«1234»..رواية للقارئ الذكي

  • 8/19/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: علاء الدين محمود في عام 2017، وصلت رواية «1234»، الصادرة في ترجمتها العربية عام 2018، للروائي الأمريكي بول أوستر، المولود في عام 1947، إلى القائمة القصيرة لجائزة مان بوكر، وتعد الرواية من أفضل وأضخم أعماله الإبداعية وأكثرها شهرة، فقد قضى سنوات يعمل على كتابتها، وقال بعد أن فرغ منها: «أشعر أنني انتظرتُ طوال حياتي لأكتب هذا العمل، لقد كنت أعمل على بنائه طوال هذه السنين»، وبالفعل فقد استقبل العمل بحفاوة كبيرة من قبل القرّاء في مختلف أنحاء العالم.لأعمال أوستر بصمة خاصة، وتنتمي إلى مرحلة ما بعد الحداثة؛ حيث السرد عن العوالم المتشظية والفردانية والعزلة والتناقض، مع هجاء مرير للعصر الذي تسود فيه الأنانية، وتسيطر عليه ثقافة الاستهلاك والمجتمعات المغلقة، وهو يقترب كثيراً من أجواء كافكا في أسلوبه السردي الفريد، ويمكن القول إن الرجل متأثر به، وبمواضيعه التي تتناول المقصين والمبعدين، والذين يقبعون في هوامش المجتمعات.وفي الرواية يقدم أوستر أربع لوحات أو نماذج لشخصيات يحمل كل واحد منها اسم «فيرغسون»، ويتابع السرد قصة الشخصيات الأربع، في خيوط منفصلة، منذ الطفولة والنشأة إلى وقت الشباب، ويعطي صورة للمجتمعات التي يعيشون فيها، ولكل منهم قصة تختلف عن الآخر؛ لكن ثمة أشياء تجمع بينهم مثل: الشغف بالكتب والأفلام والرياضة والسياسة.الرواية وجدت صدى كبيراً عند القرّاء العرب في المواقع القرائية المتخصصة؛ حيث أجمعوا على جودتها، وأسلوبها السردي المختلف، ويرى أحد القرّاء أن البناء الروائي جاء فريداً ومحكماً، ويقول: «أكثر ما يلفت في الرواية هو التطور في الحبكة حتى الذروة؛ حيث تتداعى الذكريات والأقوال، ويصبح السرد في حالة من السيولة؛ بحيث لا يتبقى في الذاكرة غير المشاهد والصور»، فيما يرى آخر أن الإبداع الحقيقي للعمل يكمن في معناه، ويقول: «تحمل الرواية رسائل كثيرة من أهمها ضرورة أن يكون للمرء موقف في الحياة، وأن يشعر بمعاناة الآخرين، وأن يعمل من أجل مساعدة الضعفاء والكادحين».«نص رومانسي»، هكذا وصف أحد القرّاء العمل، ويقول موضحاً: «الرواية هي درس في الإنسانية والمحبة، هي ثورة رومانسية يحملها نص إبداعي ضخم محتشد بالقيم النبيلة، وقد استطاع الكاتب تمرير الكثير من العوالم المؤلمة؛ من خلال اللغة الجميلة الشاعرية، والوصف البديع الحالم»، ويرى آخر أن الرواية احتشدت بالجماليات، ويقول: «كل شيء في العمل بديع، وبصورة خاصة أولى عتباته النصية؛ أي العنوان، فالأرقام تشير إلى الأشخاص الأربعة: 1 و2 و3 و4، وقد كنت أظن أن العنوان يشير إلى السنة التي وقعت فيها الأحداث؛ لكن دائماً ما يغالط أوستر توقعات قرّائه، ويظهر ذلك جلياً في الأحداث وتصاعدها، والنهاية التي قصد أن تكون مفتوحة؛ بحيث تعتمد على تأويلات القرّاء».«ذكاء القارئ»، يشير أحد القرّاء إلى أن الرواية تعتمد بصورة كبيرة على فطنة القرّاء، فهي لا تقدم كل الأحداث؛ بل تصنع فجوات تحتاج بالفعل إلى قارئ ذكي، في ما يشير قارئ آخر إلى البراعة في صناعة الشخوص، ويقول: أبطال الرواية من النوع الذي يرسخ في الذهن فلا يفارقه؛ حيث يتورط القارئ في علاقة معهم، ويتابعهم في حياتهم اليومية جيئة وذهاباً، وزياراتهم للمقاهي والمكتبات، فهي شخوص مصنوعة من قلب الواقع.

مشاركة :