تونس - واجه عدد من الصحافيين التونسيين خلال الأيام الماضية استداعاءات للتحقيق لدى الوحدة الوطنية للأبحاث في الجرائم الإرهابية بالعوينة بصفتهم ذوي شبهة، ما أعاد المخاوف لدى الوسط الصحافي التونسي بشأن استخدام قانون مكافحة الإرهاب لملاحقة الصحافيين. وتم التحقيق مع الصحافي ورئيس التحرير منجي الخضراوي، السبت، لدى وحدة الأبحاث في الجرائم الإرهابية بالعوينة في العاصمة تونس على خلفية مقال نشره بجريدة “الشروق” في 2016 حول “قضية الخلية الإرهـابية بالمنيهلة”. وقبل يوم واحد، خضعت درة الغربي الصحافية بجريدة “آخر خبر” للتحقيق لدى نفس الوحدة من قبل 3 عناصر على مدى ساعتين في قضية مرفوعة من نقابيَيْن أمنيين يتهمانها “بتشكيل وفاق للمساس بسمعتهما” على خلفية حضورها في برنامج إذاعي في راديو “كاب أف.أم” سنة 2017. وتطرقت الصحافية في البرنامج الإذاعي إلى حملة الإيقافات التي قامت بها حكومة يوسف الشاهد ولم تتطرق إلى موضوع النقابيين الأمنيين بتاتًا، وإنما أشار أحد الضيوف إلى أن الإيقافات ستشمل آخرين. وكان رئيس الفرقة الأمنية، حاول إقناع الصحافية بالاستماع إلى أقوالها دون التحرير عليها ودون حضور محام، ولكنها تمسكت بالاستماع إليها بحضور المحامين المرافقين لها وبصفة رسمية، وفق ما ذكر بيان نقابة الصحافيين التونسيين. وفي سياق المتابعة القضائية ضد الصحافيين، قضت المحكمة الابتدائية بتونس، الخميس الماضي، بسقوط العقوبة بمرور الزمن في القضية المرفوعة في حق الصحافية عزة القربي العاملة سابقًا بجريدة “السور”. وقد واجهت الصحافية حكمًا ابتدائيًا بالسجن مدة 6 أشهر بتهمة نسبة أمور غير قانونية عبر الصحافة لموظف عمومي دون الإدلاء بما يثبت ذلك، على خلفية نشرها في 2012 مقالا حول ملف فساد في عقد شراكة لإحدى الشركات العمومية مع شركة أجنبية. وقضت المحكمة في 2014 في حقها بالسجن 6 أشهر وخطية مالية بمئة دينار. الحديث عاد مجددا عن القوانين التي تهدد عمل الصحافيين، مثل مشروع قانون زجر الاعتداء على الأمنيين وتفاجأت الصحافية، بدخولها قائمة المفتش عنهم خلال تواجدها بأحد الفنادق، بحسب ما ذكرت للنقابة. وعبرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين عن دعمها ومساندتها للصحافيين الذين يخضعون للمحاكمة بتهم تتعلق بالإرهاب على خلفية ممارستهم للعمل الصحافي، وأدانت في بيان، ما اعتبرته “عودة ترهيب وملاحقة الصحافيين على معنى قانون الإرهاب والضغط عليهم ومحاولة توجيههم خلال أعمال البحث والتحقيق خاصة لدى الفرق المختصة في البحث في الجرائم الإرهابية”. وحذر صحافيون وإعلاميون تونسيون من خطورة محاكمة صحافيين بموجب قانون مكافحة الإرهاب في القضايا ذات العلاقة بالعمل الصحافي، واعتبروه مسّا وخرقا واضحا لحرية الصحافة. وعاد الحديث مجددا عن القوانين التي تهدد عمل الصحافيين في تونس، مثل مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على الأمنيين الذي أثار جدلا كبيرا عام 2020، حيث عبّر جزء من المجتمع المدني وخصوصا الصحافيون والعاملون في الحقل الإعلامي عن رفضهم القاطع له ووصفوه بأنه تقنين لعودة الاستبداد ولدولة البوليس، وتشريع لحماية الأمنيين وتقنين لتكميم الأفواه. وينص القانون في أحد فصوله على معاقبة الصحافيين بـ10 سنوات، في صورة إفشاء السر المهني للأمنيين، دون تحديد طبيعة هذا السر المهني. ومشروع قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال يرى صحافيون أنه يحمل أخطارا على حرية الإعلام. وقد انطلقت لجنة التشريع العام منذ مارس 2020 في مناقشة مشروع القانون وعقد جلسات استماع إلى جميع الأطراف المتدخلة والتي تم الاستماع إليها خلال العهدة البرلمانية 2014-2019، وذلك بسبب عدم انتهاء اللجنة السابقة من مناقشة مشروع القانون، ولم تصوّت على تقريرها النهـائي، ولـم تحلـه على مكتب البرلمان. فخلال العُهدة البرلمانية السابقة، توقفت لجنة التشريع العام عن النظر في مشروع القانون بعد جلسة استماع إلى وزير الداخلية الأسبق لطفي براهم الذي تعهّد بإعادة صياغة مشروع قانون جديد مع إمكانية سحب نسخة 2015 التي لاقت رفضا من عدة أطراف، وتعويضها بنسخة أخرى تستجيب لمعادلة الموازنة بين الحقوق والحريات وحماية القوات المسلحة أثناء أداء واجبها. ولكن لم ترد أية نسخة جديدة من مشروع قانون زجر الاعتداء على الأمنيين على مكتب الضبط بالبرلمان، مما جعل مكتب البرلمان مضطرا لإحالة نسخة سنة 2015 من مشروع القانون إلى لجنة التشريع العام، وفق ما أكدته رئيسة اللجنة سامية عبو لوسائل الإعلام.
مشاركة :