تقاسم أدوار مع «الحليف الجديد» في الحرب على «داعش».. الحدود لأنقرة والرقة لواشنطن

  • 7/26/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تطفو مسألة «التنسيق» مع النظام السوري في ضربات التحالف الدولي - الإقليمي على تنظيم «داعش» على السطح مع كل تكثيف جديد للعمليات. وقد عاد هذا الموضوع إلى الواجهة مجددا مع دخول تركيا الحرب على التنظيم المتطرف في سوريا مؤخرا بالتزامن مع استمرار الغارات الجوية للتحالف الدولي في العمق السوري، وتحديدا في منطقة الرقة التي يشكو المعارضون السوريون من محاولات للنظام لـ«التشويش» عليها باستهداف المدنيين من جهة، وبادعاء التنسيق مع التحالف بشأنها من جهة أخرى. وفيما نقلت صحيفة «حرييت» التركية أمس عن مصادر أن تركيا أبلغت النظام السوري بالغارات على «داعش» عبر الولايات المتحدة، وهو ما تنفيه مصادر المعارضة المخولة التنسيق مع التحالف الدولي. وكشفت مصادر تركية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن مسار جديد للغارات على «داعش» في سوريا بعد الاتفاق الأميركي مع تركيا، والذي ينص - وفق هذه المصادر - على تلزيم الغارات على «داعش» لأنقرة على طول خط الحدود مع سوريا وفي عمق يصل إلى 20 كيلومترا، فيما تتولى واشنطن وحلفاؤها الغربيون والعرب الضرب في العمق السوري، وتحديدا في الرقة. وقال لؤي المقداد، رئيس مركز «مسارات» المعني بملف العلاقة بين المعارضة وقوات التحالف أنه يستطيع «الجزم بأنه لا يوجد تنسيق بين النظام والتحالف»، مشيرًا إلى أن عدة أسباب تمنع هذا التنسيق، منها عسكريا ذلك أن التحالف لا يشارك أية معلومة استخبارية مع النظام، نتيجة حساسية هذه المعلومات وعدم وجود ثقة بهذا النظام لمشاركته معلومات تتعلق ببنك أهداف التحالف الذي بني بالأساس على مبدأ إضعاف البنية العسكرية واللوجيستية للتنظيمات الإرهابية داخل سوريا، وعدم السماح لها بالتوسع إلى مناطق جديدة تحت سيطرة المعارضة المعتدلة. وفي الوقت نفسه ضرب البنية التحتية للتنظيم مما يخفض من قدرته على القيام بعمليات إرهابية خارج سوريا». وأضاف: «ما أنا مطلع عليه، هو أن أهم قواعد إطلاق النار التي يعتمدها التحالف في سوريا هو تجنب وقوع خسائر بين المدنيين، مع أن هذا الاحتمال يبقى واردا، بينما قواعد إطلاق النار عند النظام في منطقة الرقة تنحصر بالقيام بضربات على أهداف مدنية متزامنة مع غارات التحالف لتحقيق عدة أهداف يسعى إليها النظام، فيقول للداخل إنه محمي من السقوط لأنه ينسق مع التحالف في ضرب الإرهابيين، كما يتوجه لدول العالم لإبراز شراكته مع التحالف الدولي في محاربة هذا الإرهاب، وفي الوقت نفسه التشويش على عمل هذا التحالف ومحاولة إفقاده الحالة الشعبية من خلال استهداف المدنيين». ويشير المقداد إلى تناقض كبير في كون النظام يريد أن يقول للتحالف أنه يعمل معه، لكنه لا يريد أن تعول الناس على المساعدة العربية والغربية للتخلص من الأسد والتنظيمات الإرهابية». ويقول: «أنا على اطلاع على ضربات التحالف في الرقة، وبعض هذه الضربات استهدف آليات وجسورًا وسيارات يستخدمها تنظيم داعش. وبعض هذه الأهداف كان في أماكن مكتظة بالسكان، لكن لم تسقط ضحية واحدة مدنية في هذه الغارات». وفي الإطار نفسه، أوضح مصدر غربي عسكري، معني بملف المعارضة السورية، أن نوعية الذخائر التي يستخدمها التحالف في غاراته على «داعش» هي من جيل متطور من الذخيرة، وهذه الأسلحة تتفاوت في قوتها التدميرية، فالغارة التي تضرب جسرا، لا تستعمل فيها الذخائر المخصصة للسيارات أو للجرافات، بمعنى أن الشعاع التفجيري لهذه الذخائر يختلف باختلاف الهدف. مشددًا على أن كل ذخيرة تستخدم تكون قوتها التفجيرية متناسبة مع حجم الهدف». وكشف المصدر أن غارة للتحالف يوم الثلاثاء الماضي استهدفت رافعة للتنظيم على أحد الجسور كان يستعملها «داعش» من دون أن يتأذى الجسر أو أحد من المارة. وأشار إلى أنه تم استهداف سيارة دفع رباعي فيها عناصر من «داعش» عند أحد الجسور المؤدية إلى الرقة الأسبوع الماضي، فتم قتل كل من فيها، لكن السيارات التي كانت قبلها وبعدها على الجسر لم تتضرر. وشدد المصدر على أن غرفة عمليات التحالف تكون حريصة مع كل طلعة لطيران التحالف أن يتم اختيار السلاح المناسب تماما لطبيعة الهدف، إن