أغمض عينيك وردد بعمق: أنا أقوى، سأكون مليونيراً، سأكون مديراً، سأكون وأكون، ولم يكن بعد جلسة الشعوذة الأنيقة تلك، إلا صداعٌ من الأمنيات المحمومة المزدحمة على الطاولات الأنيقة، والتي لم تغادرنا كما غادرت جيوبنا الدراهم! ولكي أكون منصفة، ونلِج هذا الخِضَم بطريقة حضارية، سأقول «بعض» وبورك بالاستثناءات التي تنقذ المشهد على ذهول، فعلى طاولتي اليوم ملف الدورات التدريبية، تلك الدورات التي كنا نزدحم على المشاركة فيها، لأسماء معروفة وأخرى مغمورة، يبهجنا بريق العناوين، فنقع في الفخ، أذكر أنني انتسبت لدورة حينما كنت طالبة في الجامعة، وتطفلت ذات مرة وسألت سؤالاً بريئاً في لُب الموضوع، وما لبث المدرب أن افتَرَّ ثغره عن ابتسامة صفراء قائلاً: «أرأيتم أصحاب السعادة.. يبدو أن آنستنا لم تصل إليها شحنات الأمل بعد.. لنكمل حديثنا»، وأنهى دورته تلك حول «صناعة السعادة» بلعبة: حجرة ورقة مقص! فهل أصبحنا نصيد الشهادات في بركة الوهم العكرة.. ليس إلا؟ بين فرقعة البالونات وكسر الزجاج والجري كالمجانين في خطوط مستقيمة، أساليب غير مدروسة لبعض الدورات التي جعلت الناس يتعلقون بحبال الوهم، بأسرار البرمجة العصبية والتنمية البشرية وغيرها، يلقيها أشخاص غير معتمدين ولكنهم يرصفون الكلام رصفاً أنيقاً، حتى انخدع بهم النخبة قبل البسطاء، ولا سيما بعد تفشيهم المستشري في وسائل التواصل الاجتماعي، والمراكز الثقافية التي تحيي أعراس وهمهم، وكتبهم البراقة التي تزدحم على الرفوف، فنُعلنها وبشكل رسمي: نحن أمام أزمة معرفية كبيرة! فقبل أن نطلب من الجهات المختصة أن تفرض الرقابة الصارمة على هؤلاء الذين يتعملقون على حساب جيوبنا، ألا نحتاج أن نزيد جرعة الوعي قليلاً؟ ألم ندرك مثلاً أن السعي والحب والعمل الصادق ثلاثية الوصول للمراد؟ وبعيداً عن «دجالي» التنمية، أتساءل: أما زلتم تفكرون في كيفية صناعة المجد في يومين؟ طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :