غزة - انتظر الوفد الأمني المصري الذي يتوسط لوقف التصعيد بين إسرائيل وحركة حماس أن تهدأ الأمور سريعا دون تدخله مباشرة، لكن تمادي الطرفين في تبادل الرسائل السياسية على شكل تحرش عسكري أدى إلى استئناف العمل بالأسلوب المعهود والقيام بجولة مكوكية الأحد والاثنين، لمنع التدهور وحدوث سيناريو سيء قد لا يستطيع الطرفان السيطرة عليه. ووصل الوفد الأمني برئاسة المسؤول الأول عن ملف فلسطين في المخابرات العامة المصرية، اللواء أحمد عبدالخالق، إلى قطاع غزة، للتباحث مع قادة حماس في مسعى لمنع انفجار الأوضاع، واحتواء التوتر وتثبيت التهدئة بين الحركة وإسرائيل. سمير غطاس: التصعيد بين حماس وإسرائيل سببه تأخر المنحة القطرية سمير غطاس: التصعيد بين حماس وإسرائيل سببه تأخر المنحة القطرية وجاءت الزيارة بعد تزايد التصعيد بين الجانبين، وعودة ظاهرة إطلاق البالونات الحارقة باتجاه مناطق إسرائيلية محاذية لغزة، وقيام القوات الإسرائيلية بالرد عليها بعنف، واستهداف عدد من المواقع التابعة لحركة حماس لإجبارها على الالتزام بالتهدئة. وفرضت إسرائيل المزيد من القيود على القطاع الذي يتعرض لحصار مشدد منذ سنوات، وأغلقت معبر كرم أبوسالم التجاري كخطوة عقابية جديدة، وأوقفت الصيد في المنطقة الساحلية المسموح بها في غزة، وأطلق قادتها تصريحات تتوعد حماس. واجتمع الوفد المصري في رام الله الأحد مع أعضاء من اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية، وبحث هناك الوضع السياسي والأمني، وملف المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس. وكشف مصدر في حركة حماس أن الوفد “يلتقي قيادة حماس ثم يلتقي ممثلين للفصائل.. وستتركز النقاشات على سبل وقف العدوان الإسرائيلي المستمر وإنهاء إجراءات الحصار التي فرضها الاحتلال على شعبنا في قطاع غزة”. وذهبت مصادر حمساوية أخرى إلى أن الوفد جاء ليناقش أيضا ملف المصالحة الفلسطينية، ومحاولة تحريكها في الطريق الإيجابي، وإخراجها من جمودها، خاصة أن العلاقة مع القوى الأخرى شهدت تقاربا في عدد من الملفات المصيرية. وقال متابعون إن قيادات الحركة تتعمد تجميل زيارة الوفد المصري بالإشارة إلى مناقشة المصالحة الفلسطينية كدليل على أنها غير رافضة لها، وهو أمر “لن ولم يحدث خلال الزيارة الحالية” التي تنصب على تثبيت التهدئة، وسط ترجيحات أن تواجه هذه المرة تحديات من نوع مختلف. وأضاف هؤلاء لـ”العرب” أن الزيارة لها مهمة رئيسية وهي “نزع فتيل التصعيد الحالي، ومنع وصوله إلى نقطة اللاعودة، حيث تمر المنطقة بأوضاع دقيقة، لا تتحمل حربا جديدة بين إسرائيل وحماس، يمكن أن تؤدي لتداعيات خطرة”. واستأنفت حركة حماس إطلاق البالونات الحارقة على إسرائيل بوتيرة بطيئة كنوع من جس النبض في محاولة إجبارها على تخفيف الحصار على غزة، وعودة ضخ دفعة جديدة من الأموال القطرية التي تساهم في دفع مرتبات موظفي حماس. وعندما أخفق التصعيد المحدود في الحصول على نتيجة ملموسة وعاجلة زادت الحركة من وتيرة إطلاق بالوناتها، ما دفع إسرائيل للرد بقسوة لحصد مكاسب داخلية، في وقت تمر فيه حكومة بنيامين نتنياهو بتحديات تفرض عليها ضغوطا قد تجبرها على لفت الأنظار إلى جبهة غزة كنوع من تشتيت التركيز على المشاكل التي تحيط بها. وتتعمد تل أبيب من وراء هجماتها التأكيد لحركة حماس أن قياداتها مكشوفة أمامها وأنّها قادرة على استهدافهم حال تخطى التصعيد الخطوط الحمراء، وهي لعبة يفهم كل طرف أبعادها، ويحرصان على التوصل لصيغة توقف الاتجاه نحو حرب مفتوحة. Thumbnail وغير مستبعد أن يخرج التصعيد الحالي عن قواعده المرسومة، في ظل تعدد الملفات المفتوحة في المنطقة، وعدم انشغال كثير من القوى الدولية به، ورغبة كل طرف في توظيفه لقلب الطاولة في بعض القضايا، وتحميل الآخر مسؤولية التدهور. وأكد رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية سمير غطاس أن التصعيد الحالي سببه تأخر المنحة القطرية الموجهة إلى قطاع غزة، وهو أمر يتكرر بين حين وآخر، وتلجأ حماس إلى التصعيد كلما تأخرت المنحة ما يدفع إسرائيل لإرسال مدير استخباراتها إلى الدوحة للتوسط في عملية إرسال الأموال القطرية قبل أن تعود الأوضاع مرة أخرى إلى طبيعتها. وأضاف أن الوفد المصري يقوم بدور الوساطة التقليدية التي اعتاد عليها في كل مرة تتجه فيها الأمور نحو التأزم وينقل الرسائل المتبادلة بين حماس وإسرائيل وفي كل مرة تنجح الوساطة في وقف التصعيد. وكانت قطر تستجيب غالبا للضغوط الإسرائيلية عليها، بعد تفاهمات قد تحصل منها الدوحة على مكاسب معنوية وتبدو كمنقذ مادي ومعنوي لفلسطينيي غزة. ولم يستبعد بعض المراقبين أن يأخذ التصعيد الحالي وقتا أطول من المعتاد إذا تمنعت قطر عن إرسال مساعدتها المشبوهة لحماس كي تجبرها على مزيد من التصعيد وفتح جبهة تؤثر على الأمن القومي المصري من جهة الشمال الشرقي، تخفف بها الضغوط الواقعة على الجبهة الغربية المعنية بمتابعة التطورات العسكرية في ليبيا. وتدرك القاهرة هذه اللعبة وتعمل على عدم الوصول إلى هذه النقطة وتقريب المسافات بين حماس وإسرائيل وتقديم إغراءات اقتصادية وإنسانية من خلال معبر رفح، بما يخفف من وطأة توقف الأموال القطرية في غزة وينزع المبررات التي تقود للتمادي في التصعيد.
مشاركة :