الجزائر - أجرت السّلطات المختصّة حركة في إقامة نزلاء سجن الحراش بالعاصمة، بشكل أبعد كل إمكانيات الاتصال والتواصل بين كبار السجناء المحسوبين على نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، حيث تمّ تفريقهم على مؤسّسات عقابية متباعدة وحتى مثيرة للجدل. ونُقل رئيس الوزراء السابق عبدالمالك سلال، من سجن الحراش بالعاصمة إلى سجن المنيعة بمحافظة غرداية الجنوبية، فيما نقل رئيس الوزراء الآخر أحمد أويحيى إلى سجن العبادلة بمحافظة بشار في أقصى الجنوب الغربي، وقبلهما نقل رجلا الأعمال علي حداد ومحي الدين طحكوت إلى كل من سجني تازولت بباتنة، وشاشار في خنشلة بشرق البلاد. ولا يستبعد أن تمسّ حركة نقل سجناء النظام السابق وإعادة توزيعهم أسماء ووجوها أخرى بشكل يخفف الضغط على سجن الحراش بالعاصمة، ويزيح تماما إمكانية الاتصال والتواصل بين هؤلاء داخل مؤسسة واحدة. ووسط جدل حقوقي حول الحركة المذكورة، وحق هؤلاء في البقاء قريبين من مقار إقاماتهم ومن عائلاتهم، يجري التلميح إلى مخاوف جدية لدى السلطة الجديدة بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون، من ثورة مضادة يخطط لها وتدار من داخل السجون، في إشارة إلى عدم استسلام ضحايا التحول السياسي الكبير في الجزائر إلى مصيرهم المشؤوم. ويبدو أن تلميح الرئيس تبون إلى المؤامرة الداخلية والى مخطط إجهاض مشروع التغيير في البلاد، خلال تصريحات متعددة لوسائل الإعلام المحلية والدولية، يشير إلى توصّل السلطة بمعطيات حول مساعي أو تحرّكات من داخل السجون لخلط الأوراق على السلطة الجديدة. حملة قوية تشنّها السلطة ضد ما يعرف بـ"جيوب العصابة"، في إشارة لخلايا النظام السابق وأبرزها كبار المساجين مثل أويحيى وكانت السلطات القضائية بالعاصمة قد أعلنت خلال الأيام الأخيرة عن فتح تحقيق بشأن “اتفاق خدمات” يكون قد أبرم بين رجل الأعمال المسجون علي حداد، وبين شركة أميركية مختصة تعرف بقربها من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بقيمة عشرة ملايين دولار مقابل قيام الشركة بحملة علاقات عامة لفائدة الرجل، وإقناع إدارة البيت الأبيض بالضغط على الحكومة الجزائرية لإطلاق سراحه. ونقلت حينها تقارير محلية أن “سيدة ( صابرينة بن) زعمت أنها مستشارة شخصية لمالك مجمع ‘أو تي أر أش بي’، علي حداد، وقعت اتفاقا باسمه في العاصمة باريس مع ممثلي مجمع ‘سونوران’، مقابل مبلغ عشرة ملايين دولار، يمتدّ إلى غاية نهاية العام 2021، يتضمّن تقديم استشارات وخبرات مهنية وشخصية لإنقاذه من السجن ولإنقاذ المجمّع من السقوط ”. وذكر موقع “فورن لوبي” المختص في جماعات الضغط، بأن مالكي المجمع الأميركي روبرت ستريك وكريستيان بورج، رفضا التعليق أو الحديث عن مضمون الاتفاق المبرم مع مجمّع علي حداد لدى الاتصال بهما بغية الاستفسار عن الاتفاق المبرم. ويبدو أن الاتفاق الذي حمل فرضية التواطؤ واستمرار الاتصالات بين أحد أكبر سجناء نظام بوتفليقة مع محيطه والاحتفاظ بحرية التصرف في الأموال غير المشروعة، قد أثار مخاوف السلطة من إمكانية إدارة هؤلاء لثورة مضادة ضد السلطة من داخل السجن. وفي هذا الشأن نقل مصدر مطلع لـ”العرب”، تعلق رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى بصيرورة الأحداث في الشارع، ويستفسر دوما عن وتيرة الاحتجاجات الشعبية المناهضة للسلطة، مما يحمل أمل الرجل في ميل كفة الضغط لصالح الحراك لخلط الأوراق على السلطة، ومنه إمكانية تغيير موقفها من السجناء الكبار. تصاعد الغضب الشعبي الغضب الشعبي يتصاعد وبتصاعد حدة الغضب الشعبي بالبلاد خلال الأسابيع الأخيرة حيال الحكومة، جراء ما وصف بـ”تراكم الأحداث”، (نقص السيولة النقدية، موجة الحرائق، وتذبذب التزويد بالماء الشرب)، تركّزت حملة قوية من طرف السلطة والدوائر الموالية ضد ما يعرف بـ“جيوب العصابة”، في إشارة لخلايا النظام السابق، وأبرزها كبار المساجين. ولم يتوان الرئيس تبون، ورئيس وزرائه عبدالعزيز جراد، وعدد من الأحزاب والتنظيمات الأهلية، في توجيه أصابع الاتهام للخلايا المذكورة من أجل تأليب الشارع ضد السلطة وتنظيم ثورة مضادة تجهض التحول السياسي الذي تقوده السلطة الجديدة، وهو ما يكون قد دفعها إلى إجراء حركة داخل السجون، فرّقت خلالها بين أكبر رموز النظام السابق، بشكل ينهي تماما إمكانية التواصل أو التنسيق والتخطيط لشيء ما. وشدّدت الحملة المذكورة على فرضية مؤامرة داخلية لم تكشف خيوطها للرأي العام، لكنها ربطتها بما أسمته بـ”تراكم الأحداث” خلال الأسابيع الأخيرة، من أجل “تأليب الشارع ضد السلطات العمومية وإجهاض مسار التغيير في البلاد”. ويبعد أقرب سجن من السجون التي حوّل إليها هؤلاء، بنحو 500 كلم عن العاصمة، الأمر الذي يطرح حق هؤلاء في البقاء قريبين من مقار إقامتهم ومن أسرهم المتمركزة في العاصمة وضواحيها، خاصة بالنسبة إلى أحمد أويحيى، الذي نقل إلى سجن يبعد عن العاصمة بحوالي 800 كلم. ومع ذلك تبقى فرضية تخفيف الضغط على أكبر سجون العاصمة (الحراش) واردة، قياسا بإمكانية انتشار وباء كورونا داخله، حيث سبق لوزير الاتصالات السابق موسى بن حمادي، إثر إصابته بالوباء حسب بعض المصادر، وهو ما نفته النيابة العامة بالعاصمة.
مشاركة :