المسلسل أنتجه سمير خفاجى لحساب الشيخ صالح كامل أثناء مقاطعة العرب لمصر بسبب اتفاقية السلام مع إسرائيل كان مسلسلا إذاعيا بعنوان « بلد المحبوب» بطولة عمر الحريرى وتوفيق الدقن وأخرجه للإذاعة على عيسىوحيد حامد: عادل إمام استمع إليه فى الإذاعة وأبدى إعجابه به فعرضت عليه لعب بطولته للتليفزيون فوافقمحمد فاضل: تجاربى مع عادل إمام تشهد بالتزامه وتواضعه.. ووزير الإعلام نزل من منزله فى الثانية صباحا لحل أزمة فى ستوديو التصويرفردوس عبد الحميد تعتذر لارتباطها بعرض مسرحى فى تونس.. ورجاء حسين البديلة الزعيم يعلق عرض مسرحية «شاهد ماشفش حاجة» للانتهاء من تصوير المسلسل بناء على طلب المخرج وحيد حامد ومحمد فاضل رفضا عمل جزء ثانٍ من المسلسل وقالا: لماذا لا نقدم عملا جديدا؟«من لم يغتن فى عهدى.. لن يغتنى أبدا»، جملة شهيرة قالها الرئيس الأسبق الراحل محمد أنور السادات، لم تكن جملة عابرة، بينما أسست لنظام اجتماعى جديد قائم على «الفهلوة» و«الاستهلاك».. ففى ظل الانفتاح الاقتصادى.. بات الكل يلهث ليصبح ثريا، قبل أن تمر أيام الانفتاح.. ويطوى زمن الثراء السريع.ويبدو أن التغيرات الاجتماعية التى حلت نتيجة لهذه الأفكار.. شغلت عقل الكاتب الكبير العظيم وحيد حامد، لذا صاغ أفكاره عن هذه المرحلة فى مسلسل إذاعى بعنوان «بلد المحبوب»، لعب بطولته الفنان عمر الحريرى والفنان الكبير توفيق الدقن وأخرجه للإذاعة المخرج على عيسى. وبعد النجاح الكبير للمسلسل الإذاعى، فوجئ الكاتب الكبير الذى طالما حمل هم قضايا وطنه بين قلبه وضلوعه.. بصديقه الفنان الكبير عادل إمام يخبره أنه استمع إلى المسلسل إذاعيا.. وكان شديد الإعجاب به (عرضت عليه تحويل العمل إلى مسلسل تليفزيونى يلعب بطولته.. فوافق).. فبدأ وحيد حامد فى كتابة نصه المتميز.. الذى تغير اسمه من «بلد المحبوب».. إلى «أحلام الفتى الطائر».1- الفن.. والمقاطعةورغم مقاطعة الدول العربية لمصر، نتيجة لسياسات الرئيس السادات وزيارة القدس، لم تنقطع علاقة تلك الدول بالفن المصرى، فسياسيا تستطيع أن تقاطع، أما فنيا وثقافيا فكان من المستحيل مقاطعة الفن المصرى الذى يجرى فى شرايين العرب من المحيط إلى الخليج.. ولذلك لم يكن مستغربا أن يقوم الشيخ صالح كامل -رحمه الله - بتمويل إنتاج المسلسل.. على أن تقوم شركة المنتج سمير خفاجى بتنفيذ إنتاجه.وقام المنتج سمير خفاجى بتكليف المخرج الكبير محمد فاضل - عميد الإخراج التليفزيونى - بمهمة إخراج المسلسل الذى صادفه واقعة غريبة، فرغم كون محمد فاضل هو مخرج المسلسل، لكنه لم يعلم أن الشركة العربية للإنتاج الإعلامى التى يملكها الشيخ صالح كامل هى المنتجة، وعندما عمل تيتر المسلسل لم يضع اسم الشركة، وعندما سألوه لماذا؟.. قال: اللى أعرفه أنه إنتاج سمير خفاجى.وعن استمرار التعاون الفنى بين مصر والدول العربية رغم المقاطعة السياسية قال فاضل: يا سيدى الفاضل الأعمال المصرية كانت تسافر إلى الدول العربية بالطائرة على شرائط فى عز المقاطعة.. بمعنى أننا انتهينا مثلا من عمل 7 حلقات قبل رمضان ونقوم باستكمال التصوير كنا نرسل إليهم حلقة حلقة.. التعاون الفنى كان مستمرا لاستحالة الاستغناء عن الفن المصرى».