فى شهرين اثنين، وعلى مدى 60 يوما، قادت مصر ليبيا نحو السلام، ووضعت قدميها على الطريق الصحيح من أجل حل الأزمة الليبية، من خلال وقف إطلاق النار، ووقف العمليات العسكرية فى جميع الأراضي الليبية، باعتبار ذلك خطوة مهمة على طريق تحقيق التسوية السياسية، وطموحات الشعب الليبى فى استعادة الاستقرار والازدهار، وحفظ مقدراته.فبنظرة ثاقبة، وبعد نظر، وحكمة فى إدارة الأزمة، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى، موقف بلاده من الأزمة الليبية، مؤكدا على ثوابت عدة، ترتكز جميعها على وقف العمليات العسكرية، ومن ثم تحقيق التسوية السياسية، التى تضمن لليبيا وشعبها أمنا واستقرارا، وتحفظ لها سيادتها، وتقضى على الاقتتال الدائر، الذى دخل فيه مرتزقة أجانب، لا يهمهم سوى تنفيذ مخطط دنىء، غير عابئين بتبعات ما يقترفون.سرت والجفرة خط أحمرالبداية كانت قبل شهرين، حين أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى، تحذيرا شديد اللهجة، قال فيه إن تجاوز مدينة سرت والجفرة "خط أحمر" بالنسبة لمصر وأمنها القومى.جاء ذلك، فى أثناء تفقده للمنطقة الغربية العسكرية، المحاذية للحدود مع ليبيا، بحضور الفريق أول محمد زكي، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق محمد فريد حجاى، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وقادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة.واستهل الرئيس السيسي، حديثه، بقوله، إن الجيش المصري من أقوى الجيوش في المنطقة، وإنه جيش رشيد يحمي ولا يهدد، مؤكدا أن الجيش المصري قادر على الدفاع عن الأمن القومي لبلاده داخل الحدود وخارجها.وأكد الرئيس السيسي، على الكفاءة العالية للقوات المسلحة وجاهزيتها لتنفيذ أي مهام، وتابع: "متأكد أننا لو احتجنا منكم تضحيات وهنا بنبذل تضحيات كبيرة جدًا، كونوا مستعدين لتنفيذ أي مهمة داخل حدودنا أو إذا تطلب الأمر خارج حدودنا".ودعا السيسي، حينها، إلى وقف إطلاق النار في ليبيا عند نقطة الاشتبالك بين الجيش الوطنى الليبى، وحكومة الوفاق، التى تقع على حدود مدينة سرت وقاعدة الجفرة الحصينة، مؤكدا أن التدخل مباشر من جانب مصر في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية الدولية.وأشار السيسي إلى استعداد مصر لتدريب أبناء وشباب القبائل، تحت إشراف شيوخها، لحماية ليبيا، مؤكدا أن مصر ليس لها مصلحة من وراء ذلك إلا أمن واستقرار شعب ليبيا المعنيين بالدفاع عنها، ضد التدخلات الأجنبية التى أكد على ضرورة خروجها من ليبيا بشكل فوري، لأنها تدخلات غير شرعية تسهم في انتشار الإرهاب.الليبيون يتظاهرون دعما لمبادرة مصرونالت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى استحسان الليبيون، فخرج العشرات من أبناء مدينة سرت، فى تظاهرات مؤيدة للموقف المصرى من أزمة بلادهم، رفعوا خلالها أعلام مصر وليبيا، فيما أكدت قبائل ترهونة أن مصر من حقها التدخل فى الشأن الليبى، بموجب معاهدة الدفاع العربى المشترك.وأعلن حكماء ليبيا رفضهم استعدادهم لفتح باب التطوع لمواجهة التدخل التركى فى ليبيا، فى حين دفع الجيش الوطني الليبي بتعزيزات من مدينة بنغازي إلى سرت، لتأمين المدينة.البرلمان الليبى يطالب السيسى بالتدخل لمساندة الجيش الليبىمن جهته، رحب المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبى، بتصريحات الرئيس السيسي، وقال إنها جاءت استجابةً لندائنا أمام مجلس النواب المصـري بضرورة التدخل ومساندة قواتنا المسلحة الليبية في حربها ضد الإرهاب والتصدي للغزو الأجنبي، مثمنا وقفة الرئيس السيسى الجادة وجهوده لوقف إطلاق النار ودعوته لأشقائه الليبيين إلى وقف القتال وحقن الدماء والوقـوف صفا واحدا لحماية ثرواتهم بإطلاق حوار سياسي يُفضي إلى حلول مرضية.ودعا رئيس البرلمان الليبى، المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة، للدعم في ليبيا لتفعيل العمل بمخرجات مؤتمر برلين والاستماع لصوت السلام والوفاق الذي تضمنه إعلان القاهرة، داعيا شعب ليبيا للوقوف صفا واحدا في مواجهة العدوان السافر على أراضي دولة مستقلة عضو في الأمم المتحدة.