كشف محللون غربيون النقاب عن تصاعد الانقسامات في صفوف الميليشيات المتحالفة مع حكومة فايز السراج، ما يبرز المشكلات الجسيمة التي تهدد استمرار التحالف المشبوه القائم بين الجانبين، ويُنذر بإفشال أي محاولات لإنهاء النزاع في ليبيا. وقال الخبراء، إن الخلافات الداخلية التي تضرب هذه الميليشيات، لا تعود فقط لتباين «توجهاتها وانتماءاتها الإيديولوجية»، وإنما تُعزى كذلك لـ«النفوذ المتصاعد للمرتزقة الأجانب، خاصة السوريين منهم، ممن جلبهم النظام التركي لدعم حكومة طرابلس». وأكدوا أن التدفق المتزايد للمرتزقة السوريين على المناطق التي تسيطر عليها حكومة السراج «أثر على توازن القوى بين الميليشيات الداعمة لهذه الحكومة من جهة، وأدى لحدوث تغيرات ديموغرافية في صفوفها من جهة أخرى. كما أثار مخاوف من حدوث صدع خطير في المعسكر الداعم لـ«حكومة الوفاق»، لا سيما بعد ظهور صور لمئات من هؤلاء المرتزقة وهم يحملون العلم التركي ويرفعون صوراً لرجب طيب أردوغان، في أحياء بطرابلس في وقت سابق من الشهر الحالي». ووفقاً لتصريحات الخبراء لموقع «أويل برايس» الإخباري، فإن الخلافات والتوترات بين الجانبين «آخذة في التصاعد» بوتيرة متسارعة، خاصة مع تزايد رغبة حكومة الوفاق وقادة النظام التركي الداعم لها، في أن يُشِكل المرتزقة الأجانب رأس حربة في أي معارك قد تندلع ضد الجيش الليبي، وهو ما يعني تقليص دور الميليشيات المحلية، وحرمانها - بالتبعية - من الاستفادة من أي ترتيبات سياسية مستقبلية لتسوية الصراع في البلاد. وأكدوا أن هذا التوجه سيزيد على الأرجح «من سخط واستياء تلك الجماعات، ويفاقم مخاوفها من أنها قد لا تستطيع الحصول على فوائد من وراء اصطفافها خلف حكومة السراج، وقد يدفعها ذلك لإفشال أي محاولات لإنهاء أي حوار سياسي لإنهاء الأزمة. وأضاف الخبراء أن تقليص الاعتماد على هذه الميليشيات في القتال ضد الجيش الوطني، قد يجعلها تولي اهتمامها لأنشطة أخرى تجلب لها أرباحاً، سواء من خلال تعزيز قبضتها على الأصول المملوكة للدولة الليبية، في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة السراج، أو عبر الانخراط في أنشطة إجرامية، مثل تنفيذ عمليات اختطاف بهدف تقاضي فدى للإفراج عن ضحاياها، أو فرض رسوم تنقل على المواطنين الليبيين القاطنين في بلدات ومدن يسيطر عليها هؤلاء المسلحون. وأكد الخبراء، أن المؤشرات الحالية تفيد بإمكانية تصاعد الاشتباكات في صفوف الميليشيات المحلية الموالية لحكومة الوفاق، خلال الأشهر القليلة المقبلة؛ نظراً لأنها كانت تواجه حينذاك «خطراً وجودياً». ولم يغفل الخبراء الغربيون في ختام تصريحاتهم، الإشارة إلى أن تلك الميليشيات المتطرفة، تُشكِّل الجانب الأكبر من القوة القتالية التي تعتمد عليها حكومة طرابلس منذ تشكيلها عام 2015، سواء لتأمين نفسها، أو في محاولاتها المستميتة لبسط سيطرتها على مناطق أخرى، خارج البقعة المحدودة الخاضعة لهيمنتها حالياً. وقالوا إن حكومة السراج تمنح هذه الجماعات المتطرفة في المقابل، نصيبا من العائدات والإيرادات الحكومية دون وجه حق، وتُمَكنِّها من الهيمنة على مؤسسات الدولة الليبية، التي تتخذ من العاصمة طرابلس مقراً لها.
مشاركة :