القاهرة – تتحدث رواية “تعاليم محارب النور” للروائي البرازيلي باولو كويلو عن فلسفة النفس واختبار الذات، وكيفية التواصل الإنساني والذاتي الآخر، ويظهر الكاتب فيها تصوّفه واندماجه مع الطبيعة الصامتة في محيطه. وتزخر الرواية بالعديد من الرسائل والنصائح وسلسلة من الأوصاف لاقتباسات من تاو تي تشينغ، وكتاب تشوانغ تزو، وأقوال لمفكرين وحكماء وفلاسفة وفنانين وكتّاب، وأمثال شعبية وحكم من أنحاء العالم. ويسعى بطل الرواية التي كتبت على شكل مقاطع فلسفية قصيرة، إلى اكتشاف ذاته المنغمسة مع مظاهر الطبيعة، من خلال شعوره بخفايا الكون من حوله. وفي النص نقرأ حول البطل الكثير من صفات الطفولة البريئة العفوية التي لا تعتمد في أحكامها على الأدلة والبراهين أو الدراسات المسبقة، كما أن هناك مزيجا من صفات الإنسان البالغ الراشد الذي يعود في صنع قراراته إلى مرجعية فلسفية أو نفسية أو اجتماعية أو دينية. “محارب النور” يستمد قدرته من خلال انتمائه إلى الجماعة “محارب النور” يستمد قدرته من خلال انتمائه إلى الجماعة وفي كلتا الحالين يظهر “محارب النور” بطلا شجاعا في ساحة المعركة، لن يخرج منها إلا منتصرا نتيجة خبراته الحياتية واختباره جميع مراحل الحياة، متخطّيا الصعوبات والتحديات. للوهلة الأولى يتبادر إلى ذهن القارئ أننا أمام رواية تاريخية أو ملحمة عسكرية واقعية، فالمحارب العادي يحمل سلاحا ويوجد في ميدان المعركة يحارب بأمر قادته، أمّا “محارب النور” فهو الذي يمتلك طاقة هائلة، والقادر على فهم معجزة الحياة، وفهم كيفية النضال من أجل ما يؤمن به حتى النهاية. ويمتلك هذا المحارب، الذي رسمه كويلو بدقة، روح التضحية ويحمل البراءة والمحبة، يفهم ما بين السطور في رواية الحياة، يسمع أبعد من الأصوات، ويشعر أكثر من القدرة الشعورية العادية. ولا يستمد “محارب النور” قدرته من نفسه، بل يحصل عليها من خلال انتمائه إلى الجماعة، لأنّ قوة النور جماعية، فهي مجابهة فوريّة مع أسرار الحياة في أبسط الأشياء المنتشرة أمام أعيننا والتي لا نوليها أيّ اكتراث. يشار إلى أن كويلو نشر فصول هذه الرواية بالبرتغالية في حلقات مسلسلة في صحيفة “سان باولو” البرازيلية، ثم جمعت في كتاب صدر بالإنجليزية عام 2002، وعدّته مجلة “التايم” واحدا من أهم خمسة كتب في عام 2003. وقد صدرت النسخة العربية أخيرا عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة، وقام بترجمتها ياسر شعبان. تذكرنا هذه الرواية برواية سابقة لكويلو هي أشهر أعماله على الإطلاق، كتبت في ثمانينات القرن الماضي وصدرت بترجمتها العربية بعنوان “الخيميائي”. وقد ألفها كويلو باللغة البرتغالية واستغرق في كتابتها أسبوعين فقط. لكن شهرتها وانتشارها لا يزالان إلى اليوم، تروي هذه الرواية المجازية والتي استخدم فيها الكثير من الاستعارات قصة صبي راع أندلسي قام برحلة صوفية تعلّم من خلالها التحدّث بـ”لغة العالم” وبذلك أصبح أهلا ليحظى برغبات قلبه. وإن لا نجد تشابها كبيرا بين شخصية الراعي ومحارب النور إلا أن الأجواء التأملية تتشابه لكلا البطلين وخاصة في جانبهما الصوفي والطفولي. ونذكر أن باولو كويلو يعتبر من أكثر الكتاب شهرة ومبيعا في العالم، فقد نشر 30 كتابا بيع منها أكثر من 210 مليون نسخة في أكثر من 170 بلدا حول العالم، وتُرجمت أعماله إلى أكثر من 81 لغة مختلفة
مشاركة :