تواجه مهمة الوساطة التي بدأها الوفد الأمني المصري منذ أسبوع صعوبة بالغة هذه المرة لوقف التصعيد بين حركة حماس وإسرائيل، حيث تواصلت العمليات العسكرية بين الجانبين، واستمر التلويح بمزيد من الاستهداف بصورة قد تصعد به إلى حافة الهاوية، ما يفتح المجال لدخول وساطات أخرى بجانب القاهرة في مقدمتها الدوحة. غزة - أكدت حماس الأحد، أن جهودا تبذلها أطراف وسيطة لوقف إطلاق النار في غزة، وأن تحقيق الهدوء مع إسرائيل مرتبط بتنفيذ التزامات الأخيرة تجاه تفاهمات التهدئة التي أبرمتها سابقا مع الفصائل الفلسطينية. وتتعدى المطالب الرئيسية إعادة فتح معبر كرم أبوسالم، وزيادة مساحة الصيد في غزة، وإدخال الوقود لمحطة الكهرباء، إلى تنفيذ شروط تعهدت إسرائيل بتحقيقها، وفي مقدمتها رفع الحصار تماما، ووقف معاناة المواطنين. وكشف موقع “واللا” الإسرائيلي الأحد، أن الوساطة المصرية مارست السبت ضغوطا شديدة على حماس لوقف إطلاق البالونات الحارقة والصواريخ، مقابل تعهد إسرائيل بوقف عدوانها على القطاع. وأدرجت قيادة حماس مطالب جديدة، تشمل زيادة حجم المساعدات المالية القطرية، وتمديد فترتها لثلاث سنوات، وعودة منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة للعمل في القطاع، مستفيدة من حساسية الأوضاع في إسرائيل، والتي لم تتجاوب معها، وهددت بمزيد من التصعيد حيال حماس بلا سقف محدد. ولم تستبعد معلومات نشرها موقع “واللا”حدوث تهدئة خلال الأيام المقبلة، حيث تصمم القاهرة على إقناع حماس بالتهدئة، ووقف زيادة وتيرة التصعيد بما يؤدي إلى صعوبة السيطرة عليه في ظل التباين الحاصل داخل الحركة، ورغبة أحد الأجنحة في استمراره، لأنه يحقق مكاسب سياسية. ويخشى متابعون أن يؤدي إخفاق الوفد الأمني المصري في التهدئة إلى منح فرصة لقطر للدخول على خط الوساطة، حيث بدأت تقترب منه كطرف في معادلة التصعيد الأخير، الذي لجأت إليه حماس لإجبار إسرائيل على السماح باستئناف تدفق الأموال القطرية إلى القطاع. وترفض القاهرة أن تستغل الدوحة الوضع لتوسيع نطاق تسللها المادي إلى غزة وتحويله إلى سياسي أيضا، بذريعة أن الأموال التي تقدمها طرف في الأزمة، لأن حماس ربطت في البداية ضخها بالتصعيد. القاهرة ترفض أن تستغل الدوحة الوضع لتوسيع نطاق تسللها المادي إلى غزة وتحويله إلى سياسي أيضا ويقول المتابعون إن إسرائيل لا غضاضة لديها في تدخل قطر، لكنها تحاول أن تأتي هذه المسألة بتحريض من حماس لتحافظ على علاقتها مع مصر، وتتوجس من ألاعيب الحركة التي تريد جر الدوحة لهذا الملف لتمتين علاقتها، وعدم الارتهان للقاهرة. ويبدو أن حماس تراوغ في التجاوب مع الوساطة المصرية لوقف التصعيد، وعدم المضي في استفزاز إسرائيل، ما دفع صقورها إلى حرب ربما يجدون فيها ملاذا للهروب من الاستقطابات الداخلية الحادة حاليا. وقال رئيس اللجنة القطرية لإعمار غزة السفير محمد العمادي، إن الدوحة عملت على التوسط بين إسرائيل وحماس لتخفيف التوتر، لافتا إلى وجود اتصالات مكثفة على أعلى المستويات ومع كافة الأطراف لاحتواء التصعيد. يميل قائد حماس في غزة يحيى السنوار، إلى زيادة الهوة مع إسرائيل والعمل على رفع منسوب التصعيد العسكري على طول الحدود بسبب استمرار الأزمة الاقتصادية، والتي تتسع معدلاتها عقب فرض إسرائيل عقوبات جديدة أخيرا. تعتقد دوائر في المقاومة أن الأوضاع في إسرائيل لا تسمح لقادتها بخوض حرب على غزة، وقادتها حتما سيرضخون لمطالبها، وهو ما تتحفظ عليه مصر، لأن الأمور يمكن أن تنفلت في أي لحظة، وتصبح مفتوحة على احتمالات قاتمة، وتجد تركيا، بجانب قطر، فيها فرصة لعرض وساطتها ومساومة مصر في ملفات أخرى. واستقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسنطبول السبت، رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، واستعرض معه جهود توحيد الموقف الفلسطيني ومساعي تحقيق الوحدة الوطنية مع حركة فتح. واتهمت إسرائيل تركيا في وقت سابق بأنها تسهم في تعزيز قدرات حماس العسكرية من خلال الكشف عن نشاط واسع النطاق تقوم به الحركة لغسيل الأموال في تركيا، وتم نقلها إلى الضفة الغربية، وساعدت في تجنيد مواطنين عرب، علاوة على مساهمة أنقرة في تدريب عناصر تابعة لحماس. وأوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية أحمد فؤاد أنور لـ”العرب”، أن مصر لن تسمح لقطر وتركيا بالعبث في غزة وإدخال القطاع في تجاذبات جديدة، لأن ما يجري هناك يؤثر بقوة على أمنها القومي، ولن تتهاون معه، وإذا كانت حماس تناور بهما لأسباب أيديولوجية فقد ثبت فشل ذلك سابقا، وهذه ليست المرة الأولى التي تلوح بهما. وأكد أن الدور المصري محوري في الأزمة، ونجح كثيرا في نزع التوتر بهدوء في الماضي، وسينجح هذه المرة، لأن التعثر ناجم عن تغير نسبي في حسابات حماس، التي وجدت أن إسرائيل يمكن أن ترضح لمطالبها، فالتصعيد الراهن أبعد من الحصول على أموال من قطر، وأبعد من ابتزاز إسرائيل، ويصب في صالح توسيع هامش المناورة، بالإيحاء أن هناك دولا على استعداد لدعم موقف حماس لخلط الأوراق. تستغل حركة حماس الغزل السياسي بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكل من قطر وتركيا، لتمهيد الطريق بأن المصفوفة الرئيسية في الأراضي المحتلة لا تمانع في أي مقاربة من جانبهما للمصالحة، في إشارة تبدو مستفزة للقاهرة، لكن مضمونها يظل قاصرا عند الحدود المعنوية، فتحويله إلى شيء ملموس يعني خللا كبيرا. وأضاف أنور أن رهان البعض على كثافة التحديات الإقليمية التي تواجهها القاهرة لا يعني التقليل من انخراطها في الوساطة، لجهة وقف التصعيد مع إسرائيل، أو لجهة المصالحة الفلسطينية، أو السماح لقوى لديها أجندات خاصة بمنازعتها دورها التقليدي، وحرف الثوابت التقليدية عن أماكنها. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :