أكد محللون غربيون أن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، تشكل الخطوة الأولى على طريق سيفضي على الأرجح، إلى إيجاد تسوية شاملة طال انتظارها في منطقة الشرق الأوسط، بما يكفل حل القضية الفلسطينية، وفتح الباب واسعاً أمام التعاون بين شعوب المنطقة، وليس الحكومات وحدها. وشدد المحللون على أن هذه التسوية، التي تَمس الحاجة إليها منذ عقود طويلة، لم تكن لتصبح ممكنة، لولا التطور الاستثنائي المتمثل في التوصل إلى هذه المعاهدة، التي أعلن عنها في الثالث عشر من الشهر الجاري، بعد جهود دبلوماسية مكثفة. وأوضحوا أن المعاهدة الإماراتية الإسرائيلية، تعكس حدوث تحول واسع النطاق، في الحقائق السائدة على الساحتين الإقليمية والدولية، على صعيد كيفية إحلال السلام في الشرق الأوسط، بما أدى إلى تغيير التصورات الراسخة في الأذهان في هذا الشأن، وفرض أعراف ومعايير مختلفة، خصوصاً مع وصول جيل جديد من القادة إلى قمة هرم الحكم في عدد من الدول المحورية في المنطقة. وأشاروا إلى أن المبادرة الإماراتية الأخيرة، تشكل أساساً لبلورة اتفاق لا يشمل فقط إقامة علاقات طبيعية بين دول الشرق الأوسط كافة، وإنما يرمي كذلك، وبشكل جوهري، إلى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، ومعالجة المظالم التي عانى منها الفلسطينيون منذ أكثر من 70 عاماً. وفي تصريحات لموقع «ذا ميديا لاين» الإخباري الأميركي، قال المحللون الغربيون: «إن هذه المعاهدة ستدشن غالباً الجهود الرامية لبلورة صفقة نهائية في الشرق الأوسط، لاسيما أنها تبعث أملاً حقيقياً، في أن يُحقق السلام هذه المرة، على نحو يختلف عما حدث من قبل، بموجب الاتفاقيات التي وقعتها مصر والأردن مع إسرائيل خلال سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي». فهدف المعاهدة، وفقاً للمحللين، لا يتمثل في الدعاية أو العلاقات العامة، وإنما في تهيئة الأجواء لتبادل الزيارات وتفعيل الشراكة في المجالات الدبلوماسية والتجارية والعلمية، وهو ما بدأ تجسيده بالفعل، عبر اتفاقات تعاون أُبْرِمت بين شركات إماراتية وإسرائيلية، لمواجهة وباء كورونا المستجد الذي يجتاح العالم. ودعا المحللون الإدارة الأميركية إلى الاضطلاع بدور أكبر على صعيد تسهيل التوصل إلى اتفاق نهائي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، بما يسمح بتجاوز التحديات التي يمكن أن تعترض جهود إنجاز التسوية الشاملة في المنطقة، وإحباط المحاولات التي تقوم بها القوى الإقليمية الداعمة للتطرف، والجماعات الإرهابية التي تنضوي تحت لوائها، لعرقلة أي تقدم يتحقق على هذا المضمار. وأكدوا أن على الولايات المتحدة استثمار الزخم الذي أحدثته المعاهدة، لتحويل أي توافقات ثنائية بشأن السلام في الشرق الأوسط إلى اتفاقات أوسع نطاقاً، تسمح لجميع دول المنطقة بالاستفادة من تنوع مواردها، والإمكانيات الهائلة المتوافرة لديها. وشددوا على أن المنطقة بأسرها باتت الآن في حاجة ماسة إلى اتفاق شامل، من أجل التصدي لأنظمة الحكم المارقة، والقضاء على الجماعات المتطرفة، فضلاً عن إعادة بناء الدول والمجتمعات العربية، التي سحقتها الحروب الأهلية والأزمات الاقتصادية وسياسات النظم الديكتاتورية. ومن شأن تحقيق هذا الهدف تعزيز معسكر الاعتدال في الشرق الأوسط وتقليل فرص حدوث تطورات غير مواتية، كوصول جماعة إرهابية مثل «الإخوان»، إلى سدة السلطة.
مشاركة :