سؤال حقوقي لقطر: كيف يشتغل عمّال منشآت كأس العالم بلا أجور؟ | | صحيفة العرب

  • 8/25/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كل الجهود التي بذلتها قطر وكل التكاليف المادية التي تحملتها ميزانيتها لأجل الحصول على امتياز تنظيم كأس العالم 2022 وتوفير أسباب النجاح للمناسبة الرياضية الدولية الأكثر شهرة وأهمية، كانت بهدف تحسين صورة البلد وتسويق انطباع جيّد عنه بين الأمم.. واليوم وقبل نحو سنتين على انطلاق النهائيات، تبدو الدوحة بصدد جني نتائج عكسية تماما بسبب الضرر البالغ الذي لحق بسمعتها جراء فشلها في تحصين حقوق العمال الأجانب العاملين في ورش إقامة البنى التحتية للمناسبة الرياضية ذاتها، وحمايتهم من الاضطهاد وسوء المعاملة. الدوحة- لم تتمكّن قطر من تفادي الانتقادات الموجّهة إليها بشأن أوضاع العمّال الأجانب على أرضها، رغم الإصلاحات التي أدخلتها على قوانينها المنظمة لعلاقات العمل، والتي كثيرا ما توصف بالشكلية لانعدام أثرها الفعلي على أوضاع هؤلاء العمال الذين تعرض كثيرون منهم لصنوف متعدّدة من سوء المعاملة وصلت في بعض الأحيان حدّ تعرض حياتهم للخطر جرّاء العمل والعيش في ظروف قاسية، فضلا عن عدم تمكّن آخرين من تحصيل أدنى حقوقهم وفي مقدّمتها مستحقاتهم المالية. وأفادت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير نشرته الاثنين، بأن قطر حقّقت “تقدما محدودا في حماية العمال الوافدين”، وأن حكومتها لم تنفذ بعد وعودها بإصلاحات أساسية رغم اقتراب موعد إجراء نهائيات كأس العالم. وكان فتح الورش الضخمة لبناء ملاعب ومنشآت كأس العالم 2022 الذي سيقام في قطر قد تطلّب جلب مئات الآلاف من العمال الأجانب بشكل سريع، دون توفير البنى التحتية اللاّزمة لاستيعابهم، فضلا عن قصور التشريعات القطرية على تنظيم علاقاتهم بمشغّليهم وضمان جميع حقوقهم. وتحدّثت عدّة هيئات حقوقية دولية، وكذلك وسائل إعلام غربية عن وفاة الكثير من العمال الأجانب في قطر بسبب ظروف العمل غير الملائمة وضعف وسائل الحماية وضمان السلامة في مواقع العمل، كما تحدّثت عن امتناع الكثير من المشغّلين عن الإيفاء بالتزاماتهم المالية تجاه العمّال بما في ذلك عدم دفع مرتّباتهم في مواعيدها المحدّدة وبشكل منتظم. وسبق لوسائل التواصل الاجتماعي أن تناقلت صورا وأشرطة لعمال وافدين إلى قطر وهم يشاركون في احتجاجات نادرة الحدوث في قطر للمطالبة بحقوقهم. وساهمت جائحة كورونا التي غزت قطر على غرار سائر بلدان العالم، في لفت النظر إلى ظروف عيش العمّال السيئة، حيث يتكدّس عشرات الآلاف منهم في معسكر قرب العاصمة الدوحة ويتقاسمون غرفا ضيقة كما يتقاسمون المطابخ والحمامات بشكل جعلهم عرضة للإصابة بالفايروس أكثر من سائر سكّان الإمارة. مايكل بيج: نعلم بوجود عمال يشتغلون تحت طائلة الخوف من الانتقام مايكل بيج: نعلم بوجود عمال يشتغلون تحت طائلة الخوف من الانتقام وفي شهر مارس الماضي، ومع تسارع انشار وباء كورونا عبر العالم، أطلقت منظمة العفو الدولية تحذيرا من تعريض الحكومة القطرية للآلاف من العمال والمهاجرين في المنطقة الصناعية بالعاصمة الدوحة لخطر الإصابة بالفايروس، حيث أشارت المنظمة الدولية إلى إقدام السلطات القطرية على إغلاق المنطقة التي تؤوي الآلاف من العمال ما جعلهم محاصرين في ظروف مهيأة لانتشار الفايروس في أوساطهم. وقالت المنظّمة عبر موقعها في تويتر إنّ “من المعروف أن معسكرات سكن العمال في قطر مكتظة وتنقصها خدمات المياه والصرف الصحي الضرورية ما يعني أن العمال هم حتما أقل قدرة على حماية أنفسهم من كورونا”، مشدّدة على وجوب أن تجعل الحكومة القطرية حقوق