كان عبر الطائرات الحربية أو عبر الطيارات من دون طيار. وأشار المصدر إلى أنه في حالة الغارات الليلية، أو في الأحوال الجوية السيئة يتم استعمال قذائف موجهة بالليزر لا تتجاوز نسبة الخطأ فيها 0.02 في المائة. ويؤكد المقداد أنه يستطيع أن يؤكد أنه ليس هناك أي تعاون بين التحالف والنظام في الجانب العسكري، مشيرًا إلى أن رسائل التحالف للنظام كانت واضحة لجهة أنه إذا اعترض عسكريا أو حاول التدخل في عمل التحالف فسيكون التعامل معه بالنار فقط، وأي شيء يهدد سلامة طيران التحالف سيجري تدميره فورا، وما اعتبره النظام إبلاغا، كان إنذارا له». وقال: «الهدف الأساسي للتحالف هو إنهاء احتلال (داعش) والتنظيمات المتطرفة لمناطق المعارضة، وإبقاؤها محررة في الوقت نفسه، وهذا أحد أهم الأمور التي يحرص عليها التحالف، والدليل أن النظام لم يستطع أن يستفيد من ضربات التحالف بالسيطرة على أي منطقة ضربها التحالف، فغارات النظام تستهدف المدنيين فقط، فيما يعلم أهالي الرقة تماما أن غارات التحالف لم تستهدف أي هدف مدني، بل إن بعض الغارات على مراكز «داعش» في الرقة توقفت لأنه كان هناك شبهة بوجود مدنيين داخل هذه المقرات. وأشار إلى أن معدل ضربات التحالف خلال الأشهر السبعة الماضية كان نحو 20 غارة يوميا، وأهالي الرقة عندما يكون طيران التحالف في الأجواء يمارسون حياتهم الطبيعية، بعكس ما يفعلون عندما يقترب طيران النظام، لأنهم يعرفون أن يستهدف المدنيين». ويشدد المصدر الغربي على أنه لا يوجد أي تنسيق بين طيران التحالف وطيران النظام، مشيرًا في المقابل إلى أنه لا ضرورة تقنية أصلا لهذا التنسيق لأن طيران التحالف المتطور يطير على ارتفاعات تصل إلى 50 ألف قدم، فيما أن طيران النظام يحلق على مسافات منخفضة لا تتجاوز 30 ألف قدم، موضحًا أن ما حصل هو أنه في بعض الحالات الاستثنائية توجد طائرات للنظام في مدى طائرات التحالف فيتم إنذارها بالابتعاد لا أكثر. وكشف المصدر أن آخر هذه الحالات تمت يوم الجمعة قبل الماضي، وأن الطيار السوري انسحب من الأجواء فور توجيه الإنذار. وحول ما تردد عن مشاركة طيارين بريطانيين لأول مرة في الغارات، يرى المقداد بدوره أن على المجتمع الدولي أن يتعامل بجدية أكبر لإنهاء وجود المجموعات المتطرفة في سوريا، وأنه يجب عليهم اتخاذ قرار بمنع الطلعات الجوية لنظام بشار الأسد لأن هدف هذا النظام، هو بالتأكيد ليس إنهاء وجود هذه الجماعات، وعلى الدول التي تقود التحالف، خصوصا الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية الانتقال إلى مرحلة أكثر جدية وصرامة في التعامل مع هذه التنظيمات، وأن يكون من ضمنها التنظيمات المتطرفة التي تحارب مع بشار الأسد، وخصوصا الميليشيات الإيرانية والعراقية. وأشار إلى أنه يتوجب على الحكومتين البريطانية والفرنسية اليوم أن تعززا من مشاركتهما بهذا التحالف، لأنه بمعدل الغارات القائم يمكن إضعاف «داعش» لكن ليس القضاء عليه. وشدد على ضرورة تكثيف غارات التحالف وتوسيع بنك الأهداف، مع الاستمرار في الحرص على المدنيين، وإيجاد آليات برية تسمح باستفادة المعارضة المعتدلة من هذه الغارات. وعن تصريحات وزير الدفاع الأميركي حول مشاركة 60 عنصرا فقط في التدريبات الأميركية، قال المقداد: «نعم، انسحبت بعض تشكيلات الجيش الحر والثوار من برنامج التدريب الأميركي لأنه جرى الطلب منها توقيع تعهدات بأنها ستقاتل فقط تنظيم «داعش» لا النظام. وأضاف: «مع إدراكنا للصعوبات التقنية والسياسية لهذه الحكومات في تسليح الجيش الحر في مواجهة النظام، لكن إذا عدنا لعام 2005 نجد أن المنظمات التي يحاربها النظام اليوم ومنها عصائب أهل الحق والحرس الثوري الإيراني وحزب الله العراقي هي تنظيمات مدرجة على لوائح الإرهاب الأميركية أصلا، لقتالها الجيش الأميركي في العراق، ونحن نطالبهم فقط بتطبيق لوائحهم فقط». وأضاف: «وعلينا أيضا أن نسمح للفصائل المقاتلة بحق الدفاع عن النفس إذا هاجمها النظام أو حلفاؤه، معتبرًا أنه إذا أرادت الولايات المتحدة تنفيذ برنامج التدريب فيجب عليها الأخذ في الاعتبار تطلعات الشعب السوري». وقال: «من انسحب من برامج التدريب، لم يفعل ذلك لأنه لا يريد أن يقاتل (داعش)، لكنه يريد أن يحارب التنظيم والنظام وحلفاءه في الوقت نفسه».

مشاركة :