نقيب المحامين يرد على اتهامه بازدراء الأديان

  • 8/29/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نفى نقيب المحامين رجائي عطية، ادعاء البعض بأنه يزدري الدين المسيحي. وقال "عطية" عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "الذي يدعي أنني ازدري المسيحية جاهل، فهي دين سماوي برسالة المسيح الذي أثنى عليه القرآن وأمرنا بالإيمان به". وكان قد نشر رجائى عطية مقال بجريدة الشروق بعنوان " بين السيد المسيح عليه السلام والتلاميذ". نشر بجريدة الشروق بتاريخ  الخميس  27/8/2020  الأمر الذى أدى إلى انتقاد عدد كبير له من المحامين.    وجاء نص المقال من العبارات ذات المغزى الكبير فى الإنجيل ، أن السيد المسيح عليه السلام  مضى شوطًا بعيدًا فى دعوته دون أن يقول إنه هو المسيح المنتظر ، فشاع ذكره فى القرى وتساءل الناس عنه : من يكون ؟ وتختلف وتتباين الإجابات ، والمسيح لا يقول إنه المسيح . بل وسألهم بعد شيوع ذكره وتساؤل الناس عنه : وأنتم من تقولون إنى هو ؟ فأجابه بطرس : أنت المسيح . فانتهره عليه السلام وأوصاهم ألا يذكروا ذلك لأحد فى رواية إنجيل مرقس ، أما فى إنجيل متى فقد روى أن بطرس قال : « أنت هو المسيح ابن الله الحى » ، فأجاب يسوع : طوبى لك يا سمعان بن يونا . إن مخلوقًا من لحم ودم لم يعلن لك ولكنه أبى الذى فى السماوات . وأنا أقول لك إنك أنت بطرس ( بيتر ) وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستى.      أما إنجيل لوقا فالرواية فيه أقرب إلى رواية إنجيل مرقس ، والرواية فى إنجيل يوحناإن السيد المسيح أحس أن الناس يتراجعون عنه « وأن كثيرًا من تلاميذه رجعوا إلى الوراءولم يمشوا معه ، فقال للاثنى عشر : ألعلكم أنتم تريدون أيضًا أن تذهبوا ؟ ....... » ( إنجيل يوحنا 6 : 66 ـ 71 ) .    وقد تسمى كثيرون باسم التلاميذ ، فقال لهم كما جاء فى إنجيل يوحنا : « قال يسوع لليهود الذين آمنوا به إنكم إن ثبتم فى كلامى كنتم بالحقيقة تلاميذى ، تعرفون الحق والحق يحرركم . فأجابوه : إننا ذرية إبراهيم ولسنا عبيدًا لأحد ، فكيف تقول إنكم ستصيرون أحرارًا ؟ .. قال : الحق الحق أقول لكم إن كل من يعمل الخطيئة فهو عبد للخطيئة ، والعبد لا يبقى فى البيت أبدًا . إنما يبقى فيه الابن إلى الأبد ، فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا .. أنا عالم أنكم ذرية إبراهيم ، لكنكم تريدون قتلى لأن كلامى لا يقع منكم موقعًا ..... » ، وحين قالوا إن أباهم إبراهيم ، قال لهم : « لو كان أباكم لعملتم عمله ، ولكنكم الآن تطلبون دمى وأنا إنسان كلمكم بالحق الذى سمعه من الله » ( إنجيل يوحنا 8 : 30 ـ 40 ) .    ويخرج الأستاذ العقاد من القصة التى استكمل روايتها نقلًا عن الأناجيل ـ أن العبرة منها أن السيد المسيح مضى فى دعوته زمنًا ولم يذكر لتلاميذه أنه هو المسيح الموعود ، وأنه كان يعلم ممن يطلبون التتلمذ عليه أنهم لا يدركون ما يقول ، ولا يفرقون بين لغة الحس ولغة الروح أو لغة المجاز ، وأنه أشفق يومًا أن ينفض عنه تلاميذه المختارون كما انفض هؤلاء الذين أرادوا أن يحسبوا أنفسهم من التلاميذ ، وزعموا أنهم مثله فأنكر عليهم دعواهم وقال لهم : « إنما بنوة الله بالأعمال ، وإنما أنتم بأعمالكم أبناء إبليس » .     والشائع أن التلاميذ كانوا طائفة من صيادى السمك فى بحر الجليل ، والواقع أنهم كانوا طائفة تقرأ وتكتب وتتردد على مجامع الوعظ والصلاة ، ولكنهم لم يبلغوا مبلغ الفقهاء فى زمانهم   .      ويذكر الأستاذ العقاد أن الدعوة استمالت إليها فى عصر المسيح وبعده ـ طائفة من المثقفين العلماء مثل « نيقوديمس » عضو المجمع الأعلى ، ومثل الطبيب لوقا صاحب بولس الرسول , ومنهم بولس الرسول نفسه وهو أستاذ فى فقه الدين عالم بالتواريخ .     وقد اختار السيد المسيح عليه السلام اختار أولًا اثنى عشر تلميذًا ثم اختار من بعدهم سبعين وأوصاهم أن ينطلقوا بالدعوة اثنين اثنين , وأنه عليه السلام كان يحذرهم على الدوام من الفتنة الموبقة التى يتحطم عليها نظام كل جماعة .. وهى فتنة التنافس على الرئاسة , فعلمهم أن الأول فيهم هو خادمهم وضرب لهم مثلًا فذًّا فى تاريخ الدعوات ليحفظوا جماعتهم من غواية الرئاسة . وحصر جهده فى تعويدهم « إنكار الذات » وأنه فضيلة الفضائل فى الأعمال العامة . الأناجيل    الإنجيل كلمة يونانية الأصل ، بمعنى البشارة أو الخبر السعيد ، وقد جرى فى القرن الأول للميلاد تداول عشرات الأناجيل ، , ثم ارتضى آباء الكنيسة أربع نسخ منها بالاقتراع , هى إنجيل مرقس , وإنجيل متى , وإنجيل لوقا , وإنجيل يوحنا , مع طائفة من أقوال الرسل المدونة فى العهد الجديد .    ويرجح المؤرخون المختصون ـ فيما يذكر الأستاذ العقاد ـ  أن الأناجيل جميعًا تعتمد على نسخة آرامية مفقودة يشيرون إليها بحرف ك «  Q» , مختزل من كلمة «  كويل  Quelle» بمعنى الأصل , وهم يعللون اتفاق متى ولوقا فى بعض النصوص بأنه لاعتمادهما معًا على تلك النسخة المفقودة .      أما الأناجيل الموجودة الآن , فقد كتبت جميعًا باليونانية العامة ولوحظ فى ترجمتها أنها تعتمد على نصوص آرامية وتحافظ على ما فيها من الجناس وترادف المعانى والمفردات , وتتفق الآراء على أن الأناجيل لا تحتوى كل ما فاه به السيد المسيح , ويستدلون على ذلك بعبارة وردت بأعمال الرسل صادرة عن السيد المسيح لم ترد فى  الأناجيل , هى قوله : « تذكروا كلمات المسيح . أن العطاء مغبوط أكثر من الأخذ »                وتتفق الآراء على أن اثنين من كتاب الأناجيل هما : مرقس , ولوقا ـ لم يلتقيا بالسيد المسيح  , فقد دون مرقس ما سمعه من بطرس الرسول بغير ترتيب وعلى غير قصد فى التجميع , ودون لوقا ما سمعه من بولس الرسول , ولعله أضاف إليها جزءًا من النسخة المفقودة ثم جزءًا من إنجيل مرقس بعد إطلاعه عليه .          وعن إنجيل يوحنا , فيورد الأستاذ العقاد أن أكثر النقاد يجمعون على أن كاتبه هو « يوحنا » تلميذ السيد المسيح , وهذا الرأى لا يتفق ـ فى نظرى ـ مع ما تقاطرت عليه معظم الآراء من أن هذا الإنجيل كتب بين سنة 95 وسنة 98 للميلاد , مما يورى بأن كاتبه لم يلاق السيد المسيح , الأمر الذى يرجح معه رأى الآخرين بأن كاتب هذا الإنجيل « يوحنا » آخر كان فى « أفسس » ولم ير السيد المسيح , ولأن يوحنا تلميذ المسيح هو صاحب سفر الرؤيا المؤلف على أصح الأقوال ـ فيما يورد الأستاذ العقاد ـ سنة 76 م .      ويذكر الأستاذ العقاد أنه خلافًا لهذا كله , يقرر الأب « فرار فنتون » مترجم الإنجيل    أن إنجيل يوحنا هو أقدم الأناجيل . وليس آخرها كتابةً كما يقال , وأنه كتبه أولًا بالعبرية بين سنة 36 وسنة 40 م ثم نقله إلى اليونانية , بيد أن ما ينفى رأيه أن محتوى هذا الإنجيل ثابت فى تفصيله بعض ما أجملته الأناجيل , مع زيادة فى التعبيرات الفلسفية , والتوسع فى شرح العقائد التى أُثرت عن بولس الرسول , مما لا يتفق مع هذا الرأى القائل بأنه أقدم الأناجيل وأولها كتابة .     والترتيب المفضل عند المؤرخين أن إنجيل مرقس هو أقدم الأناجيل , ثم يليه إنجيل متى فإنجيل لوقا , وهى الأناجيل الثلاثة التى اشتهرت باسم أناجيل المقابلة , لإمكان المقابلة فيما بينها من الأخبار والوصايا , ثم تلا هذه الأناجيل إنجيل يوحنا .            ويذكر الأستاذ العقاد أنه عول فى دراسة شخصية السيد المسيح على هذه الأناجيل , حيث لم يجد مراجع أوفى منها لدراسة حياته وأطوار رسالته , منوهًا إلى أنه لم يتعرض للمعجزات التى وردت فيها , لأن تفسير الحوادث منساق بغيرها , فليس فى الأناجيل أن معجزات الميلاد حملت أحدًا على الإيمان بالرسالة المسيحية , وأنه من الحق أن نقول إن معجزة المسيح الكبرى هى هذه المعجزة التاريخية التى بقيت على الزمن : رجل ينشأ فى بيت نجار فى قرية خالية بين شعب مقهور , يفتح بالكلمة دولًا تضيع فى أطوائها دولة الرومان , ولا ينقضى عليه من الزمن فى إنجاز هذه الفتوح ـ ما قضاه الجبابرة لضم إقليم واحد . وهذه معجزة كبرى شاهدة على أن الكلمة حققت به ما تعجز عنه أقوى ما تمتلكه الأجسام !

مشاركة :