تونس – بات من شبه المؤكد أن تدعم الأحزاب والكتل البرلمانية الرئيسية الحكومة التي ينتظر أن يعلن عنها خلال الساعات القادمة هشام المشيشي، في خطوة هدفها الرئيسي تجنب المسؤولية عن أزمة سياسية حادة تقود إلى انتخابات مبكرة في وقت تعيش فيه البلاد وضعا اقتصاديا صعبا وعودة قوية لوباء كورونا، ما يجعل الطبقة السياسية في مواجهة مباشرة مع غضب الشارع. ويأتي هذا في وقت تقول فيه تسريبات من اجتماع مجلس شورى حركة النهضة، الذي انعقد مساء السبت، إن هناك توجها للتهدئة مع الرئيس قيس سعيد، ومنع توسع دائرة الخلافات مع مؤسسة الرئاسة إلى مواجهة قد تنتهي إلى حل البرلمان. غازي الشواشي: حكومة التكنوقراط ستزيد من تعميق الأزمة في البلاد غازي الشواشي: حكومة التكنوقراط ستزيد من تعميق الأزمة في البلاد وتقول أوساط سياسية تونسية إن الأحزاب، بما في ذلك التي شاركت بحماس في حكومة إلياس الفخفاخ التي تعرف بحكومة الرئيس1، باتت تشعر بالقلق من توجه الرئيس سعيد إلى تشكيل حكومة كفاءات دون أي دور للأحزاب فيها، وهو ما قد يقود لاحقا إلى سحب كل الامتيازات التي حصلت عليها في السابق، خاصة تمكين أنصارها من مواقع متقدمة في مؤسسات الدولة اعتمادا على المحاصصة في توزيع الوظائف الذي بنيت عليه حكومة الفخفاخ. وفيما ترتفع أصوات كثيرة داعمة لخيار حكومة الكفاءات (التكنوقراط) على أمل أن تحرر تونس من الصراعات السياسية التي فوتت على البلاد فرصا كثيرة للخروج من أزمتها الاقتصادية، فإن الأحزاب تعتقد أن حكومة الكفاءات لا تقدر دون حزام سياسي أن تواجه الأزمات. وقال غازي الشواشي، وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية في حكومة تصريف الأعمال، إن “حكومة التكنوقراط مهما كانت الخلفيات التي تقودها في ظل الوضع المتردي الحالي فإنها ستزيد من تعميق الأزمات التي تمر بها البلاد وستواجه معارضة الجميع”. وأضاف الشواشي، وهو رئيس الكتلة الديمقراطية في البرلمان والقيادي في التيار الديمقراطي، “هذه الحكومة قد تتسبب في انفجار اجتماعي وإفلاس اقتصادي وانفلات أمني يأتي على الأخضر واليابس وينسف مسار الانتقال الديمقراطي برمته”. وراهن التيار الديمقراطي وحركة الشعب وحزب تحيا تونس ممن دعموا حكومة الرئيس1 على دور مهم في الحكومة الجديدة. لكن قيس سعيد، الذي دأب على تحميل الأحزاب مسؤولية الأزمة، يتمسك بحكومة مستقلة تماما عن الأطراف السياسية، وهو ما يجعل نجاحها أمرا مهما بالنسبة إليه. ويرى متابعون أن الأحزاب، وخاصة حركة النهضة، باتت تميل إلى منح الثقة للحكومة الجديدة ودفع الرئيس سعيد إلى تحمل المسؤولية عن نجاحها أو فشلها، فيما تكتفي الأحزاب بالمراقبة والانتقاد من موقع مريح، مراهنة على صعوبة مهمة حكومة المشيشي في مواجهة أزمات معقدة تراكمت منذ 2011، فضلا عن عودة قوية لوباء كورونا ومحدودية الإمكانيات في مواجهته. سمير ديلو: عدم التصويت لحكومة المشيشي قرار شديد الخطورة سمير ديلو: عدم التصويت لحكومة المشيشي قرار شديد الخطورة وتقول مصادر مقربة من اجتماع شورى النهضة إن الحركة تتجه لتبني قرار منح الثقة للحكومة، وأن الهدف تبريد الخلافات مع قيس سعيد، ومنع المواجهة التي قد لا تقف عند حل البرلمان، وأنها قد تتطور إلى فتح الملفات الأمنية وملفات الفساد واختراق المؤسسات وإغراقها بالتعيينات، وإفشال خططها منذ 2011. ودفعت هذه المخاوف سمير ديلو، القيادي في الحركة، إلى القول إن “عدم التصويت لحكومة المشيشي في هذا الظرف قرار شديد الخطورة”، رغم مؤاخذاته على حكومة التكنوقراط وما أسماه بترذيل الأحزاب. وأضاف أن “ترذيل الأحزاب السياسية لن يساهم مطلقا لا في تحسين أوضاع البلاد ولا في دفع الانتقال الديمقراطي”. وكان الرئيس سعيد قد استقبل هشام المشيشي المكلف بتشكيل الحكومة، الجمعة، ما أعطى إيحاء بقرب الإعلان عن التشكيل الحكومي، في وقت تتسع فيه التسريبات عن الأسماء المرشحة للحقائب الوزارية والبحث في ما إذا كانت لها علاقاتها السياسية وارتباطاتها برجال الأعمال وملفات الفساد. وفي 25 يوليو الماضي، كلف الرئيس سعيد، المشيشي بتشكيل الحكومة الجديدة خلال شهر واحد، بدأ يوم 26 من الشهر ذاته. ويعرف المشيشي بأنه شخصية مستقلة، وبعدم انتمائه إلى أي حزب أو قوى سياسية، كما أنه لم يُرشح من قبل أي قوى سياسية ضمن الترشيحات التي طلبها سعيد للمنصب. وحذر رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق من أي تلاعب في اختيار الكفاءات، حاثا على أن تكون هذه الحكومة ” انتقالية ووقتية لأنها تعبير عن أزمة سياسية وبرلمانية وانتخابية”. وقال مرزوق في صفحته الخاصة على فيسبوك “نحن لا نطالب بانتخابات مبكرة لسبب بسيط، وهو أن النظام الانتخابي الحالي سينتج لنا مشهدا شبيها بالمشهد الحالي، وأن نفس الأسباب تنتج نفس النتائج”.
مشاركة :