من الغريب أننا كما لا نملك شيئاً لبعضنا البعض في الآخرة، فكلنا مسؤول عن نفسه وكلنا محاسب لوحده عن أفعاله هو دون سواه، عما اقترفته يداه فقط لا يدا إنسي آخر.. من الغريب كيف أنّنا من أولى عتبة نخطوها نحو ديارنا الأخرى.. من أول نفس نلتقطه بعد مولدنا الجديد في حجرتنا الضيقة جدًا تحت الثرى.. بعد أول سؤال تسائلنا به الملائكة سوف تدركها.. تلك الفكرة المتشبثة أبدًا في زاوية من عقلك أنك دائمًا وحدك! تولدُ وحيدًا، وتتكبد مشقة وعناء لا حدود لهما لتصاحب لتبحث عن زوج وشريك لتنجب فلذات أكباد.. فقط كي تتركهم آخرًا جميعًا خلفك، وتغادر إلى حياتك الجديدة وحيدًا. قد تصلك دعوات، قد يتصل بك منهم أثر، قد تجد خبيئتك التي استودعتها فيهم من خلقك وتربيتك وكدك باقية لم تزل لكن هذا هو أقصى ما قد تجد. إن كان ذلك هي الحال آخرة فكذلك الحال في الدنيا أيضًا، ليس في الأمر كثير اختلاف، فلا أحد يملك لنفسك شيئًا سواك، لا أحد بوسعه الإنابة عن الذنوب سواك،لا أحد بوسعه التغيير والانعطاف والرجوع إلا أنت، قد تستطيع الخطوَ إلى مسجد وتنادي الشيخ بعد الصلاة، وتجلس بين يديه وتبكي معترفًا بخطاياك وذنبك، لكنه لن يفتح لك مغاليق الجنان أو يهوي بك في درك جهنم، يستطيع فقط أن يربت على كتفك يستطيع أن ينصحك، يرشدك للطريق.. لكن من يسير في هذا الطريق، من عليه أن يقرر إن كان سيبدأ السير فيه أم لا، من عليه أن يشرع في ذلك هو أنت. لا أحد يملك لنفسك شيئًا سواك، إن كان ذلك في الدنيا، أو في الآخرة. اللهم ردنا إليك ردّاً جميلاً.
مشاركة :