إيران تسبق قطر إلى الاستئثار بإنتاج حقل الغاز المشترك | | صحيفة العرب

  • 8/25/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

استقبل المحللون إعلان إيران عن تدشين مرحلة جديدة من إنتاج الغاز الطبيعي في الحقل المشترك مع قطر بالخليج العربي، بالكثير من الاستغراب في ظل القيود الغربية التي ضيّقت عليها النشاط في هذه الصناعة، كما أنه قد يثير حفيظة الدوحة كونه يقوّض استراتيجيتها لزيادة الإنتاج وتحقيق عوائد أكبر. طهران - وجهت إيران الاثنين ضربة لحليفتها الخليجية قطر بتوسيع خطط زيادة إنتاج الغاز من حقل الشمال المشترك، الذي تطلق عليه طهران اسم حقل “بارس الجنوبي”. ويبدو أن طهران، التي يعاني اقتصادها من مشاكل متنوعة بسبب العقوبات الأميركية القاسية، استغلت عزلة الدوحة بسبب المقاطعة الخليجية لتعزيز انفرادها باستغلال الثروة المشتركة. ولكن خبراء يرون أن الخطوة، التي أعلن عنها الرئيس حسن روحاني، لا تعدو أن تكون سوى رسائل طمأنة للداخل بعد موجة احتقان شعبي على السياسات الحكومية، حيث يتهمونها بالتقاعس في معالجة تداعيات أزمة وباء كورونا على النحو الأمثل. ونسبت وكالة الأنباء الإيرانية “إيرنا” إلى روحاني قوله خلال تدشين عدة مشاريع تابعة لوزارة النفط، إن “جميع مراحل حقل بارس الجنوبي للغاز قد افتتحت ولم تتبق إلا مرحلة واحدة”. وحاول روحاني طمأنة الإيرانيين من خلال التأكيد على أن “البلاد حققت الاكتفاء الذاتي بشكل كامل في مجال الغاز وهذا أكبر إنجاز نقدمه للحكومة القادمة”. ويشكك الخبراء في قدرة إيران التكنولوجية على استغلال احتياطات الحقل العملاق بسبب العقوبات الغربية المفروضة على صناعتها النفطية. وتأمل إيران في أن تحقق عوائد بقيمة 37 مليار خلال سنوات، غير أن المحللين يضعون تلك الطموحات في دائرة الشكوك لعدة عوامل موضوعية تتعلق أساسا بضعف الطلب العالمي على الغاز وتراجع أسعاره رغم أنه ارتفع خلال الأشهر الأخيرة بشكل ظرفي نظرا لتعطل أحد مصانع أستراليا. كما أن من العراقيل التي قد تؤثر على المشروع هو أن الحقل استثمَار مُشترك في مياه الخليج العربي مع قطر، التي تعاني بدورها من مشاكل مالية نظرا لاعتمادها الشديد على عائدات الغاز في ظل أزمة كورونا. ويمتد الحقل المشترك على مساحة تقدر بنحو 9700 كيلومتر مربع، تقع نحو 3700 كيلومتر مربع منها في المياه الإقليمية الإيرانية في الخليج العربي، بينما نحو 6 آلاف كيلومتر مربع في المياه الإقليمية القطرية. 8 في المئة من الاحتياطات العالمية المؤكدة من الغاز يضمها حقل بارس الجنوبي، وفق البيانات ويحتوي الحقل على نحو 8 في المئة من الاحتياطات العالمية المؤكدة من الغاز الطبيعي، إضافة إلى نحو 18 مليار برميل من المكثفات النفطية. وقالت شركة بارس الإيرانية للنفط والغاز المتعهدة بالمشروع السبت الماضي، إنها بدأت باستخراج الغاز في منصة بحرية جديدة في الحقل المشترك مع قطر، في إطار المرحلة 13 من تطوير الحقل. