ضمن سلسلة (مقاربات أدبية) أصدرت إحدى كبريات دور النشر الفرنسية (لارمتان L’Harmattan) مؤخرا كتاب (اللؤلؤة والبحر: دراسة تحليلية لأشعار الشاعر علي عبدالله خليفة) للأكاديمية وجدان الصايغ. قدّمت الكاتبة في هذا العمل، الذي يقع في 118 صفحة، بانوراما لدواوين الشاعر، مُحلّلة أهم الثيمات التي عمق فيها الشاعر تجاربه الشعورية، لا سيما علاقته بالموروث الثقافي الخليجي بشكل عام، والبحريني بشكل خاص، فقد انطلقت من الحقول الدلالية لقصائد الشاعر حيث تقول: «كيف تستطيع الكلمات أن تقدم شاعرا بهذا القدر من العمق والوعي بالموروث الثقافي كبنية تحتية ثقافية للفرد العربي، ولمخياله الجمعي في سجل بشري حافل بالمتغيرات والآمال والآلام، وهو يصور بشكل عفوي تفاصيل الحياة اليومية مستكشفا دواخل تلك الهموم المؤرقة لإنسان يحلم بحياة آمنة مطمئنة».وللغوص في بستان علي خليفة الشعري تقف الكاتبة عند محطات إنسانية منيرة تساهم في عظمة وكبرياء الشعر العربي: تلك التي تساهم في بناء الصورة الشعرية المبتكرة التي تعطينا إضاءة حول الوعي الحيّ للشاعر، وماذا أضاف من ابتكارات بكل وعي للمكتبة الشعرية العربية. وتجدر الإشارة إلى أنّ الكاتبة ناقشت في كتابها هذا مجموعة من قصائد الشاعر المختارة من دواوينه العشرة، بداية من (أنين الصواري) الصادر في بيروت عن دار العلم للملايين 1969 وصولا إلى ديوان (تهويدة لنجمة البحر) 2019 مرورا بديوان (قمر وحيد Lune Solitaire) المترجم إلى الفرنسية 2006 والبرتغالية 2014. إلى ذلك، فالكاتبة الدكتورة الصائغ ناقدة معروفة بمكانتها الأكاديمية الرفيعة، عملت أستاذة للأدب والبلاغة في كبريات جامعات العراق والأردن واليمن، حاليا أستاذة الأدب الحديث بجامعة متشيغان الأمريكية منذ 2010, أشرفت على العديد من أطاريح الماجستير والدكتوراه، ونشرت أكثر من 24 كتابا نقديا في الأدب نال بعضها جوائز عربية مرموقة.ترجم (اللؤلؤة والبحر) إلى الفرنسية أستاذ الترجمة الجزائري حامد العربي، بغلاف للفنان التشكيلي البحريني عبدالله يوسف. وقد تزامن إصدار هذه الطبعة الفرنسية الأنيقة التي ستوزع في أربعين بلدا من البلدان الناطقة بالفرنسية مع إصدار طبعة أخرى باللغة العربية أصدرتها المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت لتكون في متناول القارئ العربي خلال أيام. ويعد تزامن إصدار مثل هذه الدراسات بأكثر من لغة لأدباء بحرينيين تعزيزا لنجاح أدب البحرين الحديث في احتلال مكانة عالمية مرموقة بفضل الجهود الفردية لهؤلاء الكتاب المحليين في نشر نتاجهم الأدبي خارج الحدود، وهو مكسب لثقافة البحرين الوطنية.
مشاركة :