بوتسدام، ألمانيا، أول سبتمبر 2020 (شينخوا) الآن يمكن النظر بإعجاب لصورة كاريكاتورية لمغامرة تان تان في الصين، وبندقية ألمانية طراز (Kar98K) بيعت للصين، ومذكرات لجون رابي بعنوان "أوسكار شندلر الصيني" وذلك في قصر سيسيلينهوف في بوتسدام، على بعد حوالي 40 كم من برلين بألمانيا. تعد هذه القطع الأثرية جزءا من معرض خاص تقيمه ألمانيا للاحتفال بمرور 75 عاما على انعقاد مؤتمر بوتسدام الشهير؛ وهذا المعرض وهو معرض غير مسبوق حيث ينصب تركيزه على المعارك التي دارت في الصين وآسيا إبان الحرب العالمية الثانية. يُعرف قصر سيسيلينهوف الواقع في حديقة كبيرة بكونه الموقع الذي عُقد فيه مؤتمر بوتسدام في يوليو وأغسطس من عام 1945. في الفترة من 17 يوليو إلى 2 أغسطس عام 1945، التقى الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، والرئيس الأمريكي هاري ترومان، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل (الذي حل محله لاحقا كليمنت أتلي) في هذا القصر الذي بني لآخر قياصرة ألمانيا فيلهلم الثاني وزوجته في بداية القرن العشرين، حيث ناقشوا مستقبل ألمانيا التي استسلمت بالفعل، واليابان التي كانت لا تزال في حالة حرب، ونظام ما بعد الحرب. وصرح الدكتور يورجن لوه، وهو مؤرخ وأمين معارض في مؤسسة القصور والحدائق البروسية في برلين-براندنبورغ، الهيئة الإدارية لسيسيلينهوف، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن المؤتمر كان من المقرر عقده في الأصل في برلين، ولكن العاصمة الألمانية كانت حينها قد أصيبت بدمار شديد ولم يكن هناك أي مكان مناسب لإقامة الحدث، قبل اختيار قصر سيسيلينهوف الذي كان سالما ولم يمسسه ضرر. تذكر مناظر القصر الزوار بـ75 عاما مضت. فمقدمة الفناء تزينه نجمة حمراء سوفيتية كبيرة قائمة على شكل تنسيق من الزهور. وداخل القصر، وعلى طاولة مستديرة وُضعت أمام نافذة كبيرة تطل على جونغفيرنسي، تقف الأعلام الوطنية للاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وبريطانيا. هذه هي الطاولة التي تفاوض عليها ستالين وتشرشل وترومان في أعقاب الحرب. وتُعرض على الوضع الذي كانت عليه قبل 75 عاما مضت. وبجوار الغرفة توجد المكاتب الثلاثة التي استخدمها الثلاثة الكبار (بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي) يوما ما. وعلى مكتب تشرشل يمكن للمرء أن يرى أشياء خاصته مثل عصا المشي وقبعة بنما وأنبوب سيجار دنهل. وجميعها أصلية . يروي المعرض الذي أطلق عليه اسم "مؤتمر بوتسدام 1945 - تشكيل العالم"، قصة كيف أدى مؤتمر بوتسدام إلى استسلام اليابان غير المشروط ونحت ألمانيا ما بعد الحرب وما كان يبدو عليه العالم في الحرب الباردة. في المعرض الذي يستمر من 23 يونيو إلى أول نوفمبر، يمكن للزوار تجربة رحلة متعددة الوسائط إلى هذه الأيام المصيرية في صيف عام 1945. لكن كل شيء تغير بسبب جائحة كوفيد-19 الحالية. وقال لوه إن أكثر من 170 ألف زائر يأتون إلى هنا عادة، لكن هذا العام انخفض عدد الزوار بشكل كبير. وتدرس المؤسسة تمديد هذا المعرض الخاص إلى العام المقبل. يعرض المعرض الخاص لأول مرة يوميات جوي ميلوارد، التي كانت آنذاك تبلغ من العمر 19 عاما وتعمل سكرتيرة