سارعت سلطنة عمان إلى تطبيق الحزمة الخامسة من إجراءات فتح الاقتصاد، حيث شملت الأنشطة السياحية والتجارية، في محاولة لتخفيف الركود الاقتصادي الذي تسبب في جبل من الخسائر ولدفع التنمية، وفق رؤية السلطان هيثم بن طارق التي تستهدف التوفيق بين المصلحة الاقتصادية والصحة العامة. مسقط - بدأت سلطنة عمان في تنفيذ حزمة جديدة من إجراءات فتح الأنشطة الاقتصادية والتجارية مرفوقة باتباع بروتوكول صحي، ما يعكس خطط الدولة في المواءمة بين المصلحة الاقتصادية وحفظ الصحة العامة. وأعلنت سلطنة عمان عن إعادة فتح حزمة جديدة من الأنشطة التجارية والصناعية والتي تم إيقافها في السابق لمواجهة انتشار مرض فايروس كورونا المستجد. وتشمل الحزمة الجديدة، وهي الخامسة من نوعها، المطاعم السياحية والعالمية والصالات الرياضية وأحواض السباحة بالمنشآت الفندقية، وفقا للحساب الرسمي لموقع التواصل الحكومي التابع لمجلس الوزراء العماني على تويتر . وقررت حكومة السلطنة إعادة فتح الحزمة الجديدة بناء على موافقة اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار مرض كوفيد – 19. وتضم الحزمة الجديدة أيضا إعادة فتح سوق مطرح، وهو أحد أشهر وأقدم الأسواق السياحية في العاصمة مسقط، وكذلك أسواق الأسماك بالمحافظات والأنشطة التجارية في الأسواق الشعبية. كما سمحت اللجنة العليا أيضا بالاستئناف التدريجي لتدريب المنتخب الوطني للسباحة، وإعادة فتح بعض الملاعب الرياضية استعدادا للبطولات والاستحقاقات الإقليمية والدولية. وكانت السلطات العمانية اتخذت مجموعة من الإجراءات الاحترازية تباعا، من بينها إغلاق المحلات التجارية ومنافذ البيع داخل وخارج المراكز التجارية، مع بداية انتشار المرض في السلطنة في فبراير الماضي. وسمحت عمان خلال الأسابيع الماضية بعودة مجموعة من حزم الأنشطة التجارية والصناعية ومنها المراكز التجارية، والمكاتب العقارية، وشركات الصرافة، وورش إصلاح المركبات، شريطة الالتزام بالاشتراطات الصحية التي تحدّدها الجهات المعنية. وتحاول السلطات العمانية التوفيق بين مراعاة الوضع الصحّي الحرج الذي فرضته جائحة كورونا على السلطنة كما على أغلب بلدان العالم، وبين تلبية متطلبات إعادة تنشيط الاقتصاد وتحسين الوضع المالي المتأثر بالجائحة. وكانت الحكومة العمانية قد أعلنت منذ مايو الماضي عن تخفيف الإجراءات والقيود المفروضة لاحتواء تفشي فايروس كورونا. وقررت مؤخرا الموافقة على تسهيل سفر المواطنين إلى الخارج عبر المنافذ الجوية شرط التزامهم عند العودة بالضوابط الاحترازية الموضوعة أو أي ضوابط ستصدر مستقبلا عن الجهات المختصة. الحزمة الخامسة تشمل المطاعم السياحية والعالمية والصالات الرياضية وأحواض السباحة بالمنشآت الفندقية وتكتسي انسيابية حركة الأفراد في عمان طابعا حيويا بالنظر إلى خطط الدولة لتنمية القطاع السياحي بالاعتماد على المقدرات الطبيعية والبنى التحتية المتوفّرة في السلطنة لرفع مساهمة القطاع في تنويع مصادر الدخل والتخفيف من الارتهان لعائدات النفط الذي لا تُعتبر عمان من كبار منتجيه ومصدّريه مقارنة ببلدان خليجية أخرى. وتسبّبت جائحة كورونا، التي تزامنت مع تراجع كبير في أسعار النفط، في صعوبات مالية لسلطنة عمان في مرحلة حساسة، كان يُفترض أن تشهد انطلاق مسار جديد للإصلاح مرتبط بمجيء السلطان هيثم بن طارق الذي كشف منذ الأيام الأولى لوجوده على رأس هرم السلطة، خلفا للسلطان الرّاحل قابوس بن سعيد، عن توّجه نحو التخلّص من البطء والتكلّس في أجهزة الدولة وإزالة العوائق التي أخّرت الإصلاح الاقتصادي الذي كان مطلوبا بشدّة منذ سنوات وجاءت الظروف الحالية لتثبت أنّه ضرورة ملحّة وليس مجرّد ترف. وكان سلطان عمان الجديد قد وضع الاقتصاد ضمن أولويات برنامجه الإصلاحي، قائلا في خطاب له إثر توليه زمام الحكم ببلاده في يناير الماضي، إنّ عمان على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخها، واعدا بإنجاز تغييرات تطال الإدارة والاقتصاد، كما تمسّ قطاع التعليم كإحدى أولويات الدولة في عهده. ومسايرة للظرف الاستثنائي المستجدّ أمر السلطان هيثم في وقت سابق بتشكيل لجنة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا وفق مقاربة تتوافق ما بين المصلحة الاقتصادية والصحة العامة. ويتوقّع خبراء الاقتصاد والمال أن يبلغ عجز الميزانية العمانية في العام 2020 ما مقداره 6.50 مليار دولار ما يوازي 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويرجّحون لجوء السلطنة بشكل رئيسي إلى الاقتراض الخارجي والداخلي لسدّ العجز. وكإجراء أكثر استعجالا لتدارك العجز تمّ اللجوء إلى خفض الإنفاق العام، الأمر الذي بدأ يؤتي نتائج فورية. ويقول متابعون للشأن العماني إنّ دقّة الظرف المالي والاقتصادي في السلطنة جعلت من جهود الدولة تنحو منحى الإنقاذ العاجل بإجراءات استثنائية للتقليل من الإنفاق والحدّ من هدر المال العام، وتوجيه موارد الدولة التي تناقصت بشكل كبير بفعل تراجع أسعار النفط وركود القطاع السياحي وغيرها من الأنشطة الاقتصادية والتجارية، نحو توفير الضرورات والحفاظ على التوازنات الاجتماعية وذلك تحت عنوان “تجاوز الفترة الصعبة بأقل الأضرار”. ويرى هؤلاء أنّ إطلاق عملية إصلاحية أشمل تتضمّن تغييرات اقتصادية جذرية بكل ما سيتطلّبه ذلك من تضحيات اجتماعية، سيكون في الظرف الحالي بمثابة عملية قيصرية تتناقض مع سياسة الدولة العمانية القائمة على التدرّج وتجنّب الصدمات.
مشاركة :