البطالة وانكماش الاقتصاد يضاعفان التحديات أمام الحكومة التونسية المنتظرة | | صحيفة العرب

  • 8/20/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يجمع الخبراء على أن تحدّيات اقتصادية واجتماعية كبرى تنتظر الحكومة التونسية المرتقبة في حال نجاحها في اجتياز امتحان الثقة والمرور أمام البرلمان، في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب الذي تمر به البلاد والذي زادته جائحة كورونا تعقيدا. تونس - تنتظر الحكومة الجديدة بقيادة هشام المشيشي تحديات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة في ظل شلل الإنتاج ومؤشرات انكماش حادة، فضلا على احتقان اجتماعي جراء ارتفاع البطالة وتدهور القدرة الشرائية. وتشير الإحصاءات الجديدة التي أعلن عنها المعهد الوطني للإحصاء في تونس (مؤسسة عمومية) إلى انكماش الاقتصاد المحلي بنسبة 21.6 بالمئة خلال الثلاثي الثاني من العام الجاري باحتساب الانزلاق السنوي، وبنسبة 20.4 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، مسجلا بذلك أعلى تراجع له منذ العام 1997. كما كشفت إحصاءات المعهد، أن إيرادات قطاع السياحة قد تراجعت بأكثر من 50 بالمئة خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بسبب الحجر الصحي وتوقف حركة التنقل بين الدول توقيا من فايروس كورونا، وهو ما أضر بالسياحة التونسية التي تسهم بـ10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وتعتبر مصدرا رئيسيا لجلب العملة الصعبة لتونس. وقال معهد الإحصاء في بيان له، إن نسبة البطالة ارتفعت من 15 بالمئة إلى 18 بالمئة، وهو المعدل الأعلى الذي تسجله تونس منذ ثورة 2011. وأشار إلى أن البلاد خسرت ما يفوق 161 ألف فرصة عمل خلال الثلاثي الثاني من سنة 2020، من بينها 52.7 ألف وظيفة في قطاع الخدمات، و51.9 ألف في قطاع الصناعات المعملية، و46.8 ألف في قطاع البناء. ونسبت سبوتنيك للخبيرة في الشأن الاقتصادي جنات بن عبدالله قولها إن “الانكماش غير المسبوق الذي سجله الاقتصاد خلال الثلاثي الثاني من العام الجاري يعني بالضرورة تدمير الثروة الوطنية التي يترجمها الناتج المحلي الإجمالي والذي شهد تراجعا بنسبة 11.9 بالمئة خلال السداسي الأول من هذه السنة”. جنات بن عبدالله: كورونا كشف حقيقة الخيارات الاقتصادية الفاشلة جنات بن عبدالله: كورونا كشف حقيقة الخيارات الاقتصادية الفاشلة وتابعت أن “تونس دخلت اليوم مرحلة غير مسبوقة بانتقالها من مرحلة خلق الثروة وبنائها إلى مرحلة التدمير”، مضيفة أن “تآكل الناتج المحلي سيترجم واقعيا بفقدان فرص العمل”. وبينت بن عبدالله أن “هذه الأرقام المفزعة تعكس خطورة الوضع الاقتصادي الذي بلغته البلاد، في ظل تداعيات أزمة كورونا التي كشفت المستور وعرّت حقيقة الخيارات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية الفاشلة التي تبنتها مختلف الحكومات المتعاقبة بعد الثورة”. وأكدت الخبيرة أن “الوضع الصحي ليس السبب الوحيد الذي يقف وراء تدهور الاقتصاد المحلي، على اعتبار أن الوضع الاقتصادي الهش الذي تعيشه البلاد سابق للجائحة”. وأضافت الخبيرة في الشأن الاقتصادي أن “التجاذبات السياسية التي عاشتها تونس منذ الثورة إلى اليوم كشفت بكل أسف عن عدم فهم الأحزاب السياسية لطبيعة الوضع الاقتصادي الذي أصبح يهدد الأمن القومي”. وتابعت أن “أغلب الأحزاب السياسية وخاصة تلك التي شاركت في الحكم برهنت على تهميشها للملف الاقتصادي لفائدة الملف السياسي، معتبرة أن التجاذبات السياسية ساهمت في خسارة عشر سنوات من حياة الاقتصاد المحلي ومن حياة المواطن التونسي”. وترى بن عبدالله، أن هامش التحرك الوحيد المطروح أمام الحكومة للخروج من الأزمة الاقتصادية هو الاستثمار في الزراعة، باعتبارها القطاع الوحيد الذي أفلت من كماشة الانكماش الاقتصادي بعد تسجيله نموا إيجابيا بـ3.6 بالمئة، وبالنظر كذلك إلى كونه قطاعا مشغلا ومصدرا. واستدركت “لكن نتائج هذا القطاع لن تكون مضمونة بالنسبة للثلاثي الثالث والرابع من السنة الجارية، لأن هذا القطاع لم يحظَ باهتمام أو بإجراءات تفاضلية وتحفيزية طوال العقود الأربعة الماضية على غرار القطاع السياحي وبقية القطاعات الأخرى”. وتابعت “إذا واصلت الحكومة القادمة في تجاهل هذا القطاع فإن باب الإنقاذ سيكون موصدا، باعتبار أن التحكم في الوضع الحالي سيصبح صعبا لأن تونس تعيش على وقع موجة ثانية من جائحة كورونا، وبالتالي لا يمكن التعويل مستقبلا على قطاع الخدمات الذي سيتباطأ تعافيه، وكذلك الأمر بالنسبة لقطاع الصناعات المعملية الذي سيبقى مرتبطا بالسوق الأوروبية”. وانتقدت بن عبدالله مواصلة البنك المركزي في تبني سياسة تقشفية من خلال تجاهل مسألة النمو والتشغيل والإبقاء على نسبة الفائدة المديرية في مستواها الحالي الذي يعد مرتفعا مقارنة مع نسبة الفائدة المعتمدة على المستوى الإقليمي والعالمي، في حين أن كل محركات النمو من استثمار وتصدير معطّلة.

مشاركة :