مطبات جديدة تضعها الأزمة اليونانية في وجه منطقة اليورو

  • 7/27/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

عندما تفاقمت أزمة الديون قبل أربع سنوات سارع المستثمرون لبيع الأصول المالية لمنطقة اليورو خشية الانهيار المفاجئ للاتحاد النقدي الأوروبي. فقد تراجع اليورو بنسبة 20% بين مايو/أيار 2011 ويوليو /تموز 2012. ومع موجة نزوح الاستثمارات تعهد البنك المركزي السويسري باتخاذ كل ما يلزم لحماية الفرنك كإجراء منفصل. لكن هذا العام كان مختلفاً. فقد تعلم المستثمرون من تجربتهم السابقة أن هناك روابط متينة تمسك بمنطقة اليورو، وأن البنك المركزي الأوروبي سوف يدافع عن هيبته. ورغم المواقف المتناقضة للزعماء السياسيين في الاتحاد من قضية خروج اليونان أو بقائها ضمن منطقة اليورو حافظت العملة الموحدة على استقرارها. فما الدروس المستفادة من الأزمة السابقة؟ والأهم من ذلك هل تلك الدروس تبرر ردة فعل الأسواق الحالية التي تميزت بمنتهى الرصانة؟ أهم تلك الدروس أن القوى التي تمسك بمنطقة اليورو لا تزال قوية.فمنذ معاهدة ماستريخت لعام 1992 اتسم مشروع اليورو بسمات سياسية في الغالب. فقد حرص هيلموت كول المستشار الألماني يومذاك،على دمج ألمانيا بأوروبا قوية ومتكاملة، بينما حرص الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتيران على تحييد قوة ألمانيا الجديدة بعد توحدها. وقد التزمت أنجيلا ميركل في اللحظات الأخيرة من قمة الاتحاد الأسبوع الماضي بهذه القاعدة. فقد وضعت حداً لمساعي وزير ماليتها لإخراج اليونان من منطقة اليورو. وهكذا خسر رهان المستثمرين الذين راهنوا على خروج اليونان. ولم يكن عددهم كبير بدليل أن تداولاتهم في السندات والأسهم الأوروبية خلال الأسبوع الماضي للتخلص من حيازاتهم كان في حدود المألوف. لكن ما يثير القلق أن الروابط السياسية التي تمسك بمنطقة اليورو ليست بالقوة التي تعتقدها الأسواق. فقد كانت ميركل قاب قوسين أو أدنى من الموافقة على خروج اليونان أو انفصالها عن منطقة اليورو بدليل أن وزير مالية اليونان المستقيل، يانس فاروفاكيس، قال أن الحكومة اليونانية المنتخبة في يناير/كانون الثاني الماضي، وضعت في حسابها الانفصال من اليوم الأول. والدرس الثاني هو أن التفكير الألماني يفضح الأماني الفرنسية منذ الثمانينات وحتى اليوم.فالرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند يرغب في منطقة يورو متعاونة يساعد القوي فيها الضعيف، شرط أن تبقى ملتزمة بالقوانين التي تحفز على الترشيد المالي أو التقشف. والدرس الثالث هو أن البنك المركزي الأوروبي قوي جدا.فتجربة برنامج التيسير الكمي التي أطلقها بداية العام الحالي أكبر من قضية اليونان وقد نجحت حتى الآن في ضمان استقرار منطقة اليورو وتحفيز اقتصادها وضبط معدلات التضخم فيها بخفض قيمة اليورو بنسة 25% خلال عشرة أشهر. وقد كف المركزي السويسري عن محاولات دعم الفرنك. وشهد عام 2012 بداية الثورة.فقد أعرب رئيس البنك ماريو دراغي عن تقديم كل ما يمكن لمنع تفكك منطقة اليورو. وتم احتواء عدوى ديون اليونان واحتمال انفصالها هذا العام لأن المستثمرين راهنوا على تدخل قوي للبنك المركزي الأوروبي على شكل شراء أصول بكميات ضخمة إذا دعت الضرورة.لكن المركزي الأوروبي يعمل في إطار قوانين منطقة اليورو. فقد دفع اليونان إلى حافة الانهيار وتعطيل نظامها المصرفي إن لم تتوصل إلى اتفاق مع دائنيها. وتاريخيا تتدخل البنوك المركزية في كل الأزمات الحكومية الناشئة عن تراكم الديون وهو الرسالة التي أراد المركزي الأوروبي أن يوصلها للدول الأعضاء الأخرى في حال تعرضها لأزمات. فهل يخرج اليورو أشد قوة بعد الأزمة الأخيرة ؟ ربما، فيما لو أسفرت السياسة الاقتصادية الألمانية عن معدلات نمو اقتصادي أفضل. لكن حتى لو تمت الموافقة على صفقة الانقاذ فسوف تطول ورطة الاقتصاد الألماني. فالمخاوف من انفصال اليونان لن تتلاشى ولا بد للبنك المركزي الأوروبي من سياسة نقدية شديدة المرونة للتخلص من العلل في كامل منطقة اليورو.

مشاركة :