قلوب الشعراء تستظل بأثر حبيب الصايغ

  • 8/21/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: أوميد عبدالكريم إبراهيم نظَّم اتحاد كتَّاب وأدباء الإمارات مساء أمس الأول الأربعاء على منصة «زووم» الإلكترونية؛ أمسيةً بعنوان «حبيب مرَّ من هنا» أحيا من خلالها الذكرى السنوية الأولى لرحيل الشاعر والكاتب الإماراتي حبيب الصايغ التي صادفت أمس؛ أدارتها عضو مجلس الإدارة رئيس الهيئة الإدارية لفرع دبي؛ الشاعرة شيخة المطيري، وشارك فيها كلٌّ من عضوَي الاتحاد طلال سالم وناصر الظاهري، وسعيد الصقلاوي رئيس الجمعية العُمانية للكتّاب والأدباء، وحضرها الأمين العام للاتحاد د. محمد بن جرش.استهل سعيد الصقلاوي رئيس الجمعية العُمانية للكتّاب والأدباء حديثه بتأكيد أن حبَّ حبيب الصايغ سيظل في القلوب أبد الدهر، وأشار إلى أن الكلام عن حبيب يحتاج إلى مساحات من النثر الجميل لذكر أفعاله، فهو ليس شخصية عادية؛ بل هو في الخليج والعالم العربي قامة أدبية وشعرية وثقافية، وركيزة من ركائز النهضة الحديثة في منطقة الخليج؛ لأنه حين انطلق في السبعينات للعمل والكتابة والإبداع كانت دول الخليج لا تزال في بداية مشوار النهضة والحداثة، وكان حبيب مواكباً لتلك النهضة وفي قلبها، ومن هنا يعتبر حبيب سجلاً لهذه النهضة الجميلة؛ سواء على الجانب الأدبي والشعري؛ أو على جانب الصحافة والإعلام؛ حيث سطَّر حبيب عقوداً من العمل الإبداعي، وواكب معظم المشاهد التي حدثت في منطقة الخليج والبلدان العربية، وكانت له كلمة فيها، وبالنسبة للشعر، فهو من أوائل الذين أدخلوا الحداثة إليه في منطقة الخليج؛ كما أنه كان متمرساً في كتابة الشعر التقليدي أيضاً، ولكنه أدخل أنماطاً جديدة في الشعر العربي، وكان رمزاً بارزاً في هذا السياق.لقد كان الراحل يتمتع ب«كاريزما» خاصة انعكست على عمله الأدبي، فعندما تقرأ قصيدة معينة تعرف إن كانت لحبيب أم لا؛ لأن شخصيته كانت تظهر من داخل إبداعاته، وعندما كان أحدهم يدخل في حوار إعلامي أو جدل فكري مع حبيب المملوء بالأفكار والاستنارة التي ينشدها المتلقي؛ كان يجد أنه رغم الاختلاف مع حبيب؛ إلا أنه كان يحافظ على هدوئه ويمتص كل اختلاف وكل علوٍّ في صوت الطرف المقابل، وهذه الصفات لا يمتلكها الكثيرون ولكن امتلكها حبيب بالتجربة والخبرة الطويلة التي جعلته في هذا المقام؛ كما كان حبيب يتصف بالقيادة ويمتلك مفرداتها ويستطيع قيادة دفة السفينة لإيصالها إلى مينائها، وقد اشتركتُ معه في الكثير من المناسبات حتى قبل أن يصبح أميناً عامَّاً للاتحاد العام للكتّاب والأدباء العرب. الغائب الحاضر من جهته قال ناصر الظاهري عضو اتحاد الكتَّاب: تحية للغائب الحاضر الذي مرَّ من هنا، وظلَّ في القلوب؛ لقد مرَّت سنة وكأنها أمس، وافتقدنا حبيباً الذي كان حاضراً دوماً؛ ولم نفقد شخصاً؛ بل مشروعاً أدبياً وثقافياً