أردوه قتيلاً من مسافة قريبة بالرشاش وتركوه على الأرض وواصلوا السير ولم يجلب أي من القتلة إلى العدالة حتى الآن. عثر والد لوكا على الجثة لاحقاً وجلبه للمنزل ويعلق نجم الريال:«لم أكن أعرف ماذا جرى عندما شاهدت جدي صريعاً، الشيء الوحيد الذي شعرت به هو الحزن، أخذ والدي بيدي وتوجه بي نحو التابوت وقال لي «قل وداعاً لجدك». قلبي ينكسر في كل مرة أتذكر أنه قتل في مكان عيشه، حرفياً على عتبة باب منزله». في عمر 10 سنوات طلب المعلم من التلاميذ كتابة قصة أثرت فيهم وتلك كانت أول مرة يكتب فيها لوكا عن جده وقال:«صحيح أنني صغير السن لكنني اختبرت الكثير من الخوف في حياتي. الخوف من الحرب والقصف وأحاول الآن نسيان الماضي تدريجياً. مشاعر الخوف التي لن أنساها حدثت قبل 4 سنوات عندما قتل التشيشنك ( مفارز تابعة للجيش الصربي ) جدّي. أحبه كثيراً والجميع بكوا عليه وأتساءل إن كان الذين قتلوه وشردونا يعتبرون بشراً ؟». لوكا اليوم لا يشعر بالحقد تجاه الصرب ويقول:«لا مكان للكراهية في قلبي، أحياناً تحصل المآسي، ما جرى لا يمكن نسيانه لكنه ماضٍ وتصالحنا معه. لست المسؤول عن جلب القتلة للعدالة، فهذا واجب المسؤولين. جدّي معي في كل اللحظات السعيدة، أقول للصغار لا تيأسوا من تحقيق أحلامكم حتى لو وقف الجميع ضدكم ليس فقط في الرياضة، بل في كل مجالات الحياة. أنا مقاتل بطبعي ولم يطرأ على بالي أبداً أن أرفع الراية البيضاء بسبب كلمة من أي أحد. صدمة والدي من مقتل جدي ومحاولته إبعادنا أنا وشقيقتي عن التأثر بالحرب علمتني أنه كلما صعبت الحياة زادت نسبة تحمل الشخص».
مشاركة :