طرابلس - أكدت مصادر ليبية أن لقاء سريًّا سيعقد في جنيف في الخامس والسادس من سبتمبر الحالي، يحضره ممثلون عن البرلمان في طبرق وحكومة الوفاق في طرابلس، وهو أول لقاء مباشر بين ممثلي الفريقين منذ قبولهما بوقف إطلاق النار الشهر الماضي، وسط أجواء تفتقد إلى الحد الأدنى من التوافق على الركائز الأساسية للحوار. وأضافت المصادر في تصريح لـ”العرب” أن اللقاءين سيعقدان برعاية الأمم المتحدة، وجاء كلاهما كحصيلة لتحركات قامت بها المبعوثة الأممية بالنيابة ستيفاني ويليامز التي تحاول الإيحاء بأن عجلة العملية السياسية لن تتوقف ويمكن أن تدور، رغم الصراعات المحتدمة في طرابلس بين رئيس الحكومة فايز السراج ووزير الداخلية فتحي باشاغا الموقوف عن ممارسة عمله. عقيلة صالح عازم على الانفتاح على جميع القوى السياسية في ليبيا عقيلة صالح عازم على الانفتاح على جميع القوى السياسية في ليبيا ويحاول رئيس حكومة الوفاق تعزيز نفوذه السياسي، والقيام باستدارة سياسية على أكثر من مستوى، لكسر شوكة غريمه باشاغا، بعد أن أصبحت الحرب بينهما معلنة وشخصية، ووسط تزايد الشكوك حول قدرتهما على مواصلة العمل معا الفترة المقبلة. وقامت ستيفاني قبل أيام بجولة قادتها إلى كل من المغرب ومصر وتونس من أجل ضمان دعم دول الجوار لتحركاتها السياسية، وتبليغ رسائل تشي بالأمل، وبأنها قادرة على تحمل مسؤولية صعبة لم يستطع ستة مبعوثين دوليين قبلها تحقيق اختراق فيها. ومضى نحو ستة أشهر على ممارسة ستيفاني عملها بالإنابة، عقب استقالة المبعوث السابق غسان سلامة، ولم تتمكن الأمم المتحدة من اختيار مبعوث جديد أو تثبيت ستيفاني في منصبها، لأن الهوة واسعة بين الأسماء التي تطرحها جهات مختلفة. ويتحفظ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على الدخول في صدام مع أي من القوى التي ترشح أسماء مبعوثين، ويتردد في اختيار أي منهم، خاصة أن التجديد له في منصبه سوف يحل العام المقبل، الأمر الذي يتطلب تحاشي الانقسام حوله، وموافقة الأغلبية، والقوى المؤثرة في المنظمة الدولية. واستمعت ستيفاني خلال زيارتها للقاهرة يومي السبت والأحد، إلى وجهة نظر مصر، واستحسنت استمرار تأييدها للحل السياسي، طالما أنّ له أفقا في المدى القريب. واستوعبت كمَّ معلومات تلقتها بشأن المطبات والعراقيل التي يمكن أن تواجهها هذه المسيرة على المستويين الداخلي والخارجي، وبدت مصممة على مبادرتها للانفتاح على جميع القوى والفرقاء، والضغط عليهم للجلوس معا. ويتزامن اجتماع جنيف المنتظر مع عقد لقاء آخر بالمغرب، في الفترة نفسها تقريبا، بين ممثلين للبرلمان ومجلس الدولة (جسم استشاري انبثق عن اتفاق الصخيرات ويتكون من أعضاء المؤتمر الوطني، أغلبهم إسلاميون)، لتقريب المسافات بين القوى المتخاصمة. وأعلن رئيس مجلس الدولة خالد المشري، في التاسع عشر من أغسطس الماضي بعد زيارة إلى الرباط، استعداده للقاء رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح في المغرب، دون شروط مسبقة، في حين ما زال صالح يلتزم الصمت. وترى المصادر أن عقيلة صالح أصبح الواجهة السياسية في الشرق الليبي، وأنه عازم على الانفتاح على جميع القوى في كل أنحاء ليبيا، الراغبة في الحل السياسي، بصرف النظر عن ميولها وانتماءاتها. وأسهمت ستيفاني ويليامز في القبول بوقف إطلاق النار من جانب كل من صالح والسراج، في توقيت متقارب، وتطمح للبناء عليه سياسيا، وتجاوز هشاشته العسكرية. وفي ظل الصراع بين الشخصيات الرئيسية في طرابلس، السراج وباشاغا والمشري، وغموض المشهد العام، يتصرف رئيس البرلمان الليبي بمسؤولية سياسية بدأت تلفت انتباه دوائر غربية إلى مبادرته السابقة بشأن تغيير الحكومة الراهنة وتعديل تشكيلة المجلس الرئاسي، لتشمل أقاليم ليبيا الثلاثة الرئيسية، برقة وطرابلس وفزان. اقرأ أيضاً: إعادة باشاغا إلى منصبه تنزع فتيل الحرب بين مصراتة وطرابلس وأسفر تصاعد حدة الخلاف بين الطبقة السياسية في طرابلس، والصراع على الولاءات، ووقوع احتكاكات بين الميليشيات، عن زيادة الشكوك في الشرعية التي يتصرف بموجبها السراج، والخوف من حدوث انفلات كبير أو انقلاب تلعب فيه تركيا دورا مهما، ما جعل فكرة تعديل اتفاق الصخيرات غير مستبعدة. وأبدى متابعون للأزمة تحفظهم على قدرة اجتماع جنيف أو المغرب المباشرين في تحريك المياه الراكدة، كما أن الحوارات غير المباشرة بين الفرقاء العسكريين في إطار ما يسمى بـ”5+5″ لا تزال عقيمة. ووصف أحد المتابعين في تصريح لـ”العرب” هذه النوعية من الاجتماعات بأنها “محادثات علاقات عامة لن تستطيع الخوض في عمق الأزمة لأنها أكبر من ذلك، وكل طرف يريد تثبيت مكانه على الطاولة تحسبا لوقوع مفاجآت في مشهد حافل بالعواصف السياسية والعسكرية، ولا أحد يضمن مصيره”. وتوقعت مصادر سياسية ليبية أن تلقى هذه التحركات رفضا من قبل الأطراف العسكرية وخاصة من قبل الجيش الليبي الذي لم يتردد في إعلان رفضه للمبادرة التي أطلقها السراج، وهي مبادرة تتسق في الكثير من تفاصيلها مع البيان الذي أصدره صالح خلال نفس يوم إعلان السراج. وينظر الكثير من السياسيين الليبيين الموالين للجيش بعين الريبة إلى تحركات عقيلة صالح، التي تهدف حسب رأيهم إلى إطالة عمر البرلمان وإعادة تدوير نفس الوجوه المحسوبة على تيار الإسلام السياسي التي انقلبت قبل ست سنوات تقريبا على انتخابات البرلمان، وهو الانقلاب الذي فجر الأزمة وأدّى إلى انقسام سياسي في البلاد. وشن عضو المؤتمر الوطني العام السابق التواتي العيضه، هجوما لاذعا على عقيلة صالح. وقال في تدوينة على حسابه الشخصي في فيسبوك “عقيلة صالح يكذب في العلن ويتآمر في السر. إما أنه لا يدرك خطورة ما يقوم به، أو أنه منغمس في المؤامرة حتى أذنيه من أجل مصلحته الشخصية”. وأضاف العيضه “القادم هو أسوأ من أي صخيرات ونتائجه ستكون مدمرة على المستوى الوطني. سيجعلون من سرت كشمير ليبيا ويختصرون الأزمة الليبية في صراع بين الشرق والغرب”.
مشاركة :