رغم أن الترجمة لعبت دورا كبيرا في النهوض بحضارات الأمم إلا أنها أسهمت أيضا بشكل كبير في حدوث كثير من النزاعات والحروب وانهيار الدول بسبب كلمة ترجمت بطريقة خاطئة. ومن أشهر حالات الترجمة المأساوية ما فعله المترجم البولندي ستيفين سيمور، الشهير بإجادة الترجمة المكتوبة، عند زيارة الرئيس جيمي كارتر إلى بولندا عام 1977، ولكن لم يحالفه الحظ في ترجمة كلمات الرئيس التي قيل لاحقا إنها ربما تكون مقصودة من الرئيس الأمريكي لإثارة البولنديين، فقد ترجمت كلماته "إنني جئت لزيارتكم لأتعرف على آرائكم ورغبتكم في المستقبل. إنني أرغب في التربيت على أجسادكم"! ولم يكتف بهذا الخطأ القاتل بل استمر في الخطأ، فعندما عبّر الرئيس عن سعادته بوجوده في بولندا ترجمها على أنه سعيد لاكتشاف أجزاء خاصة في بولندا، وختم أخطاءه الفادحة بتغيير معنى كلمات الرئيس عندما عبر عن اعتزازه بالدستور البولندي عام 1791، الذي يعتبر أحد أهم ثلاث وثائق كتبت في النضال من أجل حقوق الإنسان، وقال سيمور إن دستوركم تعرض للسخرية، ما أثار غضب البولنديين واستياءهم وكان ذلك كافيا لمغادرتهم القاعة! واستمر سوء الفهم واختلاف معاني الكلمات بين الدول رغم تشابه نطقها عندما سأل الرئيس جون كنيدي، جوزيف لونس، الوزير الهولندي السابق للشؤون الخارجية عن هواياته، وأجابه بكلمة بولندية تعني "ترويض الخيول" ولكنها بالإنجليزية تعطي معنى مغايرا تماما وخارجا عن اللياقة، فاستغرب الرئيس وقال "باردون" ــ أي عفوا، وأكد له الوزير وقال "نعم"، لأن كلمة باردون بالبولندية تعني خيول مما زاد دهشة واستغراب كنيدي! وموقف طريف آخر عندما تقدم المندوب الإسباني للميكروفون ليعتذر من الفرنسيين عن عدم إكمال اللقاء نظرا لإصابته بالبرد، التي يتشابه نطقها مع كلمة إمساك بالفرنسية "كونستيبيتو"، ونقلها المترجم كما هي، ما أدخل القاعة في نوبة من الضحك وضج الحضور، وفشلت كل محاولات المترجم للتوضيح وتصحيح الترجمة! وفي عام 1945 تسببت ترجمة خاطئة لرد رئيس وزراء اليابان على إعلان "بوتسدام" الذي أصدرته أمريكا في زيادة الأزمة بين اليابان وأمريكا، فقد تحولت كلمة "كوموساتسو" التي تعني حرفيا "القتل بصمت"، ولكنها تعني في سياق حديثه سنتجاهل الموضوع! مما جعل الحكومة تؤثر في قرار الرئيس "هاري ترومان" وإلقاء القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناجازاكي وتسبب في كارثة إنسانية! وعند زيارة المبعوث الأممي الجنرال كورت فالدهايم لإيران عام 1980 للتفاوض على الإفراج عن الرهائن الأمريكيين قال: لقد جئت كوسيط للتوصل لحل وسط"، كانت كلمته "حل وسط" تعطي دلالة سلبية بالفارسية مثل "خيانة"، ووسيط بالفارسية يعني "دخيل" بدلا من مبعوث. ولم يكد ينهي خطابه إلا وتجمهر الإيرانيون خارج المبنى ورموا سيارته بالحجارة وخابت مساعيه! وللحديث بقية.
مشاركة :