رجب الشرنوبي يكتب: هنا ماسبيرو.. هنا القاهرة

  • 8/21/2020
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

ستظل عبارة" نقلًا عن التليفزيون المصري" التي تظهر علي شاشات الإعلام الخاص"العربي والمصري" مصدر فخر لكل مواطن مصري قبل أن تكون كذلك لكل أبناء منظومة الإعلام الحكومي الرسمي، ربما لم يكن التليفزيون المصري هو الأول في دول المنطقة العربية ولكنه كان الأكثر تأثيرًا في تكوين الشخصية والوجدان العربي،فقد ذاع صيته وانتشرت الثقافة والهوية المصرية بين شعوب المنطقة بسرعة ملفتة، رغم أن دولًا أخري كالعراق ولبنان والجزائر سبقت  مصر في إنشاء وتقديم هذه الخدمة التي أثبتت الأعوام التي تلتها أن لها من التأثير ما يتخطي مفعول السحر لدي المواطن العربي الذي تعود ألا يقرأ.ظل التليفزيون المصري الذي أُسس في بداية ستينيات القرن الماضي وانطلق من منطقة ماسبيرو علي نهر النيل الخالد إلي جانب الإذاعة المصرية التي بدأت رسميًا بأربع محطات في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي،يمثلان سويًا القوة الناعمة الأكثر أنتشارًا والأقوي تأثيرًا علي مدار عقود مضت،قبل أن تتدخل سطوة رأس المال بمنطقتنا العربية في بداية التسعينات وتسيطر علي جزء كبير من هذه الصناعة، انتشرت برامج الفضائيات المختلفة في سماء المنطقة لتحقق أهدافها المختلفة.قد يكون بعض هذه الأهداف معلن وحميد مثل تحقيق الأرباح والتنوير ودعم هذه الصناعة والآخر غير معلن وينطوي علي غايات خبيثة مثل محاولات تغيير الهوية وخدمة الأغراض الإستعمارية وأعتقد أن مامرت به المنطقة العربية في العقد الأخير خير مثال علي ذلك في ظل تراجع الدور الذي يقوم به الإعلام الرسمي الأكثر أمانًا نظرًا لعدم مسايرته للعصر وتطويره بشكل مناسب.الإعلام الحكومي من المفترض أن يكون له وضع خاص ويمثل أولوية أولي في إهتمام الدولة،الأهداف التي أُسس من أجلها إعلام الدولة قد تختلف بعض الشيء عن الإعلام الخاص، من أهم سمات الإعلام الحكومي أنه يجب أن  يسعي ويجتهد في إنجاز أهدافه التي أنشئ من أجلها دون الخضوع لمقاييس الربح والخسارة، حتي لو كانت آليات العصر تقتضي بضرورة تطويره بما يسمح بجودة خدماته المقدمة ليساعد نفسه علي توفير جزء من تمويله ذاتيًا و يساعد الدولة في تحمل نفقاته.الأهم من ذلك ماهي نوعية التطوير؟؟!ومن الذي يتولاه؟!هل تقوم به الدولة معتمدة في ذلك علي قدرات أبنائه؟! وهم من  أستعان بهم أصحاب رؤوس الأموال في تشييد كل هذه المؤسسات الإعلامية الخاصة، أم يقوم بهذا التطوير أطراف خارجية ليس لها علاقة بمنظومة الإعلام الحكومي وكل تفاصيله الفنية التي لا يعلمها إلا من أمضوا عمرهم فيه، هل يكون التطوير استثماريًا يصاحبه جودة في الخدمات الإعلامية المقدمة لترتفع قيمة مؤسسة من أهم مؤسسات الدولة؟؟!! أم يكون تطويرًا ريعيًا ليس للدولة وأبنائه دور فيه؟؟؟!!الفرق بين الإعلام الحكومي والإعلام الخاص مثل الفرق بين الجامعة الحكومية والجامعة الخاصة، تبقي أهداف الجامعة الخاصة التعليمية والمجتمعية خاضعة للحفاظ علي هامش ربح يضمن لها الإستمرارية،وتبقي الجامعة الحكومية هدفها الأول تعليم وتأهيل الطلاب وخدمة المجتمع حتي لو اضطرت لإجراء بعض التطويرات الداخلية بما يساعدها علي الاستمرار في تقديم خدماتها لأبناء المصريين،بما يساير تطورات العصر لتصبح عندنا نمازج الجامعة الأهلية التي بدأت الدولة في إنشائها تعتمد علي تمويل ذاتي وتقدم أحدث الخدمات التعليمية دون البحث عن الربح.الإعلام الحكومي أنشئ وتمت معاملته لعقود طويلة علي أنه إعلام خدمي دوره لا يقل عن دور أي مؤسسة تشارك في صناعة هوية ووجدان المواطن منذ طفولته،الدور الذي قدمه الإعلام المصري الحكومي بشقيه الإذاعي والتلفزيوني خلال السنوات الطويلة الماضية، كان له من التأثير ماقد يفوق بعض مؤسسات صناعة الإنسان في مصر وشرايينها المتعددة من التربية والتعليم والتعليم الجامعي والأزهر والأوقاف والكنيسة والثقافة بكل قصورها المنتشرة في كل محافظات ومدن مصر.من منا لم يكن حريصًا علي متابعة نشرات الأخبار مع حلمي البلك وأحمد سمير..محمود سلطان وهمت مصطفي..درية شرف الدين وصفاء حجازي وهاله أبو علم..من يستطيع أن ينسي تقديم سهير وأحلام شلبي..نجوي إبراهيم وعفاف الهلاوي وغيرهم..هل يمكن أن ننسي برامج عالم الحيوان والعلم والإيمان..علي الطريق ونادي السينما.هل ننسي الدور الذي قامت به برامج إذاعية شهيرة استمرت لعقود تربي وتثقف وتعلم؟؟!كيف يمكن أن ننسي" علي الناصية وربات البيوت وكلمتين وبس"؟؟!! هل نمحو من الذاكرة " تسالي إيناس جوهر وهمسة عتاب ولغتنا الجميلة وقال الفيلسوف"؟؟! هل ننكر ماقدمته آمال فهمي وأبلة فضيلة ونادية صالح..علي فايق زغلول وفاروق شوشة وفهمي عمر.لا أحد يستطيع أن يغفل مايقدمه الإعلام الوطني الخاص ولكن من الأجدي والأنفع أن يظل مبني ماسبيرو"جامعة الإعلام الوطني" رمز من رموز الدولة التي يجب أن تظل صامدة في وجه كل الأعاصير التي تحاول ليل نهار إقتلاع جذور الهوية الوطنية، من الضروري أن يبقي ماسبيرو بمثابة الحصن الأكثر أمنًا للحفاظ علي الأمن القومي المصري بكل أبعاده،الطبيعي أن يعود ماسبيرو الحصن الحصين كما كان حائط الصد الأول أمام حملات الإستهداف والنيل من تاريخ الوطن..هل يعود؟؟!!

مشاركة :