صحيفة المرصد - متابعات : قال زياد الدريس الكاتب والمندوب الدائم للسعودية لدى اليونسكو إن الدولة العميقة في مصر هي التي تدير الحكومة، والشعب العميق هو الذي يدير البلد، مشيرا إلى أن القاهرة لم يتغير فيها إلا "فرعونها" بعد الثورة، بحسب تعبيره. وتحدث الدريس في مقاله الذي نشرته صحيفة "الحياة" السعودية الصادرة من لندن، بعنوان: " في مصر دولة عميقة وشعب عميق"، عن زيارته الأخيرة للقاهرة "من بعد الثورة والثورة المضادة أو الانقلاب"، واصفا مصر بأنها تخوض نهار كل يوم مباراة بين الفقر والغنى، تنتهي بفوز الفقر، حيث "تخرج جماهيره العريضة في الشوارع كل مساء تحتفل فرحةً، لا بفوزها على الغنى بل بفوزها على البؤس، فالانتصار على البؤس أهم من الانتصار على الفقر!"، بحسب وصفه. وأوضح الكاتب أن مصر لم يتغير فيها شيء سواء إلى الأسوء أو الأحسن، وأنها لو أرادت أن تتغير لغيرتها "حرب العام 1973 وحادث المنصة والمباراة مع منتخب الجزائر والاشتباك مع قناة الجزيرة وانتحار سعاد حسني"، بحسب قوله. وأكد الكاتب أن مصر منيعة على التغيير، "ولو صدر فرمان دولي يلزم العالم كله بالتغيّر فوراً لكانت مصر آخر دولة تستجيب، إن استجابت لذلك". وسرد الكاتب في مقاله مشهدا رآه في النيل ليدلل على أن مصر لم تتغير قائلا: "على ضفاف النيل مرّ إلى جوارنا قارب سكني صغير، الأم في حوضه تطبخ الغداء للصغار الذين يتقافزون على أطرافه، والأب يجدّف باتجاه الجهات الأربع، والفرش والمواعين في التجويف الذي يتحول إلى غرفة نوم ليلاً. هذه العائلة المصرية التي سكنت الماء منذ خمسة آلاف سنة هرباً من بطش فرعون على اليابسة لا تعلم من هو فرعون مصر الآن: أخناتون أم رمسيس أم مبارك أم مرسي أم السيسي! ولا يهمها أن تعرف فكلهم عندها سواسية، إذ لم يتغير شيء في نمط معيشتها ومستوى قاربها منذ الفرعون الأول حتى الفرعون الأخير". وأشار الكاتب أيضا في مقاله إلى حوار دار بينه وبين أحد العاملين في أحد مقاهي الحسين، قائلا: "سألت نادل المقهى في حي الحسين: كيف الأحوال مع السيسي الآن؟!، أجابني من دون تحضير إجابة : يا سلاااام، ده رجّع لنا مصر. قلت: إذاً أنت كنت مش مبسوط مع مرسي؟، قال: لا بالعكس. ده كان راجل طيب وبتاع ربنا وعايز يشتغل ويغيّر. قلت: إذاً أنت كنت مع تغيير مبارك وبس سواءً جاء مرسي أو السيسي؟، قال: لا أبداً. أنا كنت بحبّ مبارك وما شفناش منه غير الخير!. لم أُرد أن أشغله عن زبائنه بإكمال السؤال عن رأيه في الرؤساء والملوك والفراعنة السابقين، لأنني بتُّ أستطيع تخمين إجابته". واختتم الكاتب مقاله قائلا: "صاحب القارب لا يعرف من الذي يحكم البلد، وصاحب المقهى لا يعرف كيف يُحكم البلد، وصاحب البلد لا يعرف كيف يعيش صاحب القارب وصاحب المقهى. في نشرات الأخبار يقولون لك إن الدولة العميقة هي التي تدير مصر. في الشوارع والمراكب والحناطير ستدرك أن الدولة العميقة تدير الحكومة، والشعب العميق هو الذي يدير البلد، هنا القاهرة. المدينة التي لا يتغير فيها سوى فرعونها!".
مشاركة :