بعد أن وقّع محمد فاضل عقد إخراج المسلسل.. بدأت على الفور جلسات العمل بين الكبيرين تأليفا وإخراجا (وحيد كان مكان جلوسه الدائم بفندق المريديان.. وكان يجلس يوميا من التاسعة صباحا وحتى الثانية ظهرا.. وكنت أمر عليه بشكل شبه يومى فى الحادية عشرة صباحا.. لنتحدث ونتناقش.. وكانت وجهات النظر قريبة.. فلم يكن هناك أى خلاف بيننا.. وعلمت فى البداية أنه تم الاتفاق مع عادل إمام على لعب بطولة العمل.. وعلاقتى بعادل ترجع إلى أيام الدراسة فكنت أنا فى كلية زراعة جامعة الإسكندرية وكان هو زراعة القاهرة وكنا نلتقى فى أسبوع الشباب.. وأخرجت له قبل «أحلام الفتى الطائر» سباعية بعنوان «الفنان والهندسة» سنة 1969 تأليف على سالم.. وسباعية «الرجل والدخان» 1972 تأليف عاصم توفيق.. فقديما كان التليفزيون يكتفى بتقديم 4 سباعيات خلال شهر رمضان حتى لا يستأثر عمل واحد بالمشاهدين).2- فردوس عبد الحميدما أن انتهت جلسات العمل بين المخرج محمد فاضل والكاتب وحيد حامد، بدأ المخرج فى وضع الترشيحات المناسبة للأدوار، وكانت الفنانة القديرة فردوس عبدالحميد هى المرشحة الأولى للعب دور «نعيمة» وهو يعتبر دور البطولة النسائية فى العمل، لكنها اعتذرت عن العمل رغم إعجابها الشديد بالنص الذى كتبه وحيد حامد، كونها كانت مرتبطة بعرض مسرحى يعرض فى تونس.. وكان المسلسل لابد من تصويره للحاق بالعرض فى شهر رمضان، فقام المخرج محمد فاضل بإسناد الدور إلى الفنانة الكبيرة رجاء حسين.وكانت شخصية «إبراهيم الطاير» التى قدمها الزعيم عادل إمام فى المسلسل سنة 1978 قد خرجت لتوها من السجن وعاد لأعمال السرقة والنصب وسرق أموال عصابة وأخفاها.. لذا كان يتنقل من مكان إلى مكان كل حلقتين تقريبا ( الموضوع ده فرض علينا يكون فى كم كبير من الممثلين أمام عادل إمام.. فاستعنت ببعض الطلاب بمعهد الفنون المسرحية وكانت من ضمنهم سوسن بدر التى لعبت دور ناهد، وكانت فى السنة الأولى وكانت أيضا ماجدة زكى التى لعبت دور منى، طالبة بالسنة الثالثة بالمعهد.. علاوة على النجوم الكبار عمر الحريرى، جميل راتب، توفيق الدقن، محمود المليجى، عبدالوارث عسر، أمينة رزق، صلاح منصور، رجاء الجداوى، صفية العمرى، وهدى رمزى وآخرين).سألت المخرج الكبير محمد فاضل: وهل استعنت بالفنانة سوسن بدر من خلال عمل اختبارات فقال: (عرفتها عن طريق زوجها فى ذلك الوقت وهو الدكتور أسامة أبوطالب وكان وقتها مازال معيدا بالمعهد.. ولم أقم بعمل كاستينج للمسلسل).3- سعيد صالحالصداقة الكبيرة التى جمعت بين الفنان عادل إمام والفنان سعيد صالح كانت هى الدافع لمشاركة الأخير كضيف شرف ضمن أحداث المسلسل الذى تم تقديمه فى 14 حلقة، قدم من خلالها سعيد صالح شخصية حمامة بتواجد لا يزيد عن 3 حلقات فقط.. (طبعا عادل إمام وسعيد صالح أصدقاء وهذا معروف.. وسعيد صالح ممثل كبير لم يحصل على حقه وبالمناسبة كنت أول من أعطيته دور البطولة فى مسلسل شرخ فى جدار الخوف سنة 1965 تأليف عاصم توفيق).4- شاهد ماشفش حاجةمرت أيام شهر شعبان سريعة، وأسرة المسلسل لم تنته سوى من نحو 7 حلقات، وكان على المخرج الكبير محمد فاضل تكثيف ساعات وأيام التصوير نظرا لتعرضهم للعرض على الهواء، وقتها كانت أسرة العمل تضطر للإفطار فى استوديو التصوير بالتليفزيون المصرى.. لكن الزعيم عادل اجتمع بالمخرج محمد فاضل واعتذر له عن عدم الإفطار فى الاستوديو.. لكونه يفطر شوربة وبعض الأشياء الخفيفة ويفضل أن يذهب للإفطار فى منزله.. ووافق المخرج محمد فاضل.. وكان عادل إمام يستقل سيارته من أمام مبنى التليفزيون وخلال دقائق يكون فى منزله قبل الإفطار من خلال كوبرى أكتوبر الذى كان لايزال جديدًا.. وكان يسكن وقتها فى شارع النخيل بالمهندسين.