للوفد البريطاني. استمرت في كتابة مذكرات كل يوم في ذلك الوقت، لتقدم سجلات مباشرة للحدث التاريخي. ويعرض المعرض مسار المؤتمر والأنشطة التي عقدت هامشه، بما في ذلك الولائم ذات المأكولات الفرنسية الفاخرة وحفلات الرقص. والأمر الأكثر إثارة للإعجاب هو أن المعرض يعرض لأول مرة الكثير من القطع الأثرية المتعلقة بالحرب في آسيا، وخاصة في الصين. وينقل الملصق الكبير لإحدى مغامرات تان تان والخلفية ذات الطراز الشرقي الزوار إلى آسيا في الثلاثينيات. خلال مؤتمر بوتسدام، بعد أكثر من شهرين من استسلام ألمانيا النازية، كانت الحرب في آسيا لا تزال مستعرة. وفي 26 يوليو، أصدرت الولايات المتحدة وبريطانيا والصين إعلان بوتسدام، الذي يدعو إلى الاستسلام غير المشروط لليابان. يتضمن المعرض فيلما قصيرا، يصور الحرب بين اليابان والصين بدءا من حادثة موكدين في 18 سبتمبر 1931، عندما احتلت اليابان شمال شرق الصين. كما تم عرض حوادث كبرى أخرى، مثل حادثة جسر لوقو (المعروف أيضا باسم حادثة جسر ماركو بولو)، ومذبحة نانجينغ، وبناء طريق كونمينغ-بورما، وهو شريان حياة لإمداد الصين بعد قطع الطرق البحرية والبرية خلال زمن الحرب. ويظهر مقطع الفيديو جنودا يابانيين وهم يقتلون مواطنين صينيين عزلا أو يدفنونهم أحياء. إنه لا يروي فقط ما دار في الخطوط الأمامية من المعارك التي خاضها الجيش الوطني الصيني بقيادة الكومينتانغ، وإنما أيضا معارك المقاومة التي قادها الحزب الشيوعي الصيني في المناطق التي احتلتها اليابان. وقال لوه إن الناس في الغرب عادة ما يهتمون بما حدث على المسرح الأوروبي فقط. لا يعرف الكثير منهم حتى أن الحرب قد بدأت بالفعل قبل أن تغزو ألمانيا بولندا. كما أنهم لا يميلون إلى معرفة أنه بعد استسلام ألمانيا النازية، استمرت الحرب في آسيا. وأشار لوه إلى أن "المعرض الخاص يركز بشكل أكبر على آسيا خلال الحرب. نحتاج إلى إخبار الزوار بما كان يحدث في آسيا. إنه جزء من تاريخنا"، مضيفا أن العديد من القطع الأثرية المتعلقة بالصين وأجزاء أخرى من آسيا في هذا المعرض الخاص سيتم دمجها في المعرض الدائم للقصر. سجلت مذكرات جون رابي المذبحة الوحشية التي تعرض لها المواطنون بعد أن احتلت القوات اليابانية العاصمة الصينية في ذلك الوقت، نانكينغ (نانجينغ). وساعد رابي، ممثل شركة ((سيمنز)) الألمانية، في إنشاء منطقة نانكينغ الآمنة التي آوت ما يقرب من 200 ألف صيني من المذبحة أثناء وقوعها. بعد أيام من مؤتمر بوتسدام، ألقت الولايات المتحدة قنابل ذرية على هيروشيما وناجازاكي في اليابان، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص وتدمير المدينتين. وفي غضون ذلك، شن الجيش الأحمر السوفيتي هجوما على منشوريا التي كانت تحتلها اليابان شمال شرق الصين. ودفعت هاتان الخطوتان اليابان إلى الاستسلام دون قيد أو شرط لقوات الحلفاء في 2 سبتمبر 1945 على حاملة الطائرات الأمريكية ميسوري في خليج طوكيو. وقال لوه إن "العالم لا يحتاج إلى حرب باردة أخرى". وأضاف المؤرخ "على الناس استخلاص العبر من التاريخ بشأن ضرورة قيام الدول بتنحية الخلافات الأيديولوجية جانبا" والتعاون معا. وذكر "هذا ما نحتاجه لنصبح عالما أكثر أمنا وسلاما".
مشاركة :