فيما لا تزال التحقيقات والتوقيفات جارية حول شحنة الموت التي فجرت ميناء بيروت مخلفة أكثر من 180 ضحية، وآلاف الجرحى، فضلاً عن دمار هائل وخسائر قدرت بـ 15 مليار دولار في بلد يعاني أزمة اقتصادية غير مسبوقة، كشف تحقيق جديد عن خيط يربط بين صاحب شحنة ال 2750 طنا من نترات الأمونيوم وبين مصرف مرتبط بحزب الله. فقد كشف تحقيق أجرته صحيفة دير شبيغل الألمانية بالتعاون مع مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد، أن مالك السفينة "الحقيقي" كانت لديه صلات ببنك تابع لحزب الله. فبعد أن أشارت تقارير عدة إلى أن مالك سفينة روسوس التي رست قبالة مرفأ بيروت عام 2013 بحالة يرثى لها، لم يكن الروسي إيغور ريشوشكين كما تردد مرارا في الاعلام، وعلى لسان قبطان السفينة نفسها، وإنما رجل الأعمال القبرصي Charalambos Manoli ، الذي أظهرت التحقيقات أنه ح على علاقة مع بنك يستخدمه حزب الله في لبنان. كما ألمح التقرير الألماني إلى احتمال اختفاء كمية كبيرة من نترات الأمونيوم المخزنة في المرفأ اللبناني قبل انفجار الرابع من أغسطس المروع.إخفاء ملكيةالسفينة وأفاد التقرير بأن مانولي بذل قصارى جهده من أجل إخفاء ملكيته للسفينة، عبر ترتيبات أجرتها إحدى شركاته من أجل تسجيلها في مولدوفا. في حين صدقت شركة أخر في جورجيا( Maritime Lloyd)على صلاحية سفينة الشحن المتهالكة للإبحار. وفي النهاية، استأجر المواطن الروسي Grechushkin السفينة عبر شركته Teto Shipping، المسجلة في جزر مارشال. إلى ذلك، كشفت الصحيفة أنه حين استجوبت مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة مانولي ادعى في البداية أن السفينة بيعت إلى Grechushkin، لكنه عاد وأقر لاحقا أن الرجل الروسي حاول شراءها فقط. إلا أن مانولي عاد وامتنع عن إعطاء أي تفاصيل، رافضاً تقديم أي معلومات أخرى.أمر مستغرب ولعل المستغرب في القصة ورحلة سفينة الموت هذه، أن غيرشوشكين كان يعطي في الواقع الأوامر لطاقم السفينة، وقد طلب منه التوقف بشكل مفاجئ في بيروت أثناء نقلها شحنة الأمونيوم من جورجيا إلى موزمبيق. ولم يعرف السبب الحقيقي وراء هذا الأمر المثير للشبهات، على الرغم من أن المستأجر ادعى أنه لم يعد يملك ما يكفي من المال لدفع ثمن المرور عبر قناة السويس، ولهذا احتاج إلى استلام شحنة إضافية من بيروت لتسليمها إلى الأردن. وبحسب تقرير صادر عن وزارة النقل اللبنانية، كانت الشحنة تتألف من "12 شاحنة كبيرة، و15 صغيرة، و3 حاويات" وكان من المقرر أن يتم تخزين تلك المركبات على سطح السفينة، لكن المشاكل بدأت أثناء تحميل السيارة الأولى، التي اصطدمت بالباب أثناء محاولتهم وضعها به على سطح السفينة. حزب الله ومصرف مشبوه ولاحقاً لم تغادر روسوس بيروت أبدًا، لا سيما بعد أن تحركت شركتين يدين لهما مانولي بالمال من أجل الاستيلاء على سفينة الشحن تلك، فضلاً عن أن السلطات اللبنانية في مرفأ بيروت وجدت بأن السفينة غير قادرة على الإبحار. ومن خلال التحقيقات، تبين السلطات اللبنانية لم تكن تعلم على ما يبدو بأن مانولي هو المالك الحقيقي للسفينة، لا سيما وأن اسمه لم يظهر في أي من المراسلات المتعلقة بتلك القضية، لكن على عكس غريشوشكين، الذي استأجر السفينة، كان لدى مانولي روابط وعلاقات تجارية في لبنان. فقد أظهرت بعض السجلات القضائية أن مانولي حصل على قرض عام 2011 بمبلغ 4 ملايين دولار من بنك FBME التنزاني لشراء سفينة أخرى(سخالين). ولعل المفارقة أن هذا الصرف ليس مجرد بنك عادي. فقد ارتبط اسمه بعمليات غسل أموال، حين اتهمه محققون أميركيون بالعمل كواجهة من أجل غسل أموال لحزب الله. كما أظهرت التحقيقات أن من عملاء هذا البنك المشبوه أيضا شركة سورية عملت كواجهة للنظام السوري ولأطراف على علاقة ب برنامج الأسلحة الكيماوية في البلاد. لهذا المصرف المشبوه، كان مانولي إذا مدينا بالمال، ما يطرح آلاف الأسئلة والاحتمالات.مصادرة ممتلكات عقارية فبعد شهر واحد فقط من حصوله على القرض ، تخلفت شركة Seaforce Marine Limited التابعة لمانولي، ومقرها في بليز بأميركا الوسطى، عن سداد الدفعة الأولى. فعرض مانولي روسوس كضمان، لكن المصرف اشتبه بأن مالك السفينة يريد بيعها السفينة، لذا عمد إلى مصادرة ممتلكات عقارية تابعة له في قبرص. إلى ذلك، أظهرت وثائق داخلية من المصرف التنزاني أن مانولي كان لا يزال مدينًا للبنك بمبلغ 962 ألف يورو في أكتوبر 2014. خدمات لعملاء مشكوك فيهم وفي حين ينفي مانولي أي صلة بين ديونه ومسألة توقف سفينة الشحن في بيروت، كشف أحد المحققين بأن مصرف FBME يشتهر بالضغط على المقترضين المتخلفين عن السداد من أجل تقديم خدمات لعملاء مشكوك فيهم مثل حزب الله!
مشاركة :