المخرج الكبير محمد فاضل قال شهادة للتاريخ عن الزعيم عادل إمام: «كان يذهب للإفطار فى منزله.. ويعود إلى الاستوديو قبل نهاية البريك أى وقت الراحة.. وكأنه لم يغادر أصلا.. وكان فى قمة الالتزام والتواضع مع الجميع.. ليس فى هذا العمل فقط بل فى جميع الأعمال التى قدمناها سويا وآخرها فيلم «حب فى الزنزانة» مع الراحلة الفنانة الكبيرة سعاد حسنى.. وللعلم كان يأتى إلى الاستوديو للعمل طوال النهار ثم يخرج من التصوير للذهاب لتقديم عرضه المسرحى شاهد ماشفش حاجة.. وكان يضطر لمغادرتنا مبكرا.. لكن عندما شعرت بالخطر وأن الوقت يداهمنا طلبت منه وقف العرض بضعة أيام.. واجتمعنا سويا مع المنتج سمير خفاجى منتج العرض المسرحى والمنتج المنفذ للمسلسل.. وتم اتخاذ قرار وقف شاهد ماشفش حاجة.. لم يعترض عادل إمام لأنه فنان كبير ومسئول وشعر بالمسئولية.. ولذلك انتهينا من تصوير المسلسل فى الوقت المناسب وحقق نجاحا طاغيا».5- طلبكم مرفوضالحقيقة أن أثناء تصوير مسلسل « أحلام الفتى الطائر» كان الجميع على قدر المسئولية، كاتب انتهى تماما من كتابة سيناريو مذهل.. ومخرج لا يدخر جهدا.. ونجوم بذلوا كل ما فى وسعهم لخروج العمل فى أفضل صورة.. حتى عبد المنعم الصاوى وزير الثقافة والإعلام فى ذلك الوقت لم يدخر جهدا وحاول تذليل كافة المشكلات.. لدرجة جعلته يخرج من منزله فى الثانية صباحا بعدما تلقى اتصالا هاتفيا من المخرج محمد فاضل لحدوث بعض العراقيل من موظفى التليفزيون فى استوديو التصوير.نزل الوزير من بيته وذهب إلى الاستوديو وحل جميع المشكلات، فالمسلسل كان يعرض أثناء تصوير الحلقات الأخيرة وكان يحقق نجاحا مذهلا لدرجة أن الشوارع كانت خالية من الناس فى وقت عرضه، وهو الأمر الذى دعا جهة الإنتاج لمحاولة عمل جزء ثانٍ من المسلسل، الذى انتهت أحداثه بتلقى إبراهيم الطاير طعنة فى البطن وفى انتظار الإسعاف.. إذن فهو لم يمت.. وبالإمكان أن يبدأ الجزء الثانى بعملية إنقاذه.. وهو الأمر الذى رفضه المؤلف وحيد حامد والمخرج محمد فاضل تماما، وقالا « لماذا نقدم جزءا ثانيا.. ولماذا لا نقدم عملا جديدا».. وانتهت أحلام جهة الإنتاج برفض مؤلف المسلسل ومخرجه حسبما قال لى المخرج الكبير محمد فاضل.6- الزوجة الخائنةلعبت الفنانة الكبيرة الراحلة «رجاء الجداوى» دور سوسن زوجة عمر الحريرى، وهى زوجة خائنة أرادت الخلاص من زوجها والتضحية بابنتها من أجل الزواج برجل ثرى، وبعد عرض المسلسل والنجاح الكبير الذى حققه ذهبت رجاء إلى مدرسة ابنتها أميرة وإذا بالطالبات يستقبلنها بشكل غير جيد كونها شريرة وتركت زوجها وابنتها «ياسمين» ضمن أحداث المسلسل، وهو الأمر الذى جعل رجاء الجداوى تكره الدور وتقرر ألا تلعب أدوار شر مرة أخرى.وبالمناسبة الطفلة التى لعبت دور ابنة رجاء الجداوى هى «رانيا» ابنة الفنانة فاطمة مظهر.. ولم تؤد فى حياتها غير هذه الشخصية فى مسلسل «أحلام الفتى الطائر» الذى جمع مثلث الموهبة العظيم المكون من كاتب الملحمة وحيد حامد.. ومخرجها محمد فاضل.. وبطلها الزعيم عادل إمام.. فتحية لهم جميعًا.
مشاركة :