ماذا تريد قطر وتركيا من الصومال؟.. سؤال يفرض نفسه على الساحة السياسية بعد جر الدولة الإفريقية للحرب في ليبيا واستخدامها قاعدة لشن حروب بالوكالة ضد قوى إقليمية أخرى، ما سيورطها في مشاكل أكبر، ومحاولة السيطرة على شؤونها السياسية والاقتصادية عن طريق تغلغل الدوحة وأنقرة في مفاصل الدولة.وحذر المدير السابق للاستخبارات الصومالية والسفير السابق لدى تركيا وبريطانيا، عبدالله محمد علي، في مقال بموقع «ناشيونال إنترست» الأمريكي بعنوان «على الصومال إنقاذ نفسها من قطر» من خطر النفوذ القطري، مؤكدًا أن وصول محمد عبدالله فرماجو إلى الرئاسة في الصومال في 2017 كان تحوّلًا إيجابيًا لتطوير البلاد، وإصلاح مكامن الخلل، ولكن حكمه كشف كم كان هذا التفاؤل مبالغًا فيه بل ساذجًا.مشيرًا إلى أنه اليوم، وبعد تفاقم المشاكل الأمنية، وانهيار الاقتصاد والتوتر في العلاقة مع الولايات الصومالية، والسياسة الخارجية المتنافرة، أصيبت معظم مؤسسات الدولة بالشلل، بالتزامن مع اجتياح فيروس كورونا البلاد، فيما تعيش العاصمة مقديشو تحت الإغلاق المزدوج بسبب الفيروس والإرهاب المتنامي.ويعتبر الكاتب أن مشاكل الصومال بسبب تحالف فارماجو مع قطر التي تؤثر سلبيًا على السياسة والدبلوماسية الصومالية، لافتًا إلى رغبة قطر في استخدام الصومال قاعدة لشن حروب بالوكالة ضد قوى إقليمية أخرى، ما سيعمّق تأثيرها على السياسة الخارجية الصومالية أكثر ويورطها في مشاكل أكبر.وأوضح المدير السابق للاستخبارات الصومالية أنه في الأشهر الماضية، تعزز التباعد بين إدارة فارماجو بناءً على طلبات الدوحة وشركاء الصومال الإستراتيجيين والتاريخيين، في الخليج ومصر لتصبح الصومال أكثر اعتمادًا على قطر وارتهانًا لها، رغم فشل الدوحة في تحقيق المشاريع الكثيرة التي وعدت بها مقديشو، إضافة إلى نسف هذه السياسة لكل المكاسب الأمنية التي تحققت في الصومال، قبل التحالف مع قطر.ويؤكد السفير السابق للصومال لدى تركيا وبريطانيا، إلى أن العديد من الحوادث الإرهابية، والاغتيالات لحكام أقاليم صومالية مختلفة، تحمل بصمات قطرية واضحة، مشيرًا إلى تسجيل نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» لمكالمة هاتفية في 2019 للسفير القطري في الصومال، أكد ضلوعه المباشر في عملية اغتيال مدير ميناء بوساسو الساحلية.ويرى الكاتب أن التدخل القطري في السياسة الصومالية الداخلية، يهدد بتقويض آمال الصوماليين في دولة قوية، ذات سيادة وقادرة على تأمين احتياجات الشعب الصومالي، وتحقيق أهدافه، خاصةً في ظل تشجيع قطر لفارماجو للانقلاب على النظام السياسي في البلاد، وإلغاء النظام السياسي الفيدرالي، الذي ساهم نسبيًا في الحد من ويلات الحرب الأهلية.تجنيد الشبابفيما ذكر موقع «صومالي غارديان» أن نحو 2000 شاب صومالي تم تجهيزهم ونشرهم من قبل حلف أنقرة والدوحة في جبهات القتال في ليبيا.ونقل الموقع عن شباب صوماليين مجندين في الجيش القطري، أن الكثير من مواطنيهم موجودون فعلًا في الجبهة الليبية المشتعلة، لافتًا إلى أن المجندين الصوماليين في جيش الدوحة حصلوا على الجنسية القطرية فيما لا يزالون يعانون من سمعتهم كمرتزقة، موضحين أن عوامل الفقر والبطالة هي ما سهّلت لقطر رميهم في أتون الحرب المندلعة.وأكد الموقع أن قطر جنّدت 5 آلاف شاب صومالي للانخراط في جيشها بعد إعلان مقاطعتها من قبل الرباعي العربي بسبب دعمها للإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة.ولفت الموقع إلى أن تركيا تحذو حذو قطر في تجنيد الشباب الصوماليين لخدمة أغراضها الخاصة، حيث تشير المعلومات إلى تحكم تركيا في مئات المقاتلين من القوات الصومالية الخاصة، يجري تدريبهم وتجهيزهم من طرف قيادات عسكرية تركية في مقديشو.طرد العملاءوفي تطور لافت ضد التدخل القطري، أعلنت قبيلتا «هبرغدير» و«مودولود» أكبر قبيلتين في الصومال تضامنهما وتحالفهما لخوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة؛ بهدف طرد الرئيس الموالي لقطر «محمد عبدالله فرماجو» وكافة «عملاء قطر» من القطاعات والأقاليم.وعقدت عشيرة «مودولود» اجتماعًا حاشدًا بالعاصمة الصومالية مقديشو، واتهمت فرماجو بالتقصير في تحرير البلاد من حركة «الشباب» الإرهابية، وحذرته من إدخال «ميليشيات أجنبية» قد يستخدمها في تمرير أهدافه السياسية.وأعلنت القبيلة رفضها لأطماع فرماجو في تمديد فترة رئاسته مسنودًا بدعم قطري لتأمين استمرار سيطرة قطر على مفاصل الدولة بعد سيطرتها على الاستخبارات عبر رجلها «فهد ياسين» المذيع السابق بقناة الجزيرة.الأطماع التركيةيسعى الرئيس التركي أردوغان لتحويل الصومال لولاية خاضعة لبلاده، وإبعادها عن محيطها العربي، وإلغاء هويتها العربية وطمسها، وذلك بتتريك أسماء الشوارع والمستشفيات، وإنشاء مدارس لتعليم الأطفال اللغة التركية، وارتهان قرار حكوماتها لصالح مشروعه في المنطقة والقرن الإفريقي.وبدأ التغلغل التركي داخل الصومال، بحسب عبدالله إبراهيم أمين عام «حزب العهد» المعارض منذ عام 2011 بالتخلص من المدارس المصرية والبعثات الأزهرية، وتأسيس مدارس تركية يديرها أتراك ويعلمون الطلاب اللغة التركية.وتم تغيير الأسماء والشوارع من عربية إلى تركية، إضافة إلى التغلغل التركي في المجال الصحي والاستيلاء على إدارة المطارات.وقال الباحث في الشؤن التركية السيد عبدالفتاح لـ«اليوم»: هدف أردوغان السيطرة على الصومال والتحكم في مفاصل الدولة بجانب قطر من أجل استغلال الدولة الإفريقية في تنفيذ المشروع الإخواني التوسعي في منطقة القرن الإفريقي، وهناك خطط كبرى تموّلها قطر وتنفذها أنقرة والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية من أجل إقامة قواعد عسكرية لشن حروب ضد الدول التي تتصدى للمؤامرات التركية القطرية في المنطقة.
مشاركة :