تترقب مصر بقلق شديد تأثيرات سلبية متوقعة لـ«سد النهضة» الإثيوبي على تدفقاتها المائية من نهر النيل الذي تنحدر معظم مياهه من نهر النيل الأزرق بالأراضي الإثيوبية. لكن ورغم إعلان أديس أبابا انتهاء التعبئة الأولى لخزان السد الشهر الماضي تمهيداً لتشغيله، خلصت المؤشرات الأولية الرسمية في مصر، إلى أن مياه الفيضان هذا العام أعلى من المتوسط، وأن الوارد في أغسطس (آب) الجاري، أعلى من نظيره العام الماضي. واحتفت إثيوبيا نهاية يوليو (تموز) الماضي، بإتمام عملية الملء الأولى لبحيرة السد، بنحو 5 مليارات متر مكعب، قبل التوصل لاتفاق نهائي مع مصر والسودان، ما أثار حفيظتهما، وقدما احتجاجا إلى الاتحاد الأفريقي، الذي يرعى بدوره مفاوضات شاقة حاليا على أمل الوصول إلى اتفاق نهائي. ووفق المسؤولين في إثيوبيا فإن عملية الملء الأولى جرت اعتمادا على موسم الأمطار، دون أي أضرار على دولتي المصب. ولا يتعلق الاعتراض المصري على الملء الأول، بالأضرار المائية المحتملة، وفق لمراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، حيث تدرك القاهرة أن حجم التخزين (5 مليارات) لا يشكل أزمة، وإنما كانت مصر تأمل أن تكون ضمن اتفاق مُلزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد خلال السنوات المقبلة. وتدشن إثيوبيا السد منذ 2011 على النيل الأزرق بهدف توليد الكهرباء. لكن مصر تترقب تأثيره على حصتها من المياه البالغة 55.5 مليار متر مكعب، والتي تعتمد عليها بأكثر من 90 في المائة في تأمين احتياجاتها من الشرب والزراعة. ويقول الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية في كلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن مصر تستهدف التوافق على مراحل ملء السد، خلال موسم الأمطار بطريقة تكون تكيفية وتعاونية تأخذ في الاعتبار الظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق والتأثير المُحتمل للتعبئة على الخزانات الموجودة في اتجاه مجرى النهر، خاصة خلال سنوات الجفاف والجفاف الممتد». ونوه الخبير المائي إلى أن مطلب مصر هو رفض الإجراءات الأحادية، مع ضرورة إشراكها في عملية تشغيل السد هو أمر لا يجب التخلي عنه، بوصفه إجراءً دولياً متعارفاً عليه لا ينقص من السيادة الإثيوبية. بينما يجب وضع تعريفات دقيقة لتوصيف الجفاف والجفاف الممتد، والتزام إثيوبيا بإجراءات لتخفيف المترتب على ذلك. وكانت اللجنة الدائمة لتنظيم إيراد النهر في مصر، اجتمعت أمس، برئاسة محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري بحضور القيادات التنفيذية بالوزارة، لمتابعة موقف الفيضان لهذا العام ومتابعة حالة الأمطار على النيل الأزرق. واستعرضت اللجنة تنظيم إيراد النهر موقف فيضان النيل، والإجراءات التي يتخذها كل من قطاع شؤون مياه النيل، ومركز التنبؤ بقطاع التخطيط بالوزارة، من رصد وتحليل وتقييم لحالة الفيضان، على مدار الأعوام المختلفة، من خلال النماذج الرياضية، واستقراء النتائج واستخلاص التنبؤات بفيضان النيل كمورد رئيسي للمياه في مصر، وكميات المياه المتوقع وصولها حتى نهاية العام المائي الحالي 2021 - 2022 وأشارت البيانات إلى أن معدلات الأمطار في تزايد على منابع النيل. ووفق المؤشرات الأولية للفيضان فإنه من المحتمل أن يكون أعلى من المتوسط، وأن الوارد خلال أغسطس أعلى من نظيره في العام الماضي، بالإضافة إلى أنه سوف يكون هناك مؤشر جيد عن حالة الفيضان في نهاية سبتمبر (أيلول). جدير بالذكر أنه يتم التنسيق على مدار الساعة بين الري المصري بالسودان ونظيره السوداني في إطار من التعاون المتبادل وتبادل البيانات والمعلومات وإجراء القياسات المشتركة في بعض محطات القياس. ووجه عبد العاطي اللجنة العليا لمتابعة إيراد النهر بأن تكون في حالة انعقاد مستمر لاتخاذ ما يلزم؛ من إجراءات للتعامل مع الفيضان لهذا العام. وتجري حاليا مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، براعية الاتحاد الأفريقي، وحضور مراقبين دوليين، في محاولة جديدة لإيجاد مخرج توافقي، للمفاوضات المتعثرة منذ 9 أعوام. وقالت مصر، يوم الجمعة الماضي، إن مسودة أولية جرى إعدادها لاتفاق سد النهضة، تتضمن تجميع مقترحات الدول، في مستند واحد يحدد نقاط الخلاف والتوافق. حيث تم التوافق على دراستها من خلال اللجنة الفنية القانونية، حتى 28 أغسطس الجاري، على أن يتم إعداد تقرير لعرضه على رئيس جنوب أفريقيا بوصفه الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.
مشاركة :