اتجه تركيز المتابعين لاتفاقية أبراهام إلى الثمار الاقتصادية المتوقع أن تجنيها كل من الإمارات وإسرائيل المتضررتين من الإجراءات المرتبطة بفايروس كورونا المستجد فور توقيع اتفاق تطبيع العلاقات الدبلوماسية بعد أسبوعين من الآن، والذي يمنح الدولة العبرية منفذا غير مسبوق إلى الخليج الثري. أبوظبي - تتأهب الإمارات وإسرائيل للدخول في تعاون اقتصادي في حزمة واسعة من المجالات التي قد تفيد الطرفين بعد إعلان اتفاق تطبيع العلاقات الدبلوماسية، في خطوة مفاجئة وصفت بأنها “تاريخية”. ومن مبيعات النفط إلى السياحة والتعاون في مجال التكنولوجيا، يجمع الاتفاق الذي سيتم توقيعه في الأسابيع المقبلة بين اثنين من أكثر الاقتصادات تنوعا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وقت تسعى فيه الدولتان لتعزيز حضورهما في التجارة الإقليمية والدولية. ويرجح محللون أن يركز التعاون بين الطرفين على خمسة مجالات رئيسية هي الأبحاث، والتكنولوجيا والشركات الناشئة، وتقنيات الزراعة وتحلية المياه والمراقبة. وتعد الإمارات، الغنية بالنفط وذات الطموحات الكبيرة في مجالي الفضاء والتكنولوجيا، أول دولة خليجية وثالث دولة عربية تطبّع العلاقات مع إسرائيل. وبصرف النظر عن التداعيات الدبلوماسية، تقول إلين آر والد الباحثة بمركز الطاقة العالمي التابع لمعهد المجلس الأطلسي لوكالة الصحافة الفرنسية، إنّ الإمارات وإسرائيل ستستفيدان من هذه العلاقة الجديدة بشكل كبير على المستوى الاقتصادي. إلين آر والد: إسرائيل ستستفيد كثيرا إذا تمكنت من شراء النفط الإماراتي إلين آر والد: إسرائيل ستستفيد كثيرا إذا تمكنت من شراء النفط الإماراتي وستكون الإمارات أول دولة خليجية قادرة على ممارسة الأعمال التجارية بشكل علني مع إسرائيل التي بدورها ستتمكّن من الدخول إلى إماراتي دبي وأبوظبي اللتين تجذبان المواهب والاستثمارات العالمية. وفي حين أن تركيز إسرائيل قد يتمحور بشكل أساسي حول الثروة النفطية للدولة الخليجية، فإن الإمارات تبدو مستعدة للاستثمار بشكل كبير في قطاعي السياحة والتكنولوجيا في الدولة العبرية. وتستند الاستراتيجيات الاقتصادية المشتركة للإمارات وإسرائيل بشكل أساسي إلى قطاعات الخدمات والتكنولوجيا المتقدمة والابتكار، لكن كلا الاقتصادين تعرضا لضربات مؤلمة خلال مرحلة تفشي فايروس كورونا المستجد. وكانت دبي التي تملك الاقتصاد الأكثر تنوعا في المنطقة، شاهدة على انكماش في إجمالي الناتج المحلي في الربع الأول من عام 2020 بنسبة 3.5 في المئة بعد عامين من النمو المتواضع. واضطرّت شركة طيران الإمارات، التي تتخذ من إمارة دبي مقرا لها وتعتبر الأكبر في الشرق الأوسط، إلى تقليص شبكتها وتسريح الآلاف من الموظفين. وفي إسرائيل، يواجه الاقتصاد “ركودا حادا” حيث من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.2 في المئة هذا العام وفقا لأرقام رسمية، بينما قفزت البطالة من 3.4 في المئة في فبراير إلى 23.5 في المئة في مايو الماضي. وأظهر استطلاع للرأي في مايو الماضي أن حوالي 65 في المئة من الشركات الإسرائيلية الصغيرة الناشئة في مجال التكنولوجيا الفائقة تتوقع توقف أعمالها في الأشهر الستة المقبلة. ويمثل قطاع التكنولوجيا الفائقة 10 في المئة من مجموع الوظائف في إسرائيل. لكن الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل يمكن أن يساعد في قلب الأمور. وأوضحت والد أن “إسرائيل ستستفيد كثيرا إذا تمكنت من شراء النفط الإماراتي، وستستفيد الإمارات إذ سيصبح بإمكانها البيع لزبون متعطش”. وتابعت “الإمارات تتطلع للاستفادة من السياحة الإسرائيلية وأن تصبح موقع اتصال للرحلات الإسرائيلية بينما تجني إسرائيل ثمار تدفق الاستثمار واستقطاب