وإعلامياً. حبيب هو شَقِّيَ الآخر في الجانب الإعلامي، وشَقِّيَ الآخر في الجانب الأدبي؛ كان قد سبقني إلى العمل الإعلامي والأدبي، ولكنني كنت أعرفه حين كان في جريدة الفجر؛ ثم الاتحاد؛ وبعد ذلك مجلة أوراق نقدية، وكذلك جريدة الخليج؛ قبل أن يشارك في تأسيس اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات. في بداية أي لقاء مع حبيب تشعر بالنديَّة، وهذا شيء جميل، وقد تختلف معه منذ أول سطر، ولكن في نهاية اللقاء تظل القلوب مشرعة لأي مشروع، وثمة نقاط تلاقٍ يوجدها هو فيك.ميِّزة حبيب هي أنه كان يتطلع إلى وجود كتّاب وصحفيين من الإمارات، وكان يساعد من يرى فيهم هذه الموهبة والإبداع، وربما تذكرون أنه عندما ترأس مجلس «كتّاب الإمارات» كان يبحث عن أقلام واعدة وجديدة تزيد المشهد الثقافي إنارةً. لقد عرفت حبيب في السفر أيضاً؛ في مدن كثيرة؛ وكان خير أخٍ لي، وقد تلقيت نبأ وفاته بينما كنت في الجزائر، ورحل دون أن يودع رفاق دربه، ولكن ضجيجه في الرأس ما زال موجوداً؛ لقد أحببناه وما زلنا، وحبيب مرَّ من هنا، ولكنه باقٍ في الذاكرة. مواقف إبداعية «رأيت وجهاً آخر لحبيب؛ وجهاً حبيباً آخر؛ حبيب الاختلاف والثورة؛ كنت أرى وجهه الخارجي هادئاً، ولكنه كان بركاناً ثائراً»؛ بهذه الكلمات بدأ طلال سالم عضو اتحاد الكتَّاب حديثه عن الراحل الصايغ، وأردف يقول: لقد كانت نظراته تتلفت يميناً وشمالاً ولا يهدأ، وكان لديه موقف إبداعي من الحياة؛ إذ كان يرفض كل ما هو اعتيادي، وحضوري أمامه لأول مرة كان في أمسية شعرية، وكنت في بداياتي أرى حبيباً يتجه نحو النثر ثم إلى التفعيلة، وبعدها إلى العمود، وقد أنتج ثورة فكرية وأثَّر فيَّ كثيراً، ونجح في استفزاز الأجيال لتقديم كل ما هو جميل، وفي إحدى المناسبات الثقافية كان يقرأ كتاباً، وفجأة التفت إليّ وقال لي: «أنا لا أجاملُ أحداً، ولكن أنت شاعر»، ومن الجميل أن تسمع شهادة كهذه من شخص بحجم حبيب.قبل أن يصبح أميناً عامَّاً ل «كتّاب العرب» حاولتُ أن أثورَ على الاتحاد، فاتصل بي وقال: «أنت مثل ابني، وأنا لا أكترث لشيء، ولكن تهمني أنت، وأن يصلني صوتك»، وعليه فإن من المهم أن نرى هذا الاهتمام وأن ندرس هذا المشروع ونناقش الأشياء التي أرادها لنا حبيب، والنقلة النوعية التي حققها في «كتّاب الإمارات» وتذليله لكافة العقبات، ورغبته في رؤية المبدعين مع بعضهم البعض دوماً. أمسيات من غياب في ختام الأمسية أنشدت الشاعرة شيخة المطيري قصيدةً كتبتها بهذه المناسبة؛ جاء فيها: كلما آمن بالنخلة طيني قلت يا أرض اطمئني بي ودوري حول حولي وافتحي لي مورد الظمآن هزي شفة ماتت على بحر العطش كلما أسرف في الموت فؤادي في بقاياي ارتعش نقَر الطير على خد ترابي ثم غنى دون ريش دون إيقاع فمن يسمع صوت النقر إلا من يعيش وأنا يهمس لي صوت حبيب صائغ أنت هنا قرب ديوان مسجي أمسيات من غياب

مشاركة :