مليون معاق في روسيا الاتحادية، وعدة شركات جديدة تُدخل ذوي الاحتياجات الخاصة، ورغم أن اللوحة تبدو سوداء مع كل محاولات تجاوز المشكلة، يبعث الحراك النشط في هذا الاتجاه خلال السنوات الأخيرة على الأمل، خصوصاً بعدما ظهرت مشاريع لفتت الأنظار في شكل قوي، ومنها أفكار وجدت طريقها إلى التنفيذ مثل فكرة مطعم في الظلام الذي يعتمد على تشغيل فاقدي البصر، حيث يمنع في المطعم بشكل قطعي استخدام أي مصادر ضوء، بما في ذلك الهواتف المتحركة التي يتركها زبائن المطعم والأشياء الأخرى في صندوق خاص قبل الدخول. والهدف كما يقول مديرو المطعم، لا يقتصر على توفير فرص عمل لذوي الاحتياجات الخاصة، بل حض المجتمع على التكاتف والتعاضد مع تلك الفئة، وأن يجرب الإنسان مرة أن يأكل ويشرب في الظلام الداكن. أحد موظفي المطعم من المكفوفين يقول يصبح للأكل طعم آخر، وللحياة كذلك. أرقام نحو 10 % من سكان روسيا الاتحادية من ذوي الاحتياجات الخاصة، ورغم من ضخامة الرقم، فإن المفارقة كما يقول البعض، هي أن المراقب العادي لا يلاحظ وجود هذه المشكلة في روسيا الاتحادية، لأن غالبية ذوي الحاجات الخاصة لا يتمكنون من الانخراط في الحياة الاجتماعية ويعيشون على هامش الحياة. وإذا كان هذا الوضع طبيعياً بالنسبة لكثيرين تجاوزوا المرحلة العمرية التي تؤهلهم للعمل وكسب قوتهم، وأصبحوا معتمدين بشكل كامل كلي على الراتب التقاعدي، مع كل ما يرافق ذلك من معاناة، فإن المشكلة أكبر بالنسبة إلى الجيل الشاب، خصوصاً بين المبدعين منهم والساعين إلى إثبات أن الإعاقة الجسدية مهما كانت لن تقف عائقاً أمام محاكاة زملائهم الأصحاء بدنياً أو حتى التفوق عليهم في مجالات كثيرة. ذوو الاحتياجات الخاصة بين الشباب في روسيا يستغلون تكنولوجيا المعلومات والشبكة العنكبوتية بهدف تعويض نقص ما من خلال متابعة التحصيل العلمي من دون الحاجة إلى الخروج من المنزل. ظروف مديرة أحد مراكز التأهيل في العاصمة موسكو قالت إن بين هؤلاء الشباب من يتخرج متخصصاً في مجال البرمجة وتصميم المواقع الإلكترونية وحتى الهوكر قراصنة الإنترنت لا سيما في ظل أزمة عمل تواجه كل شاب وفتاة من هذه الفئة. ويذكر هنا أن الفتيات يشكلن ثلث ذوي الاحتياجات الخاصة بين فئة الشباب في روسيا الاتحادية، ما يعني أكثر من 350 ألف فتاة لا يقتصر التحدي الذي يواجهنه على إهمال الدولة والمجتمع وقلة الحيلة في مواجهة ظروف الحياة الصعبة، بل ينسحب على الحاجة الطبيعية لتأسيس عائلة وتربية أطفال. وإن كان التحسن في الأحوال الاقتصادية والحياة المعيشية في روسيا انعكس بشكل إيجابي على ذوي الاحتياجات الخاصة، لا سيما الذين يعيشون في إطار عائلة، فإن إغلاق باب العمل في أغلب المؤسسات والشركات العامة والخاصة أمام هذه الفئة تبقى المشكلة الأبرز.
مشاركة :