أكد مكتب أركان للاستشارات القانونية أن التعديلات التي أصدرها مجلس الأمة أخيرا على قانون إيجار العقارات لم تواجه المشكلة الحقيقية التي يعانيها المستأجرون في قطاع إيجارات المحلات التجارية والاستثمارية التي لم يشغلها اصحاب المحلات او ينتفعوا بها خلال جائحة كورونا، بل واجهت مشكلة الشريحة التي تسكن في القطاع السكني والتي غالبا انتفع أصحابها المستأجرون بالعين خلال الأزمة. وقال «أركان» إنه «لا سبيل أمام اصحاب المحلات او الشركات التجارية الا المطالبة بتطبيق المحاكم للقانون المدني لطلب اعفائهم من الايجار او المطالبة بإنقاصه بعد التمسك بتطبيق أحكام القانون المدني بشأنهم وليس قانون ايجار العقارات»، مضيفا أن القانون الصادر عطل أحكام الاخلاء في الحالات التي تواجه فيها البلاد احداثا استثنائية ويترتب عليها وقف العمل او تعطيله الا أنه ألزم المستأجرين بسداد الاجرة. وبين ان محاولة الموازنة بين الأضرار التي حدثت نتيجة الإجراءات المتخذة من الحكومة لحماية المجتمع من تداعيات جائحة كورونا والالتزامات التي تفرضها العقود على الأفراد تنفيذاً لالتزاماتهم العقدية في الكفة الأخرى كانت الدافع وراء اجراء العديد من التعديلات التشريعية لتحقيق هذه الموازنة، ولعل اخرها التعديل التشريعي الذي اقره مجلس الأمة للمرسوم بالقانون رقم 35 لسنة 1978 في شأن إيجار العقارات، «وبالمطالعة للنصوص المعدلة يتوجب علينا إيضاح مناط هذه التعديلات والمستفيد منها وهل عالجت المشكلة أم لا». قانون التجارة ولفت الى أن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 35 لسنة 1978 في شأن إيجار العقارات أتت واضحة بالمخاطبين بنصوصه حيث نصت على ان «تسري احكام هذا القانون على العقارات بما في ذلك الاراضي الفضاء المؤجرة للسكن او لغير ذلك من الاغراض وتستثني من ذلك الاراضي الزراعية. وإذا اشتمل العقد على شروط جوهرية غير مألوفة في الايجار العادي او كان القصد منه مجرد المضاربة لتحقيق ربح مادي او وقع العقد على عين وما تحتويه من اموال تفوق في اهميتها العين المؤجرة بحسب قصد المتعاقدين والغاية من الايجار فتسري احكام قانون التجارة او غيرها على حسب الاحوال....». وأوضح «أركان» أنه «يستبان من هذه المادة ان المخاطبين بنصوص القانون هم من تحكمهم عقود ايجار خاضعة لأحكام هذا القانون ولا تشمل عقود الاستثمار التي يواجه أصحابها معضلة حقيقية نتيجة لما سببته هذه الجائحة من خسائر جراء الإجراءات المتخذة من الحكومة والتي اضطرتهم إلى غلق منشآتهم طوال هذه الفترة، فهم غير مستفيدين من هذه التعديلات لأنهم غير مخاطبين بأحكام هذا القانون ولا تسري عليهم النصوص القانونية المقررة فيه». وأشار المكتب إلى أنه «بالرجوع إلى التعديلات التي أقرها مجلس الأمة بشأن المرسوم بالقانون رقم 35 لسنة 1978 في شأن ايجار العقارات نجد انها اقتصرت على ثلاثة جوانب، أولها، تقرير الحماية للمؤجر المتخلف للسداد، وثانيها: تعديل تشكيل دوائر الإيجارات في المحكمة الكلية، أما الثالث فهو معالجة مسألة المواعيد في هذا القانون». وأوضح أن الجانب الاول وهو حماية المستأجر من الإخلاء في حال تخلفه عن السداد خلال الفترة المنصوص عليها بالتعديل وذلك بان قرر القانون إضافة الفقرة الجديدة إلى البند رقم (1) من المادة (20) من المرسوم بالقانون رقم (35) لسنة 1978 والتي نصت على أنه «وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بإخلاء العين المؤجرة إذا تخلف المستأجر عن سداد الأجرة خلال الفترة التي يقرر مجلس الوزراء تعطيل او وقف العمل خلالها في جميع المرافق العامة للدولة حماية للأمن او السلم العام او الصحة العامة والتي تقتضيها المصلحة العليا للبلاد، على ان تحدد المحكمة طريقة سداد المستأجر الأجرة المتأخرة وفقاً لظروف الدعوى». وذكر أنه بالنظر إلى المادة المعدلة «نجد أن المشرع قد منع المحكمة من الحكم بالإخلاء في حالة عدم سداد الأجرة واشترط كذلك ان يكون عدم السداد متزامنا لما قرره مجلس الوزراء من تعطيل او وقف حتى يكون هذا النص مفعلاً، وأعطى للمحكمة مساحة لتحديد طريقة السداد وفقاً لظروف كل دعوى على اختلافها». وأضاف: «نجد الضمانة التي قررتها هذه المادة هي فقط حماية المستأجر من الحكم بالإخلاء ولكن ستبقى المبالغ المتخلف عن سدادها مطالبا بها وملزماً بسدادها، ولا يمكن له أن يتمسك بالمطالبة بالاعفاء منها، كما نص المشرع في تعديله على سريان احكام هذا القانون بأثر رجعي من تاريخ 12 /3/ 2020 وهي بداية الفترة التي قرر فيها مجلس الوزراء التعطيل». ولفت «أركان» الى أن الجانب الثاني هو تعديل دوائر الإيجارات في المحكمة الكلية وذلك بعد أن استبدل المشرع نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 24 من المرسوم بالقانون رقم 35 لسنة 1978 بالنص التالي: «تنشأ بالمحكمة الكلية دائرة ايجارات تشكل من قاض واحد، وتشتمل على غرفة او اكثر حسب الحاجة تختص دون غيرها بالفصل في المنازعات المتعلقة بالإيجارات أياً كانت قيمتها والتعويضات المترتبة على هذه المنازعات». الدوائر الثلاثية وقال «أركان» إنه يتضح أن المشرع لم يحل مسألة في غاية الأهمية وهي محاولة الحد من عدد القضايا المترتبة عن هذه النزاعات بل تسبب في إرباك يتطلب إعادة تشكيل هذه الدوائر؛ لأن تشكيلها السابق قبل تعديل النص على ان تكون الدائرة من ثلاثة قضاة، مما يتطلب الدعوة للجمعية العامة مرة أخرى وإعادة تشكيل هذه الدوائر بجعلها دوائر فردية بدلا من الدوائر الثلاثية الحالية رغم أنه بامكان توزيع ذات الاعداد على الدوائر الثلاثية التي ستنظرها الدوائر الفردية والتي سيعيب عملها غياب المداولة بين اعضائها لإصدار الاحكام فيما لو كانت دوائر ثلاثية بدلا من الدائرة الفردية التي قررها المشرع. وبين المكتب أن الجانب الثالث هو معالجة مسألة المواعيد في هذا القانون، إذ انعكس ذلك بإضافة المادة الجديدة برقم (26 مكرر د) إلى المرسوم بالقانون رقم 35 لسنة 1978 والتي نصت على أنه «في الأحوال التي يقرر فيها مجلس الوزراء تعطيل أو وقف العمل في المرافق العامة للدولة حماية للأمن او السلم العام او المصلحة العامة والتي تقتضيها المصلحة العليا للبلاد لا تحتسب مدة التعطيل او الوقف ضمن المواعيد المنصوص عليها في هذا القانون، على ان يستأنف حسابها اعتباراً من اليوم الذي يعينه مجلس الوزراء للعودة إلى العمل». وأضاف: «نجد ان هذا النص أتى متأخراً بالنسبة للحالة التي كان يسعى المشرع لحلها نظراً للنقص التشريعي فيها بالنسبة للمواعيد وهي الفترة المزامنة لقرار مجلس الوزراء، وأنه لا بد من وجوده حتى نتلافى مثل هذه المسائل اذا وجدت مستقبلاً في مثل هذه الحالات».
مشاركة :