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن متعهد تطوير هذه المرحلة، بيام معتمد، قوله إنه “تم البدء في عمليات استخراج الغاز الغني من المنصة الثالثة سي 13”. وأوضح معتمد أنه تم تحويل 400 مليون قدم مكعبة من الغاز للمصفاة الجمعة الماضي، مشيرا إلى أن طاقة استخراج الغاز من المنصات البحرية للمرحلة 13 بلغ 43 مليون متر مكعب يوميا. وأشار إلى أنه من المتوقع بلوغ طاقة إنتاج المرحلة 13 مستوى 56 مليون متر مكعب يوميا في الشهور المقبلة، مع اكتمال التمديدات في آبار المنصة أي 13. ومنذ 2014 لم تتمكن طهران من زيادة إنتاج الغاز الطبيعي حيث لا تزال تنتج من 12 رقعة في الحقل، الذي يعتبر أكبر مشروع تقوم به من حيث حجم الأنشطة والاستثمارات وكمية الإنتاج. ومن الواضح أن هذا التحرك يأتي كرد فعل طبيعي لطهران، التي ظلت تتفرج منذ عقود على استئثار الدوحة بالإنتاج من الحقل بوتيرة جعلتها أكبر مصدّر للغاز في العالم. ويقول محللون إنه كان يمكن أن يقوّض محاولات السلطات القطرية لاسترضاء إيران، التي أصبحت نافذتها الرئيسية على العالم، رغم أن كلا البلدين يعانيان من عزلة كبيرة. ويرى البعض أن ارتماء السلطات القطرية في أحضان إيران في هروبها من تداعيات المقاطعة العربية، لا يخفي التوتر المكتوم بشأن اندفاع قطر الهائل لاستغلال حقل الغاز المشترك بأسرع وتيرة ممكنة. حسن روحاني: جميع مراحل الحقل قد افتتحت ولم تتبق إلا مرحلة واحدة حسن روحاني: جميع مراحل الحقل قد افتتحت ولم تتبق إلا مرحلة واحدة ويبدو التقارب المعلن بين الدوحة وطهران مليئا بالتناقضات رغم أنه يستند إلى معاناة البلدين من عزلة دولية ومن أزمات متشابهة واتهامات دولية بدعم الإرهاب وجماعات الإسلام السياسي والتدخل في شؤون الدول الأخرى. وفي سبتمبر 2018، كانت شركة قطر للبترول المملوكة للدولة قد سبقت طهران حينما كشفت أنها ستوسّع استثماراتها في الحقل المشترك. وأعلنت الشركة حينها أنها تخطط لزيادة طاقة إنتاج الغاز المسال من الحقل بإضافة خط إنتاج عملاق إلى خطوط الإنتاج الثلاثة التي أعلنت عنها في يوليو من 2017. وقال سعد الكعبي الرئيس التنفيذي لقطر للبترول في ذلك الوقت إن “إضافة خط رابع إلى خطة التوسع ستزيد طاقة إنتاج المشروع اليومية إلى 4 آلاف طن من الإيثان ونحو 263 ألف برميل من المكثفات ونحو 11 ألف طن من غاز البترول المسال، إضافة إلى 20 طنا من الهليوم”. وأشار إلى أنه عند اكتمال المشروع ستصل طاقة قطر الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال إلى 110 ملايين طن، والتي سترفع الإنتاج الإجمالي من 4.8 إلى 6.2 مليون برميل من النفط المكافئ يوميا. وفشلت جهود طهران لاستثمار جانبها من الحقل المشترك بسبب العقوبات الغربية. ولم تتمكن حتى بعد تخفيف العقوبات قبل أربع سنوات من إطلاق أي مشروع بسبب خشية الشركات العالمية من الوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية. ووقعت الحكومة الإيرانية في عام 2017 عقدا مع توتال وشركة صينية لاستثمار الحقل المشترك، لكن العقوبات الأميركية أجبرت عملاق النفط الفرنسي على اختيار مصالحه الواسعة مع الولايات المتحدة على مواصلة العمل مع طهران. وسبق أن واجهت طهران نكسات كبيرة في عمليات استخراج الغاز في ذلك الحقل. وفقدت في 2013 منصة غاز بحرية قيمتها 40 مليون دولار، غرقت في مياه الخليج عند تشغيلها في حقل بارس الجنوبي. وكان يفترض تشغيل المنصة التي استغرق بناؤها 30 شهرا، في الحقل وبنت شركة صدرا التابعة للحرس الثوري، والتي تخضع على غرار كل قطاع النفط والغاز الإيرانيين إلى العقوبات الغربية. وتعتمد إيران منذ سنوات على شركاتها الحكومية المحلية في تنفيذ مشاريع إنتاج الغاز في الحقل العملاق، والتي تبلغ تكلفتها نحو 5 مليارات دولار وتقودها مجموعة خاتم الأنبياء الصناعية لحرس الثورة الإيرانية. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :