«القصة» هي واحدة من أكثر الفئات الأدبية تفضيلا لدى البشر، اندماجها التلقائي مع الحياة اليومية جعلها محببة للجميع قراءة وكتابة، وكان قد اخترعها دون قصد رجل الكهف الأول الذي ذهب للصيد بعد ظهر أحد الأيام ولم يعد حتى اليوم التالي بحجة خوض معركة حتى الموت مع وحش جائع، وبدلا من اهتمام زوجته به، فإن ما فعلته زوجته عندما أدركت بطولة زوجها لم تبادر إلا بتوثيق هذه الأحداث كأول قصة طويلة في العصر الحجري.تختلف معايير كتابة القصة عن الرواية، ونظرا لانها اللون المفضل للفئة الكبرى للكتاب حول العالم، أبدى الأديب العالمي الراحل جابرييل جارسيا ماركيز، خطوات كتابة قصة ناجحة من خلا لنشرها بعدة مقالات، أعاد نشرها موقع ciudadseva، والقاعدة الأساسية هي كتابة قصة تود قراءتها على المستوى الشخصي.وكما قال جابريل جارسيا ماركيز في مقال قديم: «عندما أريد أن أكتب شيئًا فذلك لأنني أشعر أنه يستحق أن يُقال، علاوة على ذلك، عندما أكتب قصة فذلك لأنني أرغب في قراءتها»، ثم ينتقل الكاتب إلى المرحلة الثانية وهي الكتابة، وينصح جابرييل بالكتابة في أوقات الفراغ فقط، كلما تسنى الوقت لذلك.«كتابة القصص مثل صب الخرسانة، إذا لم يتم تثبيت الخرسانة، فسيتم هدم كل ما تبنيه، ويجب كتابتها والانتهاء منها في وقت واحد، أما الروايات مثل الطوب، إذا لم يخرج هذا الجدار بشكل مثالي، فإنك تهدم الحائط وتعيد صنعه، وتدير الباب هناك ، إلخ.».وقال جابرييل في مقال قديم أنه في حالة القصة لا يمكن القيام بذلك، حيث تخرج القصة مرة واحدة أو لا تظهر، ويتم تصور القصة في وقت واحد وكأنها جولة، وإذا لم يتم الأمر كذلك فإنها لن تخرج ناجحة أبدا، ولن يستطيع الكاتب تصحيحها وإعادة كتابتها.في اللحظة التي من الممكن ان تكون القصة جاهزة، في الرواية لن تصل سريعا لهذه النهاية كما قال ماركيز، ثم يأتي بعد ذلك خطوات تحويل التفكير إلى تنفيذ، فـ بمجرد اكتمال البنية الكاملة للقصة، يمكن كتابتها بأكثر من طريقة، قصة، أو سيناريو أو مسرحية أو قطعة للتليفزيون، وفقا لحديثه المنشور في حوار (نزهة مع جارسيا ماركيز) في عام 1987.ينصح ماركيز بخطوة أخرى وهي قراءة أعمال همنجوايلقد، الذي اعتبره أستاذ الادب، وأوضح أنه من خلال قراءة أعماله يتعلم المرء كيف يكتب ويصبح روائي، وقال ماركيز: "حدث نفس الشئ لي مع همنجواي، لقد قرأت كل أعماله، وقمت بتفكيكها عمليا قطعة قطعة لأرى كيف تتم كتابتها، وبهذه الطريقة تأثرت بأعماله، وهذا التأثير قد يكون الشبه الوحيد بيني وبينه، ولديه القصة The Short Happy Life of Francis Macomber ، التي تعد واحدة من أكثر الكتب مثالية على الإطلاق".تأتي بعد ذلك مرحلة الحفاظ على الكثافة والوحدة وهما عنصران أساسيان في القصة وليس كثيرا في الرواية، ونصيحة ماركيز هي أن تحمل الرواية كل شئ في تفاصيلها، ويكمن الاختلاف بينهما في النهاية غير الموضوعية مثل العديد من مواقف الحياة الواقعية، ومن الأمثلة الجيدة للقصص المثيرة "نوعين من الأحجار الكريمة"، و"قدم القرد "، بقلم دبليو دبليو جاكوبس ، و" الرجل في الشارع " لجورج سيمينون.تنشأ القصة من حلقة، من جملة او موقف بسيط، هناك قصص كثيرة تدور في الرأس وأفضلها تلك التي تحضر كامل في الذهن قبل الكتابة، وتتميز القصص بعدم الحاجة إلى كتابة كل فصل ببداية جديد، ففي الرواية في كل مرة ينتهي فيها فصل، يكون اليوم الذي يبدأ فيه فصل آخر مرعبًا، كما قال ماركيز في مقال (الديك ليس أكثر من الديك) عام 1985.بعد كتابة عدة قصص تبدأ مرحلة الجمع، فعند جمع القصص في كتاب، فإن ترتيبها أمر أساسي، ويتم ترتيبها وفقا لترتيب النشر وتسلسل القراءة ويقول الأديب الحاصل على نوبل هذا الترتيب بالنسبة لي مثل تغيير فصول الرواية.