بغداد 26 فبراير 2020 (شينخوا) تعرضت محافظة ديالي شرقي العراق إلى انخفاض كبير في نسبة انتاج مناحل العسل خلال عام 2019 والذي وصل فيه إلى أدنى مستوياته وذلك بسبب سيطرة مسلحو تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية ( داعش) على المدينة. ويصف خليل الجبوري صاحب منحل أن المرحلة التي يمر بها أصحاب مناحل العسل تعد أسوء مرحلة.. ويشير بحسرة وهو يقف على أطراف بستان صغير بالقرب من بلدة المقدادية ( 45 كم) شمال شرق مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالي شرقي العراق، حيث يتواجد ما تبقى من منحله الكبير. وقال الجبوري لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن هذا "المنحل كان يضم في السابق اكثر من 150 خلية نحل ولم يتبق منها اليوم سوى 20 خلية". وأضاف انه في ربيع عام 2014 قام بنقل منحله إلى أرياف مدينة الموصل شمالي العراق ، حيث تنتشر أنواع الزهور الربيعية التي يحتاجها النحل للتغذية وانتاج العسل الجيد، ولكن حدث ما لم يكن بالحسبان، إذ استولى مسلحو تنظيم ما يعرف بالدولة الاسلامية (داعش) على المدينة والمناطق المحيطة بها بعد نحو شهرين من نقل المنحل وتحديدا في شهر يونيو من ذلك العام. وتابع الجبوري، انه نتيجة لظروف الفوضى التي سادت البلاد بعد سيطرت (داعش) على الموصل ومحيطها لم اتمكن من الوصول إلى المنحل للقيام بأعمال الفحص الدوري وإعطاء العلاجات اللازمة ومتابعة التغذية الأمر الذي أدى إلى فقدان أكثر من 50 بالمائة من المنحل وإصابة ما تبقى من خلايا النحل بأمراض مختلفة. واسترسل الجبوري، انه تمكن وبمساعدة بعض الأصدقاء من إعادة ما تبقى من منحله إلى بلدة المقدادية بمحافظة ديالي، لافتا إلى أن الظروف أيضا لم تكن مناسبة حيث سيطر التنظيم المتطرف على المقدادية والمناطق المجاورة لها، مما تسبب بهلاك المزيد من خلايا النحل ولم يتبق منها سوى 20 خلية بسبب الإهمال وانتشار الحرائق نتيجة المعارك مع التنظيم. وأقر علوان المياحي، رئيس الجمعية النموذجية للنحالين في ديالي بأن "عام 2019 هو الأدنى في إنتاج العسل في المحافظة بشكل عام، مبينا أن الانتاج لم يتجاوز حاجز الـ100 طن وهو أقل مما كان ينتج قبل 2014 والذي وصل إلى 500 طن سنويا". وتعد الجمعية النموذجية أكبر الجمعيات المتخصصة بتربية النحل ورعايته في محافظة ديالي وتضم في عضويتها المئات من النحالين من عموم المحافظة. وأوضح المياحي، أن" عوامل متعددة تقف وراء الانهيار الكبير في إنتاج العسل أبرزها تداعيات أحداث يونيو 2014 ، بالإضافة إلى قلة المساحات الخضراء وتبعات الحرائق التي سجلت العام الماضي أرقاما مرعبة خاصة في الأرياف، اذ سجلت المحافظة أكثر من الفي حريق التهمت مساحات واسعة من البساتين والأراضي الزراعية وهذا الأمر انعكس سلبا على تربية النحل، ناهيك عن تفشي العديد من الأمراض التي فتكت بالمناحل في ظل انعدام الدعم المقدم من قبل الحكومة لأصحاب المناحل. وأكد مهند الشمري، صاحب منحل، أن" ديالي تنتج أنواع متعددة من العسل وهو الأجود قياسا بمحافظات كثيرة لكن تربية النحل تمر بتحديات حقيقية على الأرض خاصة وأن لم يجر دعم ملف أحياء المناحل المتضررة رغم أنها تمثل قطاع اقتصادي كبيرة يمول مئات الأسر ويمثل مصدر رزقها الرئيسي". وأضاف أن" إنتاج العسل يواجه مشكلة أخرى تتمثل بتدفق العسل المستورد وبأسعار زهيدة جدا بدأت تؤثر على العسل الطبيعي العراقي الذي يمتاز بالجودة العالية، إذ أن فرق الأسعار يمثل تحديا كبيرا للنحالين ومنتجي العسل". ولفت الشمري إلى أنه "للأسف لا يوجد تسويق متطور للعسل العراقي رغم جودته قياسا بالمستورد، مبينا أن مهنة النحال تمر بتعقيدات كبيرة رغم أنها يمكن أن تتحول إلى مصدر اقتصادي كبير". وبين أن أهم أنواع العسل في ديالي، هي عسل القداح(زهور البرتقال) وهو الأكثر رواجا والكالبتوز الأسود والأبيض والبرسيم والشوكيات و زهرة عباد الشمس والسدر، مبينا أن اسعاره تتراوح ما بين 25 - 30 الف دينار للكيلو جرام الواحد. إلى ذلك أوضح علاء حسن الخيلاني مهندس زراعي أن" أكبر التحديات التي يواجهها أصحاب المناحل في ديالي، هي انتشار الأوبئة والأمراض التي تصيب خلايا النحل وعدم وجود دعم حكومي للناحلين سواء بتوفير الأدوية واللقاحات أو الدعم المادي لهم وكذلك الاستيراد غير المبرمج للعسل وبروز ظاهرة الغش التي يمارسها البعض ما يدفع إلى ضرر بالغ يدفع ثمنه النحالون الذين يبيعون عسل طبيعي بجودة عالية بسبب فرق الأسعار". أما أبو صباح الطائي، صاحب متجر كبير لبيع مختلف أنواع العسل الطبيعي في بعقوبة فقال، إن" الأسواق أصبحت اليوم تعج بأنواع العسل المستورد بأسعاره المنخفضة وهذا الامر انعكس على مبيعات العسل الطبيعي العراقي الذي يمتاز بجودته العالية وارتفاع اسعاره"، مبينا أن ثمن الكيلو جرام من العسل العراقي يبلغ 25 دولارا ، فيما يتم بيع بعض أنواع العسل المستورد ما بين 10 إلى 15 دولارا. وأشار الطائي، إلى أن" صناعة العسل في ديالي يمكن أن تنهض من خلال إيقاف الاستيراد بشكل كامل ودعم المناحل ومساعدتها على إعادة حيويتها ويمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال سنتين إلى ثلاث سنوات"، لافتا إلى أن صناعة العسل مهنة مربحة ولكنها تواجه تحديات في أشكال مختلفة منها بيئية بالإضافة إلى الآفات ، ناهيك عن التقلبات المناخية التي لها تأثير كبير على النحل وانتاجيته من العسل.
مشاركة :