تعقد الولايات المتحدة واليابان وعشر دول أخرى من منطقة المحيط الهادئ اجتماعا غدا لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق الشراكة الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ. وبحسب "الفرنسية"، فإن هذا الاتفاق على غرار نظيره الأوروبي المثير للجدل (اتفاق التجارة والاستثمار عبر الاطلسي) يتعرض للانتقاد لأن المحادثات بشأنه تتم وسط تعتيم إعلامي وبهدف غير معلن هو تعزيز الشركات المتعددة الجنسيات. إلا أن الدول الـ 12 التي تلتقي اعتبارا من الغد في هاواي تؤكد أن هذا الاتفاق سيعزز النمو في المنطقة وسيفرض على الصين التي لا تشارك في المفاوضات أن تفتح اقتصادها بشكل أكبر. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما وهو من المدافعين عن المعاهدة أعلن في أيار(مايو)، أنه إذا لم تحدد الولايات المتحددة قواعد التجارة العالمية فإن الصين ستقوم بذلك وبشكل يصب في مصلحة المؤسسات والعمال في الصين. وبعد مفاوضات بدأت قبل سنوات، تأمل واشنطن التي تمثل مع شركائها 40 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي العالمي، بأن يؤدي اللقاء في هاواي إلى اتفاق أو سيسمح على الأقل بوضع أسس لتسوية على المدى القصير. وفي مطلع الشهر الجاري، أعلنت الحكومة الأسترالية أنها تتوقع التوصل إلى اتفاق في الأسابيع الثلاثة أو الأربعة المقبلة. وألقت الولايات المتحدة بثقلها لدفع المحادثات قدما على أمل تخفيف القيود الجمركية لتسريع المبادلات. وبعد معركة صعبة في الكونجرس، حصل أوباما في أواخر حزيران (يونيو) على السلطات التي تخوله تسريع التفاوض بعد معارضة من قبل الديموقراطيين. ويعتبر الرهان كبيرا أيضا بالنسبة إلى الدول الأخرى التي يشملها اتفاق الشراكة الاستراتيجية والواقعة في القارة الأمريكية (بيرو وتشيلي وكندا والمكسيك) وفي آسيا (بروناي واليابان وماليزيا وسنغافورة وفيتنام) وأوقيانيا (أستراليا ونيوزيلندا). وتأمل اليابان، الاقتصاد الثالث في العالم، أن يؤدي الاتفاق إلى إقرار إصلاحات داخلية لا تلقى شعبية من أجل تحرير قطاع الزراعة، فيما تكافح فيتنام لاقتحام أسواق جديدة لا تزال مغلقة أمامها إلى اليوم. واعتبر بيتر بتري الذي قام بإعداد دراسة حول اتفاقية الشراكة الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ لمعهد بيترسون، أنها المفاوضات التجارية الأكثر أهمية منذ 20 عاما. وأضاف بتري أنه سيكون لها فوائد مهمة غير مباشرة على الطريقة التي ستعاد فيها صياغة القواعد التجارية في مختلف أنحاء العالم. إلا أن هذه النقطة هي موضع قلق المجتمع المدني الذي يخشى أن يؤدي اتفاق الشراكة إلى رفع قيود عامة على حساب الحقوق الاجتماعية والبيئية. وأعلنت نقابة "أيه إف إل-سي آي أو" وهي من الأبرز في الولايات المتحدة أنه من الواضح أن اتفاق الشراكة الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ لن يؤدي إلى إنشاء وظائف كما أنه لن يحمي البيئة أو يضمن النوعية الجيدة للواردات، مشيرة إلى أن الشركات المتعددة الجنسيات هي "المستفيد الأول". وبحسب وثائق سرية فإن الاتفاق يمكن أن يتيح لمستثمرين أن يقاضوا دولا وأن يؤدي إلى رفع أسعار الأدوية وتعزيز حماية الملكية الفكرية على حساب المستهلكين. وأكد دين بيكر من معهد "سنتر فور إيكونوميك آند بوليسي ريسيرتش" أن الناس سيدفعون مبالغ أكبر لشراء أدوية أو منتجات عليها براءة اختراع، والأمر مشابه لزيادة في الضرائب. وهذه الانتقادات مشابهة لما تعرض له اتفاق الشراكة الاستراتيجية عبر المحيط الاطلسي والذي لا تزال المفاوضات بشأنه جارية بين الأمريكيين والأوروبيين منذ تموز(يوليو) 2013. ويبدو أن التوصل لتسوية بالنسبة للاتفاق عبر المحيط الهادئ أقرب منها بالنسبة للاتفاق عبر المحيط الاطلسي إلا أن الوقت يداهم إدارة أوباما، فمن المقرر إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في الولايات المتحدة في تشرين الثاني(نوفمبر) 2016 وأي تاخير يمكن أن يعرقل إقرار المعاهدة من قبل الكونجرس الأمريكي.
مشاركة :