وضعت أزمات اليمن المتراوحة بين التدهور الاقتصادي وويلات الحرب العودة المدرسية ومستقبل التعليم على محك المخاطر؛ حيث تسبب ذلك في ارتباك صرف رواتب المدرسين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، فضلا عن تردي القدرة الشرائية للمواطنين. صنعاء - سلبت أوجاع الحرب في اليمن والمخاوف من تفشي فايروس كورونا، فرحة العام الدراسي الجديد حيث زادت العودة المدرسية عبئا إضافيا على المواطنين الذين يشكون تدهورا في القدرة الشرائية في ظل انهيار قيمة العملات وأزمات اقتصادية لا حصر لها. بدأت المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الدراسة للمرحلة الثانوية، على أن تبدأ الدراسة للمرحلة الأساسية مطلع أكتوبر المقبل. فيما بدأت الجامعات داخل المناطق الخاضعة لجماعة الحوثي في استقبال الطلاب لإجراء اختبارات القبول للعام الدراسي الجديد، غير أن الجماعة لم تعلن موعدا لبدء الدراسة في المدارس. ويأتي هذا العام الدراسي في ظل تدهور أكبر للأوضاع المعيشية، جراء الانهيار المتواصل للعملة المحلية، إذ تجاوز سعر الدولار نحو 800 ريال يمني. كما يتزامن مع مطالبة المعلمين في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، بصرف علاوة مضاعفة لمواجهة غلاء المعيشة، فيما يشكو المعلمون في مناطق الحوثيين من عدم تسلم رواتبهم بشكل منتظم منذ سنوات. ويعاني اليمن حربًا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة ومسلحي الحوثي المسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ عام 2014، خلفت أسوأ أزمة إنسانية، حيث بات 80 في المئة من سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات. ونسبت وكالة الأناضول إلى محمد علي (من تعز، لديه ثلاثة أبناء في الدراسة) قوله إن “الظروف الاقتصادية الصعبة جعلت فرحة بدء العام الدراسي منقوصة”. ويوضح “قبل الحرب كان هناك استعداد وسعادة بتعليم الأبناء، وشراء مستلزماتهم، غير أن الظروف الحالية وغلاء الأسعار والمخاوف من تفشي فايروس كورونا تكالبت على الشعب اليمني”. ويتابع “العديد من الأسر اليمنية أصبح تعليم أطفالها هما ثقيلا، كما لم يعد التعليم محافظا على مستوى جودته بسبب تدهور الأوضاع، ولم يعد هناك تدريس جاد يفيد الطلاب”. واختتم “نريد أولا إيقاف الحرب، وهذا هو مطلبنا الأول والأساسي، وبعدها كل شيء سيكون على ما يرام، بما في ذلك التعليم”. كما تشير حنان علي الرداعي، الباحثة في الشؤون التربوية والاجتماعية، إلى أن “التعليم في اليمن يخوض معركة جديدة في ظل ظروف قاهرة أبرزها استمرار الحرب، وما خلفته من تدهور اقتصادي واجتماعي وسياسي”. وتضيف الرداعي “اكتملت دائرة المأساة على اليمن بظرف صحي استثنائي اجتاح العالم، وهي جائحة كورونا التي عانت منها دول كبرى وتجرعت معاناتها دولنا الفقيرة”. وتتابع “يطل العام الدراسي الجديد في ظل تشكيك مستمر لعدم استكمال العام الدراسي الماضي، والمخاوف من تفشي فايروس كورونا بين الطلاب بسبب تدهور الأوضاع الصحية في البلاد”. وتمضي قائلة “نأمل أن نتخطى هذا الغموض بإقرار إجراءات وقائية في المدارس الأهلية والحكومية، تجنبا لتفشي الوباء ولعدم حرمان الطلاب من التعليم الأساسي”. بدوره يقول تيسير السامعي، نائب مدير الإعلام والتثقيف الصحي بمكتب وزارة الصحة في محافظة تعز (أكبر المحافظات الجنوبية سكانا)، إن “المكتب قام بعمل خطة شاملة توعوية وإرشادية لتوعية الطلاب بطرق الوقاية من فايروس كورونا”. ويضيف السامعي “أصدرنا تعميمات لجميع المدارس، بضرورة فرض الإجراءات الاحترازية والوقائية، وتوفير المعقمات وإلزام الطلاب بارتداء الكمامات”. كما يشير إلى تشكيل لجان ميدانية للإشراف والمتابعة وتقييم مدى التزام المدارس بوسائل الوقاية، قائلا “سيكون عاما دراسيا صعبا، لكننا لن نستسلم”. وفي يوليو الماضي طالبت منظمة الأمم المتحدة بتوفير 385 مليون دولار، لتمويل دعم عملياتها المتعلقة بمكافحة انتشار كورونا في اليمن. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحافي آنذاك، إن “معدلات وفيات كورونا باليمن، مرتفعة بشكل مثير للقلق، حيث تتجاوز 27 في المئة من عدد المصابين، ما يعادل خمسة أضعاف المتوسط العالمي، وأنه من المرجح أن تكون أعداد العدوى الفعلية أعلى بكثير، نظرا إلى قلة مواد الاختبار”.
مشاركة :