الإنسان في جوهر جهودها لاحتواء الوباء، وأن تضمن حصول الجميع على الرعاية الصحية والوقائية دون تمييز، وداعية الدوحة إلى ضمان عدم تهميش العمال المهاجرين بشكل أكبر في ظل هذه الأزمة. وجاء ذلك بعد أن تسرّبت معلومات بشأن بلوغ الأوضاع السيئة للعمال الأجانب في قطر حدّ عجز الكثيرين منهم عن الحصول على الغذاء، وفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية وجاء فيه أنّ أعدادا من هؤلاء العمّال باتوا مجبرين على التسوّل للحصول على الطعام بعد أن وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل من دون مرتّبات بفعل توقّف المشاريع والأعمال التي يشتغلون بها. وقالت منظمة هيومن رايس ووتش في تقريرها الأخير “إنّ جهود السلطات القطرية لحماية حقّ العمال الوافدين بأجور دقيقة ومنتظمة هي إلى حدّ كبير غير ناجحة. ورغم بعض الإصلاحات خلال السنوات الأخيرة، يستمر عدم دفع الأجور، بالإضافة إلى انتهاكات أخرى منتشرة ومستمرة لدى ستين صاحب عمل وشركة على الأقل في قطر”. وأصدرت المنظمة تقريرا بعنوان “كيف نعمل دون أجر؟.. انتهاكات الأجور بحق العمال الوافدين قبل كأس العالم 2022” تحدثت فيه عن انتهاك أصحاب العمل في مختلف أنحاء قطر لحق العمال بالأجر في الكثير من الأحيان، معتبرة أن قطر لم تنفذ التزامها أمام منظمة العمل الدولية في 2017 بحماية العمال الوافدين من عدد من الانتهاكات. وردّت حكومة قطر على المنظمة متهمة إياها بـ”تضليل الرأي العام”. وجاء ذلك في بيان أصدره مكتب الاتصال الحكومي قال فيه إنّ “منظمة هيومن رايتس ووتش تعمدت تضليل الرأي العام في تقريرها، وأضرت بمن تزعم بأنها تقدم المساعدة لهم”. وأضاف “لقد كررت المنظمة أخطاءها السابقة حول السياسات المتبعة في دولة قطر في تقريرها الأخير، والذي لا يعكس على الإطلاق حقيقة الأوضاع الراهنة، حيث إن الغالبية العظمى من الأفراد الذين قدموا إلى دولة قطر للعمل لا يتعرضون لأي شكل من أشكال الانتهاكات في ما يتعلق بالأجور باستثناء عدد قليل من الحالات الفردية، علما بأن عدد هذه الحالات قد شهد تراجعا ملحوظا نظرا للتغيير الجوهري والمستدام الذي أحدثته القوانين والإجراءات التي اتخذتها الدولة”. وقال نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش مايكل بيج “عشر سنوات مرت على فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022، ولا يزال العمال الوافدون يعانون من تأخير دفع الأجور، أو دفعها ناقصة، أو عدم دفعها”. وأضاف “علِمنا بعمال يعانون من الجوع بسبب تأخير الأجور، وعمال مثقلين بالديون يكدون بالعمل للحصول على أجور ناقصة، وآخرين عالقين في ظروف عمل سيئة خوفا من الانتقام”. يتكدّس عشرات الآلاف منهم في معسكر قرب العاصمة الدوحة ويتقاسمون غرفا ضيقة كما يتقاسمون المطابخ والحمامات بشكل جعلهم عرضة للإصابة بالفايروس أكثر من سائر سكّان الإمارة ولفتت المنظمة إلى أنّ انتهاكات الأجور تفاقمت منذ انتشار فايروس كورونا، حيث “تذرّع بعض أصحاب العمل بالوباء لحجز الأجور أو رفض دفع أجور عالقة لعمال محتجزين أو مبعدين قسرا إلى أوطانهم”. وسبق لمنظمة العفو الدولية أن أكّدت في أحد تقاريرها بشأن قطر، أنّ عمالا وافدين يشتعلون في مشروع بناء أحد ملاعب المونديال لم يحصلوا على أجورهم لمدة تصل إلى سبعة أشهر. وقال بيج “لدى قطر سنتان قبل الركلة الأولى في مباريات كأس العالم. الوقت يمر بسرعة، وينبغي لقطر أن تُظهر الالتزام بوعدها إلغاء نظام الكفالة، وتحسين أنظمة مراقبة الأجور، وتسريع آليات الانتصاف، ووضع تدابير جديدة لمعالجة انتهاكات الأجور”. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :