سجلت معظم القطاعات المنتجة في تركيا تراجعا كبيرا في إيراداتها بفعل تقلص الطلب عليها وتراجع أنشطتها التصديرية في أعقاب تداعيات الوباء في وقت يشتد فيه انهيار العملة المحلية. إسطنبول - أظهرت بيانات الاثنين أن اقتصاد تركيا انكمش 9.9 في المئة في الربع الثاني من العام، إذ تسبب الإغلاق العام بسبب جائحة فايروس كورونا في توقف شبه كامل للأنشطة الاقتصادية بما يمثل أسوأ أداء على أساس سنوي في عشر سنوات. ووفقا لمعهد الإحصاء التركي، فإن التراجع في الناتج المحلي الإجمالي، رغم أنه لم يكن بالحدة المتوقعة، فإنه لا يزال تاريخيا مقارنة بالربع الأول، إذ بلغ 11 في المئة بوتيرة معدلة في ضوء العوامل الموسمية والتقويم. ولم يكن لتلك البيانات تأثير يذكر على الليرة التي تراجعت قليلا أمام الدولار مسجلة 7.34 للدولار. ونما اقتصاد تركيا في الربع الأول 4.4 في المئة على أساس سنوي، وفقا لتعديل طفيف عن التقدير الأولي. وجاء هذا النمو مدفوعا بازدهار الإقراض قبل أن تسبب جائحة فايروس كورونا تراجعا حادا بدأ في مارس. واحتل القطاع المالي الصدارة بنمو 28 في المئة في الربع الثاني، لكن قطاعي الصناعة والخدمات الأكثر ثقلا انكمشا بنسبة 16 في المئة و25 في المئة على الترتيب. وكان استطلاع أجرته رويترز لآراء 14 خبيرا اقتصاديا قد قدر في المتوسط أن يصل الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي إلى 11.8 في المئة على أساس سنوي، إذ تراوحت التوقعات بين 7.1 في المئة و13.1 في المئة. 9.9 في المئة نسبة انكماش اقتصاد تركيا خلال الربع الثاني من العام، وهو أسوأ أداء في عشر سنوات وقال وزير المالية التركي براءت البيرق على تويتر إن “بيانات الناتج المحلي الإجمالي جيدة مقارنة بالدول الأخرى وإن تركيا عازمة على محو أثر الجائحة في العام المقبل”. وكان الوزير قد توقع أن يتراوح أداء اقتصاد بلاده لهذا العام بأكمله بين انكماش بنسبة اثنين في المئة ونمو بنسبة واحد في المئة. وسبق وأظهر مسح صدر في مايو الماضي انكماش أنشطة الصناعات التحويلية في تركيا، بسبب تبعات جائحة فايروس كورونا المستجد مع تسجيل انكماش في الإنتاج وطلبيات التوريد الجديدة مجددا وخفض الشركات للوظائف والمشتريات، وشهدت أنشطة المصانع تباطؤا مقارنة بشهر أبريل. وعمقت المؤشرات السلبية الانكماش العنيف الذي أصاب مختلف مفاصل الاقتصاد قبل الوباء بفعل ارتفاع نسبة التضخم وأزمة انهيار العملة المحلية واختلال ميزان المدفوعات، وهي إشكاليات مزمنة لم تفلح الإجراءات الحكومية الفضفاضة في معالجتها. وتراجع الإنتاج والطلبيات الجديدة بصورة حادة مجددا مع عرقلة الجائحة للأعمال وإضعافها للطلب على الرغم من قول بعض الشركات إنها استأنفت عملياتها. وسجلت تكلفة مستلزمات الإنتاج وأسعار المنتجات تضخما متسارعا في ذات الفترة بسبب تراجع قيمة العملة المحلية، التي تواصل الانحدار إلى أدنى المستويات. ويستبعد المهتمون بالشأن التركي تعافي القطاع الصناعي قريبا لاسيما مع قيام لجنة في المفوضية الأوروبية بالتحقيق في شبهة إغراق شركات منتجة للحديد السوق الأوروبية بوارداتها الرخيصة. انحدار قيمة الليرة انحدار قيمة الليرة وسبق أن حذرت بيانات غرفة تجارة إسطنبول منذ أشهر من أن تكاليف التمويل الباهظة شطبت معظم أرباح أكبر 500 شركة صناعية تركية في العام الماضي وأسقطت الاقتصاد في قبضة الركود بعد أزمة انحدار قيمة الليرة. وأشارت الغرفة في تقريرها السنوي، الذي نشرته مطلع العام الجاري، إلى أن الحصول على التمويل أصبح مشكلة مزمنة خلال السنوات القليلة الماضية، مؤكدة عدم حصول أي تحسن منذ العام الماضي. وقالت إن تكاليف التمويل التهمت نحو 89 في المئة من الأرباح التشغيلية للشركات الصناعية الكبيرة خلال العام الماضي، ودفعت 119 شركة من أكبر 500 شركة تركية إلى تسجيل الخسائر، ارتفاعا من 78 شركة بمقارنة سنوية. وكانت شركات الصناعات التحويلية من بين الأكثر تضررا من أزمة العملة وارتفاع تكاليف الاقتراض في العام الماضي، حين فقدت الليرة نحو نصف قيمتها مقابل الدولار قبل أن تقف خسائرها عند 30 في المئة عند مجمل العام الحالي. وتعيش تركيا على وقع أزمة اقتصادية حادة أدت إلى تفاقم الدين العام الخارجي الذي وصل إلى مستويات كبيرة تجاوزت أكثر من حوالي 445 مليار دولار، وفق أرقام مجموعة البنك الدولي. وباءت محاولات أنقرة لإعطاء صورة متفائلة عن وضعها الاقتصادي بالفشل خصوصا بعد مضاعفة كورونا لأزماتها، حيث أكد الخبراء والمؤسسات الدولية أن البلد يعاني من اقتصاد عليل حتى قبل أن ينتشر الوباء في العالم. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :