مساع حثيثة لتفادي عراقيل إرساء السالم في السودان | | صحيفة العرب

  • 9/4/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الخرطوم – وظفت الحكومة السودانية الأجواء الإيجابية التي أدخلها توقيع اتفاق السلام مع الحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية في جوبا، ودفعت مباشرة باتجاه البدء في مرحلة ثانية من المباحثات مع الحركات التي لم توقع على الاتفاق لتفادي عراقيل قد يسببها التوقيع على اتفاق جزئي. وأشارت تقارير محلية إلى أن رئيس الحكومة عبدالله حمدوك، التقى قائد الحركة الشعبية شمال عبدالعزيز الحلو، في أديس أبابا، مساء الأربعاء، في مباحثات لم تعلن عنها الحكومة رسميا، لمناقشة انخراط حركة الحلو مجددا في السلام ومنح بارقة أمل لاستيعاب حركة تحرير السودان، جناح عبدالواحد نور. ولم تعلن الحكومة عن المدة الزمنية التي تستغرقها زيارة حمدوك إلى أديس أبابا ما يعني أن المباحثات قد تمتد لأكثر من لقاء في استجابة ضمنية لشروط الأخير الذي طالب بأن يكون التفاوض منصبا مع الحكومة المدنية وليس المكون العسكري في مجلس السيادة، ما ساقته الحركة كمبرر لانسحابها من الاجتماع الأخير في جوبا. ويبدو أن رئيس الحكومة على يقين أن الفرصة مواتية لانضمام حركتي الحلو ونور إلى المباحثات في ظل ترحيب عارم باتفاق السلام، جاء مقرونا بضرورة انضمام باقي الحركات للاتفاق، ما يشي بأن هناك محاولات جادة لطي جميع الصراعات المسلحة. الرشيد محمد إبراهيم: محاولات لتجنب تكرار تجربة الإسلاميين مع "العدل والمساواة" الرشيد محمد إبراهيم: محاولات لتجنب تكرار تجربة الإسلاميين مع "العدل والمساواة" ويخشى مراقبون حدوث انتكاسات تعرقل تنفيذ بنود الاتفاق على الأرض، وتضرب مصداقية الحكومة مجدداً، بعد أن نالت عبارات ثناء من قبل المواطنين الذين ينتظرون تحقيق السلام، وتجد أن المزيد من الجهود السياسية مع الحركات المسلحة يخفف عنها ضغوط الشارع الذي تململ من إدارتها للملف الاقتصادي بوجه عام. وتستهدف الحكومة سد الثقوب التي يمكن أن تنفذ من خلالها الأعمال المسلحة في أقاليم الهامش. فمناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق أضحت منقسمة بين حركات وقعت على الاتفاق وأخرى لم توقع بعد، ما يعني إمكانية نشوب صراعات يصعب السيطرة عليها، وعدم تنفيذ ملف الترتيبات الأمنية على أرض الواقع. وأثار متابعون أسئلة عديدة عقب التوقيع على اتفاق سلام بالأحرف الأولى بشأن موقف الحركات المنضوية إلى الجيش، حال حدوث نزاعات في أي من أقاليم الهامش في ظل وجود حركات بعيدة عن السلام، وافترضت إمكانية نشوب نزاعات، وهي أسئلة تكمن خطورتها في أن عقلية الصراع المسلح ما زالت حاضرة في أذهان البعض. وقال أستاذ العلوم السياسية في مركز الدراسات الدولية بالخرطوم، الرشيد محمد إبراهيم، إن حمدوك يعّول على العلاقات القوية التي تربطه بقادة الحركات التي لم توقع بعد على السلام، ويسعى لتوظيفها لإحداث توافق يبدد رغبة بعض القوى السياسية في استغلال غياب بعض الحركات عن السلام من أجل توظيفها للحصول على مكاسب حال تغيرت تركيبة الحكومة الانتقالية. وقبل أسابيع، وقعت الحركة الشعبية شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، اتفاقاً سياسياً مع تجمع المهنيين عقب إعلان الأخير انسحابه من هياكل تحالف قوى الحرية والتغيير، ووجه التجمع انتقادات لاذعة للحكومة لسوء إدارتها المرحلة الانتقالية، ما يعني أن هناك ملامح تعاون بينهما. وأضاف إبراهيم لـ”العرب”، أن السلطة تسعى إلى قطع الطريق أمام محاولات تكرار تجربة التيار الإسلامي مع حركة العدل والمساواة في السابق، بعد أن عمد إسلاميون إلى توظيف الحركة المسلحة للمزيد من النفوذ في الهامش. ويرى متابعون أن خطورة موقف حركة الحلو في أنها ترفع نفس المطالب التي ساقتها الحركة الشعبية لتحرير السودان وقادت إلى انفصال الجنوب، ما يعني بأن إصرارها على مبدأ علمانية الدولة وحق تقرير المصير قد يستهدف انشقاق جزء جديد من السودان، وتذهب الحكومة باتجاه تقديم تنازلات لاحتواء الحركة. ووجه عبدالعزيز الحلو انتقادات لاذعة للحكومة والحركات التي وقعت على اتفاق السلام، واعتبر أن “منهج مسارات التفاوض الذي انتهت إليه مفاوضات الحكومة والجبهة الثورية تهرب والتفاف على مناقشة جذور الأزمة وأسباب الحرب الأهلية”. وقبيل لقاء حمدوك والحلو، نشر الموقع الإلكتروني للحركة الشعبية شمال، تصريحات مطولة للحلو أكد فيها أن أساليب الحكومة “تكتيك قديم استخدمه نظام المخلوع البشير لثلاثين عاما، للتهرب من دفع استحقاقات السلام، وشراء الوقت لزوم البقاء في السلطة باسم الدفاع عن الوطن حتى قسم البلاد”، رافضا الحلول الجزئية، التي تُفضي للمزيد من تفاقم الأزمة، واستمرار عوامل انهيار الدولة. مسار شائك مسار شائك وتوقع الكاتب والمحلل السياسي، عزالدين عثمان، انضمام الحركة إلى المباحثات، وأرجع ذلك إلى رغبة جماهير الحركة في تجنب الصراعات المسلحة. وشاركت هذه الجماهير بكثافة في ميدان التظاهر ضد نظام البشير، وتعد جزءاً أساسياً من الثورة التي وضعت السلام على رأس أولوياتها. وأوضح لـ”العرب”، أن استئناف المباحثات مع الحلو بحاجة إلى إرادة سياسية من جانب الحكومة عبر مخاطبة القضايا التي تطرحها الحركة وتتعلق بعلمانية الدولة والتطرق لموضوع عقيدة الجيش الذي لم تخاطبه المباحثات مع الجبهة الثورية، واقتصرت فقط على دمج وتسريح الجيوش دون وضع أسس بناء جيش قومي موحد. وأشار إلى أن المباحثات ستكون أكثر صعوبة مع حركة عبدالواحد نور والذي لم ينخرط في أي مفاوضات سلام سابقة، ولديه هواجس من الجلوس على طاولة مفاوضات واحدة مع الحكومة. غير أن الشروع في بدء التفاوض معه من داخل الخرطوم وبرعاية دولية يتوافق عليها الطرفان، يمكن أن يقود إلى سلام معه، في ظل ضغوط تمارسها أطراف عديدة عليه للانضمام إلى قافلة السلام. وذهب مراقبون إلى التأكيد على أن الحكومة سترضخ لكثير من مطالب الحركتين كي تلقى التمويل اللازم لعملية السلام، فبدون مشاركة الجميع ستكون هناك مخاوف من ضخ مساعدات قبل تحقق السلام الشامل.

مشاركة :