مساع حثيثة غرب ليبيا لاستمالة الموقف المصري | | صحيفة العرب

  • 8/24/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بعثت حكومة الوفاق الليبية السبت برسائل إلى القاهرة مفادها أنها تتطلع إلى دور مصري إيجابي في الأزمة الليبية، في خطوة رأى فيها مراقبون محاولة من حكومة فايز السراج لاستمالة مصر التي لوحت بالتدخل العسكري المباشر في وقت سابق لفائدة الجيش الوطني الليبي ما عزز مخاوف الإسلاميين من قوة مصر العسكرية. طرابلس - عبّر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية عن تطلعه إلى أن يكون لمصر دور إيجابي خلال المرحلة القادمة، مُبديا أمله في أن تكون مرحلة بناء واستقرار وسلام وهي المرة الأولى التي تغازل فيها حكومة فايز السراج، واجهة الإسلاميين في ليبيا، القاهرة التي لوحت في وقت سابق بالتدخل في ليبيا. وجاء ذلك خلال اجتماع عقده المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق مساء السبت برئاسة فايز السراج الذي يرأس المجلس وحضور نائبه أحمد معيتيق، وعضوي المجلس محمد عماري وأحمد حمزة. وبرزت بوادر تقرب حكومة السراج من مصر، التي تعد قوة إقليمية أثار تلويحها بالتدخل لفائدة الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر مخاوف الإسلاميين هناك، منذ إعلان وقف إطلاق النار في البلاد عبر تصريحات لوزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا. وقال باشاغا تعليقا على الإعلان عن وقف إطلاق النار في بلاده، إن حكومته تتطلع إلى تطوير التعاون مع الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا ومصر وقطر والأمم المتحدة، مُضيفا “نستطيع جميعا تحقيق مستقبل مزدهر بروح وطنية تجمع الحلفاء والأشقاء للعمل سويا مع ليبيا”. ويرى مراقبون أن التبدل الذي طرأ على الموقف الرسمي لحكومة طرابلس من مصر جاء بعد تلويح الأخيرة، التي يعد جيشها الأبرز في المنطقة، بالتدخل في ليبيا لدعم الجيش ومنع سقوط سرت والجفرة بيد ميليشيات حكومة الوفاق الإسلامية خاصة وأن ذلك سيجعل أمن مصر القومي في خطر. ويتبوأ الجيش المصري الذي كان سيتدخل مباشرة في ليبيا في حال تحرك الميليشيات صوب سرت والجفرة المرتبة الأولى عربيا وأفريقيا والتاسع عالميا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التدخل المصري بات مشروعا بعد أن فوضته القبائل الليبية بذلك وهو ما أرغم حكومة الوفاق وحليفتها أنقرة على إرجاء عملية كانت محتملة في سرت والجفرة. أحمد عليبة: القاهرة تنفتح على كل قوة تتعامل وفق قاعدة المشروع الليبي أحمد عليبة: القاهرة تنفتح على كل قوة تتعامل وفق قاعدة المشروع الليبي وفي تعليقه على تغير موقف حكومة الوفاق من بلاده أكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان المصري، اللواء كمال عامر، أن الأطراف الليبية أدركت أهمية موقف القاهرة، الذي سخّر إمكانيات الدولة لتحقيق جملة من الأهداف وعلى رأسها التخلص من الميليشيات والمرتزقة التي تهيمن على مقدرات الشعب الليبي في الغرب، وتحقيق تماسك الدولة وتجنب الحلول العسكرية ووضع خارطة طريق سياسية، وأن المضي قدما باتجاه تحقيق هذه الأهداف يضمن علاقات مصرية مع جميع القوى الليبية. وأضاف كامل عامر في تصريحات لـ”العرب”، أن “العلاقات المصرية مع الأطراف الليبية على كافة مستوياتها تختلف عن علاقة القاهرة بأنقرة، لأن سياسة أردوغان توسعية بالأساس وتستهدف عودة الدولة العثمانية، وتسعى إلى الهيمنة والسيطرة على ثروات المنطقة، ومصر سوف تبدي مرونة كلما أقدمت تركيا على اتخاذ خطوات إيجابية تثبت من خلالها رغبتها في التعايش السلمي مع شعوب المنطقة” مشيرا إلى أن “القاهرة لا تستهدف الدخول في صراعات عسكرية مع أي طرف إقليمي أو دولي، وإنما تستهدف بالأساس بناء الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة في مصر”. وكانت تركيا التي دعمت حكومة الوفاق بالمرتزقة والأسلحة حاولت التقرب من مصر بعد تدهور العلاقات بينهما بسبب أنشطة أنقرة في المنطقة. وكان مستشار الرئيس التركي ياسين أوقطاي قد قال في وقت سابق إن “تركيا لم تأت لقتال مصر في ليبيا أو أي دولة إقليمية بل هي تدافع عن مصالحها”. وأضاف تعليقا على مذكرة التفاهم التي وقعتها حكومة الوفاق وتركيا بشأن ترسيم الحدود البحرية “إن هذه المذكرة تضمن مصالح مصر أيضا”. ولكن مغازلة أنقرة للقاهرة لم تحظ إلى حد خطّ هذه الكلمات بردّ مصري رسمي وهو ما أرجعه مراقبون إلى الشكوك التي تحيط بجدية تركيا في ترميم علاقاتها مع مصر. وفي هذا الصدد قال الخبير بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أحمد عليبة، إن “هناك الكثير من التصريحات التي تداولتها وسائل الإعلام على لسان المسؤولين الأتراك مجتزأة من سياقها ولا تعبّر عن تغير محوري في العلاقات بين البلدين، إلى جانب أن أنقرة ما زالت تلعب أدورا سلبية في ليبيا، والعديد من الدول العربية، بالتالي فالموقف المصري من تركيا لن يتغير بسهولة، لأن الأخيرة ما زالت تحشد العسكريين التابعين لها في قاعدة الوطية الجوية وميناء مصراتة”. وأوضح في تصريحات لـ”العرب”، “من الضروري ملاحظة أن بيان وقف إطلاق النار صدر عن حكومة الوفاق في طرابلس بمفردها ومن دون أن يكون هناك بيان مشترك مع مجلس النواب الليبي، ما يعني أننا أمام عنوان عريض متفق عليه من الأطراف في وجود تفاصيل كثيرة مختلفة ستكون بحاجة إلى حوارات سياسية فاعلة للتوافق عليها مع أهمية توقف حكومة الوفاق عن الشيكات التي تمنحها لأنقرة مجانا عبر الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية التي تبرمها معها”. وأشار إلى أن القاهرة تثمن التطور الإيجابي الذي حدث بشأن وقف إطلاق النار، لكن ما زال العديد من البنود معلقا، وحلها هو الذي سيحدد شكل العلاقة مع حكومة الوفاق وأنقرة، وعلى رأسها تفكيك الميليشيات والجماعات الإرهابية وإخراج المرتزقة من الأراضي الليبية، وهي بنود محل اتفاق بين مجلس النواب وحكومة الوفاق، فقط تحتاج إلى تنفيذها على الأرض. ولفت عليبة، إلى أن “مصر ليست لديها مشكلة في إقامة تفاهمات مع حكومة الوفاق الليبية، لأن انحيازها الأساسي للدولة واستقرارها، وتتعامل مع جميع الأطراف، لكن ذلك لا يمنع من وجود قوى مقربة إليها مثل رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح إلى جانب أطراف أخرى في الغرب، والقاهرة سوف تنفتح على كل قوة تتعامل وفق قاعدة المشروع الوطني الليبي ومنع تفكك الدولة”.

مشاركة :