مع قدوم يومي التاسع والعاشر من شهر الله المحرم من كل عام هجري يشرع المصريون بالاحتفال بهذين اليومين، احتفاءًا يظهر مدى تعلق عادات المصريين بالأحداث الدينية واهتمامهم بها.وليوم "عشوراء" اهتمام خاص عند المصريين فكانت لهم عادة يدخلون بها الفرحة على شعوبهم ارتبطت بهذا اليوم، فقد جرت عادة المصريين في هذا اليوم منذ العصر الفاطمي أن يشرعوا في تحضير طبق حلوى عاشوراء "البليلة" -مكونه من اللبن والقمح والسكر- يحضرونهم في هذه المناسبة، ويتبادلونه فيما بينهم كنوع من أنواع التشارك والتآلف لإحياء هذا اليوم المبارك، وإدخال السرور على الجموع الغفيرة في هذا اليوم لما حوى من فضائل جمة واردة عن صيام « يوم عاشوراء» إنه يكفر ذنوب السنة التي سبقته، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» [رواه مسلم 1162].وازداد تعلق المصريين بهذا اليوم المبارك لاقتدائهم بسنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، فلا يزالون يتواصون بصيام هذا اليوم، ويرجون بره وفضله، فهو يوم تغفر فيه الذنوب والخطايا، ويتقرب فيه بالصدقات، وأفعال الخيرات إلى عالم الخفيات.يمتثلون في هذا اليوم لحديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حينما قال: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم" [متفق عليه]. فلقد صامه سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم- تسع سنين، وفي عامه الأخير قال: "لئن عشتٌ إلى قابل لأصومنَّ التاسع" ولكن توفي النبي – صلى الله عليه وسلم قبل أن يصومه، وأوصانا أن نصوم يوما قبله أو يوما بعده لنخالف اليهود في ذلك.فصيام عاشوراء في التشريع على ثلاث مراتب:-الأول: صوم العاشر وحده -الثاني: صوم التاسع معه -الثالث: صوم الحادي عشر معهما، وهذا أعلى مراتب الصيام كما قال ابن القيم.أما عن ما ورد عن "إحياء ليلة عاشوراء" بذكر أو صلاة معينة، فإنه لا يوجد ليوم عاشوراء ذكر محدد أو صلاة معينة وأن الروايات التي جاءت بتخصيص عبادة معينة كلها غير صحيحة، ولم تثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومنها: «من صلى يوم عاشوراء ما بين الظهر والعصر أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي عشر مرات وقل هو الله أحد إحدى عشرة مرة والمعوذتين خمس مرات فإذا سلم استغفر الله سبعين مرة أعطاه الله في الفردوس قبة بيضاء فيها بيت من زمردة خضراء سعة ذلك البيت مثل الدنيا ثلاث مرات وذلك البيت... »فأقدروا لهذا اليوم قدره، وسارعوا فيه إلى الطاعات والعبادات وأفعال الخيرات تقربًا إلي الله تعالى دون تخصيص أو تعيين، وأكثروا من الدعاء، واطلبوا المغفرة، وافعلوا ما استطعتم من نوافل الخير وسبل البر، وأعينوا الفقير وأغيثوا الملهوف، فعسي الله أن يغيثكم يوم البعث إنه رحيم رؤوف.
مشاركة :