وأكد رئيس البرلمان الليبى أن مصر سعت ممثلة في قيادتها الحكيمة منذ بدء الأزمة في ليبيا، إلى الدفع باتجاه الحل السياسي وتحقيق التوافق الليبي - الليبي، واضطلعت بدورها الأخوي الصادق من خلال التعاطي مع جميع الأطراف دون تحيز، من منطلق الحرص على سلامة ووحدة ليبيا وأمنها واستقرارها، حيث إن مصر استضافت المباحثات واللقاءات على مختلف المستويات المدنية والعسكرية، وحرصت على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، وشاركت بكل فاعلية في المؤتمرات واللقاءات في العواصم الدولية، وخاصةً في مؤتمر برلين، ودعمت مخرجاته، وتكللت جهودها بإعلان القاهرة المتضمن وقف إطلاق النار، وتفعيل المسار السياسي، ودعوة الليبيين للجلوس والتفاوض لحل الأزمة.بينما لعب غيرها دور المُحرض على الاقتتال عبر تهريب الأسلحة والمرتزقة لتحقيق أهدافه الاستعمارية، فلم يكن الدور المصري في مختلف مراحل الأزمة الليبية محرضا على الخصومة والاقتتال والفرقة وتعميق الانقسام بين الليبيين، ولم تتجاوز أو تهمل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي رغم ما فيها من تناقضات مع قناعات مصر ومنها ما يسمى بشرعية المجلس الرئاسي منتهي الولاية والصلاحية والفاقد لمبدأ التوافق.القبائل الليبية تفوض السيسى والجيش المصرىكما جاء موقف القبائل الليبية داعما لطلب التدخل المصري عسكريا في ليبيا، إذ فوض مشايخ وأعيان القبائل الليبية الرئيس السيسى والقوات المسلحة المصرية للتدخل لحماية السيادة الليبية، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتأمين مصالح الأمن القومي لليبيا ومصر.وفى الأخير، أعلن فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية المنتهية ولايتها، أمس الجمعة، وقفا شاملا لإطلاق النار، في جميع الأراضي الليبية.وأكد بيان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية المنتهية ولايتها، أن تحقيق وقف فعلي لإطلاق النار يقتضي أن تصبح منطقتي سرت والجفرة منزوعتي السلاح، وأن تقوم الأجهزة الشرطية من الجانبين بالاتفاق على الترتيبات الأمنية داخلها، إلى جانب دعوة السراج، إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة خلال شهر مارس المقبل، باتفاق الأطراف الليبية.وتقدم المستشار عقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبي، بالشكر للرئيس السيسى، على جهوده فى حل الأزمة الليبية.وجاء فى نص رسالة رئيس مجلس النواب الليبي: "فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس جمهورية مصر العربية، إنه لمن دواعى سرورى أن أعبر لكم عن فائق تقديرى لمواقفكم الشجاعة الداعمة لإحلال السلام فى ليبيا، وأخص بالذكر مساندتكم لليبيا اليوم بشأن وقف إطلاق النار، والدخول فى العملية السياسية، للوصول إلى تسوية سياسية للأزمة الليبية".كما أكد عقيلة أن وقف إطلاق النار سيخرج المرتزقة من ليبيا، وسيؤدي إلى تفكيك الميليشيات، ودعا إلى أن تقوم قوة شرطة أمنية رسمية من مختلف المناطق بتأمين سرت.وجاءت المواقف العربية والدولية مرحبة بوقف العمليات العسكرية على الأراضى الليبية، باعتبارها خطوة على الطريق الصحيح من أجل حل الأزمة الليبية.ترحيب بوقف إطلاق النارفالموقف المصرى، الذى يعد الأبرز، لطبيعة العلاقة التى تربط بين الشعبين المصرى والليبى، والحدود المشتركة التى تجمعهما، تجلى فيما أعلنه الرئيس السيسى، على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، حين كتب يقول: "أرحب بالبيانات الصادرة عن المجلس الرئاسى، ومجلس النواب فى ليبيا، بوقف إطلاق النار، ووقف العمليات العسكرية فى كافة الأراضي الليبية، باعتبار ذلك خطوة هامة على طريق تحقيق التسوية السياسية، وطموحات الشعب الليبى فى استعادة الاستقرار والازدهار فى ليبيا، وحفظ مقدرات شعبها".وتوالت المواقف المرحبة بوقف العمليات العسكرية فى ليبيا، إذ أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، عن ترحيبها الشديد ببياني المجلس الرئاسي ومجلس النواب الرامي لوقف إطلاق النار وتفعيل العملية السياسية في البلاد، وقالت: "قرارات شجاعة ليبيا فى أمس الحاجة إليها في هذا الوقت العصيب".كما رحبت إيطاليا، بالقرار الليبي، إذ أعربت وزيرة خارجيتها عن أملها في أن تشهد التطورات الأخيرة الناتجة عن بياني المجلس الرئاسي ومجلس النواب بشأن استئناف إنتاج النفط في ليبيا تنفيذًا ملموسًا على أرض الواقع، مشيرة إلى أن التطورات الأخيرة الناتجة عن بياني المجلس الرئاسي ومجلس النواب خطوة جريئة ومهمة نحو استقرار ليبيا.
مشاركة :