بعد فترة تعليق دامت أسبوعاً بسبب الخلافات، استؤنفت المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، أمس، حول تنظيم عملية ملء وتشغيل «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على نهر «النيل الأزرق»، ويثير مخاوف في القاهرة والخرطوم بشأن تأثيره على إمداداتهما من المياه.وعقد الاجتماع الذي استمر حتى وقت متأخر بمشاركة وزراء الخارجية والموارد المائية للدول الثلاث، عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، وبحضور ممثلين عن الاتحاد الأفريقي الذي يرعى المفاوضات. ويأتي استئناف المفاوضات في ظل تقارب في المواقف بين القاهرة والخرطوم، خاصة تجاه ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل السد.وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد حافظ، في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «بمشاركة وزير الخارجية سامح شكري، ووزير الموارد المائية والري د. محمد عبد العاطي، عقدت فعاليات اجتماع وزراء الخارجية والري لمصر وإثيوبيا والسودان لاستئناف المفاوضات حول ملء وتشغيل سد النهضة».وأعلن السودان استكمال المفاوضات يوم الثلاثاء المقبل، وطالب في خطابه، أمس، بحسب «العربية»، بضرورة العودة للأجندة التي حددها خطاب رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، بتاريخ 4 أغسطس (آب) الحالي، وتقرير الخبراء المقدم للقمة الأفريقية المصغرة، بتاريخ 24 يوليو (تموز) الماضي.وجرى تعليق اجتماعات اللجان الفنية والقانونية لمفاوضات سد النهضة الأسبوع الماضي، بطلب من القاهرة والخرطوم، بعد اختلافهما مع إثيوبيا على مسودة الخطوط الإرشادية وقواعد ملء سد النهضة.وتعقد المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي، وحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وخبراء مفوضية الاتحاد الأفريقي، بهدف الوصول إلى اتفاق ملزم بخصوص ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي. وتسبب رفض مصري - سوادني لطرح إثيوبي بـ«اتفاق جزئي» لحل نزاع «سد النهضة» في تعليق المفاوضات قبل نحو أسبوع. وبحسب مسؤولي الدولتين، فإن المُقترح الإثيوبي يشكل تراجعاً عما اتفق عليه في قمة هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي، ولا يتضمن اتفاقاً نهائياً شاملاً على القضايا محل الخلاف، ويقصره على المرحلة الأولى لملء السد، دون قواعد تشغيله، أو أي عناصر تعكس إلزاميته.وتخشى القاهرة تضرر حصتها السنوية من مياه النيل، وهي 55.5 مليار متر مكعب، التي تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة، بينما ترغب إثيوبيا في أن يتضمن أي اتفاق نهائي تقاسم مياه نهر النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل، التي تقول إثيوبيا إن مصر تحصل على نصيب الأسد فيه.وكانت القاهرة والخرطوم أكدتا ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل السد. وشدد بيان مشترك بعد اجتماع لرئيسي وزراء البلدين بالعاصمة السودانية أول من أمس على الالتزام بتعزيز التعاون الثنائي في مجالات مختلفة.وقال الجانبان، في بيان تلاه فيصل محمد صالح، وزير الثقافة والإعلام السوداني: «إن المفاوضات هي السبيل الأمثل لحل قضية سد النهضة، و(البلدان) يتطلعان لنجاح المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي». ومنذ 2011، تتفاوض الدول الثلاث للوصول إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، لكنها رغم مرور هذه السنوات أخفقت في الوصول إلى اتفاق.وتمسك السودان في الاجتماع الذي عقد أمس، بمشاركة وزراء الخارجية والمياه للدول الثلاث، بضرورة العودة للأجندة التي حددها خطاب رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، في مطلع أغسطس (آب) الحالي، وتقرير الخبراء المقدم للقمة الأفريقية المصغرة التي عقدت في يوليو (تموز) الماضي.وشكل ملف سد النهضة حضوراً قوياً خلال المباحثات التي أجراها رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، خلال زيارة الأول للخرطوم أول من أمس.وأكد الجانبان ضرورة التفاوض للتوصل لاتفاق مُلزم حول ملء وتشغيل السد، بما يحفظ حقوق ومصالح الدول الثلاث. كما اتفقا على أهمية وجود اتفاق على آلية فاعلة ملزمة لتسوية النزاعات، وآلية للتنسيق بين الدول الثلاث، بما يضمن سلامة تشغيل جميع المنشآت والمشاريع المائية التي تتأثر بالسد.وأشار بيان وزارة الري السودانية إلى أن الاجتماع يأتي في إطار جهود الاتحاد الأفريقي لاستئناف المفاوضات الخاصة بملء وتشغيل سد النهضة والمشروعات المستقبلية. وجدد السودان التزامه بالعودة للمفاوضات بروح التضامن الأفريقي، وعلى أساس الأجندة التي تم الاتفاق عليها سابقاً، بالإضافة إلى مبادئ القانون الدولي الخاصة بالاستخدام المتساوي للموارد المائية، من دون التسبب في أضرار للأطراف الأخرى.وشدد الوفد السوداني في الاجتماع على أن التوصل لاتفاق شامل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة والمشروعات المستقبلية يمثل دليلاً إضافياً على تعزيز التعاون الإقليمي، وتأكيداً لمبدأ البحث عن «حلول للمشكلات الأفريقية». وأشار إلى تجاوب الاجتماع مع موقف السودان الذي دعا فيه لتأجيل المفاوضات الثلاثية لمدة أسبوع لمزيد من المشاورات.
مشاركة :