موسكو - أ ف ب - لن تكون نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2018، بطولة رياضية وحسب بل انها ترتدي اهمية مضاعفة لروسيا التي بدأت مشوار الألف ميل اعتبارا من امس عندما احتضنت سان بطرسبورغ قرعة التصفيات. وقبل ثلاث سنوات على صافرة البداية، تستعد روسيا بعناية فائقة لهذا الحدث الذي يعتبر مسألة هيبة دولية للكرملين، فضلا عن مساهمته في تحقيق التنمية الاقتصادية في المدن التي ستستضيف مباريات المونديال. ويمكن القول ان غالبية المنشآت التي ستستضيف هذا الحدث العالمي، ان كانت ملاعب وطرقا وبنية تحتية وفنادق، قد حققت تقدما جيدا ما تسبب بارتياح لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» الذي يأمل تجنب ما اختبره من معاناة في تحضيرات جنوب افريقيا والبرازيل لنهائيات النسختين الأخيرتين في 2010 و2014. «انه اكبر حدث رياضي تستضيفه روسيا في تاريخها الحديث، ونحن نريد تنظيم افضل كأس عالم ممكنة»، هذا ما قاله الاسبوع الماضي وزير الرياضة فيتالي موتكو خلال مؤتمر صحافي. موسكو التي تواجه في الفترة الحالية اخطر ازمة مع العالم الغربي منذ نهاية الحرب الباردة على خلفية النزاع في اوكرانيا، ترى في مونديال 2018 وسيلة «لاظهار اننا ما زلنا نشكل جزءا من اللعبة الدولية»، هذا ما قاله بدوره المعلق السياسي انطون اوريخ الذي يستبعد ان يؤثر المونديال على السياسة الروسية. اضاف: «الالعاب الاولمبية (الشتوية) في سوتشي حققت نجاحا كبيرا، وبدا انه بامكاننا ان نحولها الى شيء ايجابي، ثم حصلت الحرب (الاوكرانية) وتم نسيان كل شيء...». واوريخ ليس الشخص الوحيد الذي خرج بهذا التحليل، فهناك ايضا رئيس مجموعة الخبرة الدولية قسطنطين كالاتشيف الذي يرى بأن تنظيم كأس العالم يعتبر «مسألة هيبة»، مضيفا «الروس ليسوا ضد العزلة لكنهم قلقون في شأن مكانتهم في العالم». وتابع استاذ العلوم السياسية انه اذا كانت النتائج الرياضية لروسيا دائما جيدة، فهذا الأمر يغذي «اسطورة بوتين»، معتبرا ان كأس العالم هذه تعتبر «بالفعل قضية كبرى» للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبوتين الذي لم يخف يوما تفضيله لرياضة الهوكي على الجليد والرياضات الشتوية، لم يدخل سوى في القليل من المناسبات على خط تنظيم العالم. «بالنسبة له، كانت الألعاب الاولمبية بمثابة تأليه. لا يوجد احد (في الكرملين) يهتم بصورة البلاد في الخارج. يتم تشغيل الاتصالات حول بطولة كأس العالم لخدمة الداخل»، هذا هي رؤية كلاتشيف الذي تطرق الى موضوع اهمية «تطوير البنية التحتية». ومن اجل تنظيم كأس العالم 2018، على موسكو القيام بتجديد شامل للبنية التحتية السياحية والنقل في مناطق نادرا ما يتردد اليها السياح الاجانب في حين يتوقع ان يستقطب هذا الحدث العالمي «ثلاثة ملايين زائر من بينهم مليون اجنبي»، بحسب توقعات موتكو. ويؤكد كالاتشيف ان «بوتين يدرك بان هذا النوع من المشاريع الضخمة» يشكل وسيلة مثالية لتسريع التنمية الاقتصادية في المناطق. ان مسألة تطوير البنية التحتية في الاقاليم تتناسب مع سياسة الكرملين الذي يضاعف تنظيم الاحداث الدولية خارج «العاصمتين» الروسيتين، اي موسكو وسان بطرسبورغ، على غرار القمة الأخيرة لدول «بريكس» التي عقدت في اوفا، جبال الاورال، او الالعاب الجامعية التي احتضنتها كازان عام 2013. لكن نجاح استضافة مونديال 2018 بالنسبة لروسيا يمر بتحديين لخصهما موتكو: «نريد زيادة اهتمام الروس بكرة القدم ورفع مستوى منتخبنا الوطني». ومن المؤكد ان المستوى السيئ الذي يقدمه المنتخب الروسي في تصفيات كأس اوروبا 2016 ما ادى الى اقالة مدربه الايطالي فابيو كابيلو، لا يساعد على الاطلاق في تعزيز شعبية هذه الرياضة في روسيا حيث اظهرت دراسة للمعهد الروسي نشرت في اوائل يوليو ان 73 في المئة من الروس غير مبالين بكرة القدم. على صعيد آخر، قال السكرتير العام لـ «فيفا» الفرنسي جيروم فالك إنه يتوقع الرحيل عن منصبه عند انتخاب رئيس جديد لـ «فيفا» يحل مكان الرئيس الحالي السويسري جوزيف بلاتر. وقال فالك المتواجد في سان بطرسبورغ، إنه إذا تولى هو نفسه منصب رئاسة «فيفا» فإنه سيعين سكرتيرا عاما جديدا. وأكد بلاتر قبل أيام أنه يعتزم ترك منصبه من خلال «كونغرس» استثنائي يعقد في 26 فبراير المقبل، معلنا عن حملة إصلاحات في الاتحاد الذي يواجه أزمة غير مسبوقة. ويواجه «فيفا» تحقيقات في مزاعم فساد من قبل محققين في الولايات المتحدة وسويسرا التي تحتضن مقر «فيفا». وينفي فالك، الذي يتولى منصبه منذ عام 2007، ارتكاب أي مخالفات.وكشف أنه يعتزم التحدث خلال الشهر المقبل مع رعاة الاتحاد الدولي، «فيزا» و«كوكاكولا» و«ماكدونالدز»، بعدما أبدت تلك الشركات قلقها في شأن الفضائح الأخيرة. وانضم الرئيس التنفيذي لشركة «فيزا» تشارلي شارف إلى شركة «كوكاكولا» في المطالبة بلجنة مستقلة تماما لصياغة الإصلاحات في «فيفا»، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام أميركية. وقال إنه لا يعتقد أن «فيفا» يرتقي في الوقت الحالي لمعايير الشركة وإن مدى استجابة الاتحاد لأزمة الفساد «غير كافية على الإطلاق». وأشار فالك إلى أنه لن يجري إبرام أي عقود تسويق قبل أن تتضح الرؤية بشكل أكبر في شأن مستقبل «فيفا» بعد انتخاب رئيس جديد. اللجنة المنظمة تعتبر بلاتر «ضحية» سان بطرسبورغ - رويترز - قال الرئيس التنفيذي للجنة المنظمة لمونديال روسيا اليكسي سوروكين، إن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» السويسري جوزيف سيب بلاتر هو «ضحية» و«شخصية تتمتع بشجاعة كبيرة». واضاف لهيئة الإذاعة البريطانية: «كان (بلاتر) صديقا لبلادنا دوما. نحن واثقون من أن كل ما قام به جاء في مصلحة فيفا الذي كرس له حياته بأكملها». وتابع:«لسوء الحظ فانه قرر تحمل المسؤولية بنفسه عن أشياء معينة لا تتصل بمسؤولياته». وتجري تحقيقات في الولايات المتحدة وسويسرا في إجراءات منح حق استضافة كأس العالم عامي 2018 و2022 لروسيا وقطر على التوالي، وهو ما أدى لتكهنات في وسائل الإعلام بأنه بالإمكان تجريد روسيا وقطر من حق استضافة النهائيات مع السعي لإجراء عملية تصويت جديدة. وقال سوروكين إن هذا الجدل «يلقي بظلاله على أكثر منتجات فيفا تميزا... كأس العالم وذلك من دون وجود أي أساس لذلك». وأستطرد انه «موضوع تم تفجيره بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهو ما أضر بنا. لا يزال صدى هذا الأمر يتردد في وسائل الإعلام وفي عقول الناس وهو أمر محبط حقا». واكمل: «نحتاج للتركيز. حان الوقت للمضي قدما والتوقف عن الخوض في هذا الموضوع ومناقشته». ونفى سوروكين أيضا التكهنات بان فريق العرض الخاص بروسيا دمّر أجهزة كمبيوتر عندما بدأ «فيفا» تحقيقاته الداخلية في مزاعم الفساد.وقال: «لم يتم تدميرها (الأجهزة). الحقيقة أنها باتت قديمة للغاية وكان من الطبيعي بالنسبة لهم أن يتخلصوا منها». وأضاف: «أتفهم...وهذا من دواعي أسفي...وجود مثل هذه الأجواء التي سادت منذ فترة طويلة حول روسيا وهو ما خلق شكوكا بأننا لا نستحق الحصول على حق الاستضافة». وكان بلاتر وصل الى سان بطرسبورغ لحضور سحب قرعة تصفيات المونديال امس، وهي أول رحلة خارجية يقوم بها منذ فضيحة الفساد التي هزّت «فيفا» في مايو الماضي. وفي اطار أزمة الفساد، وجهت إلى رجال الأعمال الأرجنتينيين أليخاندرو بورزاكو وهوغو ينكيس ونجله ماريو، اتهامات بـ "الاحتيال وغسل الأموال والعمل ضد مصلحة الأرجنتين" ضمن التحقيقات الجارية، بحسب ما أفادت صحيفة "تييمو أرخنتينو" امس.
مشاركة :