السينما السعودية.. أحلام تتحقق

  • 9/3/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ليس مجرد مهرجان، فرضته جهات رسمية، أو رؤية تكميلية في الوضع الثقافي، بل شغف محبي السينما وشغف الشاعر مؤسس ومدير مهرجان أفلام السعودية، الذي لا يضع حدوداً لأحلامه، وكلما تقدم خطوة نظر للمزيد من النجاحات، وها هو اليوم وبإصرار من محبي السينما في السعودية، يقام مهرجانهم هذا العام، حتى لو كان افتراضياً بسبب جائحة «كوفيد 19»، التي اجتاحت العالم، ولكن شغف الإبداع تجاوز تفشي الوباء، من خلال الفعاليات الافتراضية. ولم يغفل مهرجان أفلام السعودية في دورته السادسة، الذي افتتح أبوابه يوم الثلاثاء الماضي ويستمر لمدة ستة أيام، إقامة الورش والندوات وتوقيع الكتب والمقهى الثقافي، الذي يصاحب المهرجان منذ انطلاقته في عام 2008، وبعد مرور عشر سنوات، يقيم هذه الدورة، بالتعاون مع مركز الملك عبدالعزيز «إثراء». الشاعر والكتاب أحمد الملا، مدير المهرجان، يتحدث عن البدايات، فيقول: «ليتني أستطيع اختزال المسافة كلها في هذه الجملة، التي اختارها المهرجان شعاراً له في الدورة الخامسة: أحلام تتحقق». ويضيف أن الدورة الأولى التي أقيمت في مايو 2008، كانت أشبه ما تكون بمغامرة محفوفة بالمخاطر التنظيمية، في ظروف مناخية قاسية، تتنقص من الفنون وكل ما يتصل بالإبداع البصري، وكانت سباحة ضد التيار وغالبية المراقبين من على الضفاف موقنون بغرق هذا «المجنون»! ويضيف: رهاننا الوحيد حينها كان على حماس وطاقات الشباب صناع الأفلام السعوديين، وهو الطوف الذي لم يخذلنا أبداً. «إثراء» منارة الضوء العالية وعن الشراكات، قال الملا: ونحن نعمل على إعداد الدورة السادسة، نشهد للمهرجان بأنه نجا من البدايات المفخخة، وها هو يزهو بعلاقته العميقة والحميمة مع صناع الأفلام، ويستظل بشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء»، الذي رعى المهرجان منذ دورته الثانية حتى الآن.. وفي هذه الدورة السادسة نتلقى لأول مرة دعم هيئة الأفلام بوزارة الثقافة، حديثة التشكل، التي تنعقد عليها الآمال السينمائية السعودية. الجائحة وتغير المواعيد وحول ما فرضته جائحة «كوفيد 19» على المهرجان، قال الملا: «نفذ المهرجان خططه الإعدادية قبل الجائحة، حيث وصلت استعداداتنا إلى 80 % من جاهزية البرامج والمحتوى، ثم فرضت الاحترازات الصحية شروطها على العالم، وعندها أعلنّا تأجيل الدورة، مباشرة بدأنا في تقليب الاقتراحات والفرص، ومنها الاستفادة من البدائل بأقصى ما يمكن، وهو ما توصلنا إليه، بحيث ستكون فعاليات الدورة مستمرة 24 ساعة طوال أيام المهرجان الستة. وتتنوع البرامج بين عروض أفلام المسابقات ذات الجوائز المتعددة، ندوات، ورش، محاضرات، حفلات، قراءات في الكتب التي ينتجها المهرجان، مقهى صناع الأفلام، برامج للأطفال، استعادة الأفلام الفائزة في الدورات السابقة.. وغالبية هذه البرامج تفاعلية بين المشاركين والمشاهدين، إضافة إلى تصويت الجمهور على بعض جوائز المهرجان، وما نستفيده من هذه التجربة سننقله معنا إلى الدورة الواقعية القادمة، وعلى رغم كل الإمكانيات التي ستوفرها النسخة الافتراضية، إلا أننا لن نتنازل عن المهرجان الواقعي عند أول فرصة. لم نلغِ فعاليات وهيئة الأفلام مظلة تنظيمية وحول تغير البرنامج، وإلغاء بعض الفعاليات، قال الملا: «على العكس، ليس هناك إلغاء لأي برنامج، ضممنا مسابقة إلى أخرى فقط، لتكون 4 مسابقات، أما البرامج الإضافية فهي أكثر من 5 برامج مستحدثة». وعن هيئة الأفلام، التي تم استحداثها مؤخراً في السعودية، يقول الملا: أعتقد أن هيئة الأفلام ستكون المظلة التنظيمية، والراعي لقطاع السينما في السعودية، مع كثير من الأدوار التشجيعية الداعمة، أتمنى أن يستمر تنفيذ المهرجانات عبر مؤسسات أهلية، مثل مهرجان أفلام السعودية ومهرجان البحر الأحمر السينمائي، والمملكة في حاجة إلى أكثر من مهرجانين. ما بين الإداري والشاعر وعن تأثير العمل الإداري على تجربة أحمد الملا الشعرية، قال: «أحاول دائماً أن لا يسرق دوري الإداري من الشعر الذي لا أساوم عليه، المهرجان والأفلام عموماً، حالة شعرية بالنسبة لي، أخوضها بمخيلة الاكتشاف والدهشة، وهذا نبع آخر يروي ظمأ الشعر الأبدي، علماً بأن تراكم خبرة لأكثر من 30 عاماً في الإدارة الثقافية والفنية، علمني كيف أحافظ على شعلة الشعر متقدة، أحاول دائماً ألا أخلط بين الإداري والمبدع، ويسعدني أني أفشل باستمرار». بسام الذوادي: أهم مهرجان في الخليج العربي من جانبه، المخرج البحريني بسام الذوادي، من الشخصيات التي تابعت المهرجان منذ انطلاقته في عام 2008، قال: إنه من أهم المهرجانات الآن في الخليج بعد توقف بعض المهرجانات الأخرى، و«هذا المهرجان فتح الآفاق السينمائية أمام الكثير من الصناع والمهتمين السينمائيين، وأوجد فرص التلاقي والاحتكاك، والاطلاع على تجارب الآخرين بشكل بسيط وسلس، وأعتقد أنه بجانب عرض أفلام المسابقة والبانوراما، فإن وجود ورش العمل والندوات، وإصدار الكتب أعطى المهرجان بريقاً سينمائياً ثقافياً جميلاً لكل من يشارك فيه ومن لم يشارك أيضاً، فقد أصبحت هذه الجوانب الثقافية مرجعاً مهماً لكل مطلع ومهتم بالسينما في الخليج والعالم، وبصراحة هذا المهرجان، الذي ندعو الله أن يستمر أصبح نافذة مهمة لجميع المبتدئين والمحترفين في الخليج والوطن العربي». ويضيف الذوادي، قائلاً: هذا المهرجان مقابل بعض المهرجانات الأخرى، يعتبر الأهم أولاً للخليج العربي، وأتمنى التركيز على الخليج العربي وهويته لاحتياج المنطقة لصناعة وثقافة سينمائية بشكل أكبر من بقية الدول العربية، وكلما كان هذا المهرجان يطلق الأفلام الخليجية للعالم زادت أهميته بالنسبة لدول العالم الأخرى، فالتخصص مهم جداً، وعدم مسايرة المهرجانات الغربية لوجود الصناعة لديها، كما أعتقد أيضاً أن جميع المهرجانات تبحث عن هوية جديدة لتعرضها، وهذا المهرجان بهويته الخليجية سيجذب العالم إليه، وهذا لا يمنع وجود أفلام أخرى من مختلف بقاع العالم، ليطلع عليها الشباب الخليجي، ويتعرف على الثقافات الأخرى، ولكن المهم التركيز على هؤلاء الشباب، ودفعهم للتعرف على العالم. ثقافة بانورامية في الخليج عن النشاط الثقافي في منطقة الخليج، كانت للشاعر أحمد الملا، مدير المهرجان، وجهة نظر، حيث قال: إنها ثقافة بانورامية ويمكنني القول إنه ليس هناك ما يُجمع على تسميته «الثقافة في الخليج».. بل علينا النظر بواقعية لنقول إن هناك ثقافة لكل دولة، تتفاوت فيما بين نشاطاتها، في السعودية بدأنا نلمس التحولات الكبرى في مضمار الثقافة الشاملة، وانعكاساتها المباشرة على المجتمع، وتقود وزارة الثقافة المشهد بآليات جديدة، تشجع الإبداع وتحفز الجهات الأهلية على المبادرات النوعية، وها نحن نرى المستقبل يقترب أكثر من قبل. مهرجان للأفلام الروائية عن المستقبل، قال بسام الذوادي: أتمنى في يوم من الأيام أن يتحول هذا المهرجان إلى مهرجان للأفلام الروائية الطويلة، لأنه وإدارته يملكون الرؤية والثقافة والطموح، ولذلك أشعر بأنه يجب أن يبدأ في دعم وتشجيع الأفلام الروائية الطويلة وليس القصيرة فحسب، فالفيلم الروائي الطويل يجعل الصانع يحتك بالمنتج ودور العرض وشباك التذاكر والجمهور والمنصات الإلكترونية في العالم، وهذا سيصقل فكره وطموحه، ولذلك على المهرجان أن يركز على صانع الفيلم، وكيف يحقق الربح أو الخسارة من خلال أفلامه. كما أن التمثيل أيضاً أمام الكاميرا مثلما يعلم الجميع مختلف عن المسرح، ولذلك فالتركيز على ورش العمل في التمثيل السينمائي سيعطي فرصة لكل الممثلين، للتعرف على أدوات السينما، وكيفية استغلالها أمام الكاميرا. وأعتقد أن مهرجان أفلام السعودية يملك هذا الطموح، وخصوصاً بعد فتح صالات السينما في المملكة العربية السعودية، فقد أصبحت الصالات بحاجة للفيلم الروائي الطويل بكل أنواعه. لقد أصبح مهرجان أفلام السعودية بالنسبة للخليجيين، هو البوابة المهمة لمعرفة النفس والآخر، في وقت لا تزال فيه بعض المهرجانات تتخبط لعدم وجود خطط ورؤية مستقبلية لها.

مشاركة :