الطلاب الإماراتيين”. ويشكل قطاع التكنولوجيا المتقدمة في إسرائيل أكثر من 40 في المئة من صادراتها، بحسب وزارة الاقتصاد، لذلك تطلق على نفسها اسم “أمّ الشركات الناشئة”. وفي الإمارات، تعتبر دبي خصوصا أحد أبرز المدن العربية والعالمية استقطابا لهذه الشركات بفضل البيئة الحاضنة والدعم الحكومي لها. وتشير تقارير إلى أن أكثر من 35 في المئة من الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتمركز في الإمارات وحدها. وبموازاة ذلك، تسعى الإمارات لأن تكون قوة في مجال التكنولوجيا عبر دعمها للعديد من المشاريع والاستثمار في هذا القطاع الرئيسي بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي. ولطالما كانت السياحة شريان الحياة لدبي وقد استقبلت الإمارة أكثر من 16.7 مليون زائر العام الماضي، وقبل أن يعطل الفايروس حركة السفر العالمية، كان الهدف هو الوصول إلى 20 مليون زائر في عام 2020. ووفقا لمجلة فوربس الأميركية الشهيرة، سافر ما يقرب من نصف الإسرائيليين، أي 9 ملايين، إلى الخارج في عام 2017. وفي مدينة حيفا الساحلية المختلطة شمال إسرائيل، بدأ مكتب ميراج تورز في الترويج لرحلات إلى دبي واضعا صورة المدينة الثرية وكتب بالإنجليزية “دبي قريبا”. تشينزيا بيانكو: الإماراتيون معجبون بالميزة التنافسية والخبرة المعرفية لإسرائيل تشينزيا بيانكو: الإماراتيون معجبون بالميزة التنافسية والخبرة المعرفية لإسرائيل ويؤكد صاحب مكتب السياحة جورج محيشيم لوكالة الصحافة الفرنسية أن الإمارات دولة جاذبة للسياحة فالفنادق وصورها المنشورة جعلت الناس يقبلون عليها. وقال محيشم “تصلني اتصالات كثيرة من العرب واليهود، إقبال اليهود كبير ويطلبون مني تسجيلهم في أول رحلة”، بينما أضافت مها حنا الموظفة في المكتب خلال مشاركتها في الحديث “دبي حلم وبات واقع”. وأفادت القناة 12 الإسرائيلية الأحد الماضي أن وزارة الاقتصاد قدرت أن الصادرات إلى الإمارات يمكن أن تصل إلى ما بين 300 و500 مليون دولار سنويا. ومن المتوقع أن تصل استثمارات الإمارات في إسرائيل إلى 350 مليون دولار سنويا. وذكرت القناة أنّ المجالات التي من المتوقع أن تحقّق أكبر المكاسب هي الصناعات الإلكترونية والمعدات الطبية والتكنولوجيا المالية والاتصالات. ورأت تشينزيا بيانكو الباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن “الإماراتيين معجبون بالميزة التنافسية الإسرائيلية والخبرة المعرفية في قطاعي الإنترنت والتكنولوجيا الفائقة”. وأضافت “يريدون اكتساب هذه المعرفة”. وحتى قبل الإعلان عن تطبيع العلاقات، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في يونيو الماضي عن “تعاون” مع الإمارات في مجال مكافحة الوباء. ويشكّل قطاع الأبحاث عموما عنصرا مهما في الاستراتيجية الحكومية الإماراتية، ويشمل الأدوية والأمراض والأسمدة وغيرها، كما هو الحال في إسرائيل. ورأى كريستيان أولريشسن الباحث في معهد بيكر التابع لجامعة رايس في الولايات المتحدة أنّ “الأولوية العاجلة ستكون التعاون في البحث والتطوير لمكافحة كوفيد – 19 وقد تكون هذه طريقة شعبية لتطبيع الناس في البلدين حيث لفكرة أن التنسيق في مثل هذه القضية الملحة سيعود بالفائدة على الجميع”. ويعتبر التعاون في مجال تقنيات الزراعة عنصرا مهما، فقد صدرت إسرائيل في عام 2016 ما قيمته 9.1 مليار دولار من منتجات التكنولوجيا الزراعية، بحسب أرقام صادرة عن وزارة الزراعة الإسرائيلية. وفي الإمارات، هناك توجه للتركيز على أسلوب الزراعة الذكية لتجاوز التحديات التي تواجه الزراعة في البلاد، ومنها الحرارة الشديدة وقلة الأراضي الزراعية بالإضافة إلى شح المياه. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :