قدّم عازف البيانو والمؤلف الموسيقي عبد الرحمن الباشا، أمس الأول السبت، حفلة في فرنسا يعود ريعها لترميم أحياء مدينته الأم بيروت التي دمرها انفجار المرفأ، آملاً بأن تسهم موسيقاه في «طرد شيطان الحزن»، وإعطاء اللبنانيين القوة للتوحد، وإعادة البناء.وقال الباشا لوكالة «فرانس برس» على هامش الحفلة التي أحياها دعماً للبنان في حدائق بلدية جورد: «الهزة الأرضية تتسبب بالمعاناة والموت، لكنها قوة تأتي من الطبيعة التي لا يمكن الإنسان أن يفعل شيئاً حيالها. وقد نعتقد أن الحرب بين البشر هي أسوأ ما يمكن أن يكون موجوداً، ولكن أعتقد أن ما حصل في بيروت أسوأ منها».وأضاف الباشا المولود في بيروت قبل 61 عاماً: «إنه إهمال، إنه فساد، مات بسببه أناس أبرياء، ودمّر، أو تشوّه نصف مدينة تاريخية».وأكد الباشا أن لديه تعلقاً ببيروت التي غادرها وهو في السادسة عشرة بغرض الدراسة في المعهد الوطني العالي للموسيقى في باريس، ليحيي على مدى سنوات لاحقة حفلات في كل أنحاء العالم، منفرداً أو مع الأوركسترا الوطنية الفرنسية، والأوركسترا الفيلهارمونية الملكية، أو أوركسترا برلين الفيلهارمونية. وقال «بيروت مطبوعة في قلبي. اكتشفت العالم من خلال نورها».وشدّد على أن «من غير الممكن مسامحة أي إهمال في التعاطي مع هذا الخطر الذي كان يهدد الشعب». وأعلن أنه يتفق مع «أغلبية اللبنانيين الذين ينتقدون الطبقة الحاكمة»، لكنه أسف لكون «المسؤولين يبقون في أماكنهم».ولاحظ الباشا أن «الموسيقى كانت دائماً مهمة للبنانيين»، وأن كثراً استمعوا مجدداً إلى أغنية «لبيروت» التي تتغنى فيها الفنانة فيروز بالمدينة، وبحرها، وتأسف لأن طعمها «صار طعم نار ودخان».وتابع الباشا المعروف بتأديته مقطوعات شوبان، وبيتهوفن، ورافل: «عندما يعبّر شوبان عن حزن عميق، وعن يأس، يعيد إحياءك، ويطرد منك شياطين يأسك بقوة الجمال. هذا هو الجانب العجائبي في الموسيقى، فالحزن لا يجعل المستمع حزيناً، بل يعطيه القوة مجدداً».وأدى الباشا، مساء أمس الأول ، في جورد، عدداً من المقطوعات ترافقه عازفة التشيللو أستريج سيرانوسيان. ويعود ريع التذاكر المئتين لجمعيات خيرية تساعد سكان أحياء بيروت في شراء مواد البناء لترميم بيوتهم. وقال الباشا «إذا لم تكن الموسيقى تستطيع تكديس الحجارة بعضها فوق بعض، فهي توفّر إرادة التوحّد لتكديس الحجارة».
مشاركة :